«المهاجر الذي حطم الظلم».. مقال قديم لخالد محمد خالد في معنى الهجرة
في مجلة صباح الخير عام 1966 كتب المفكر الإسلامى خالد محمد خالد مقالا بمناسبة بداية السنة الهجرية بعنوان رسول الله المهاجر الذي حطم الظلم قال فيه: بزغ عام هجرى جديد، كانوا طبقتين السادة والعبيد، وانبثق من ضمير الصحراء الساجية رسول كريم جاء يدق أجراس المساواة، ويحطم أغلال الرقيق، وقاد أبو جهل المعركة ضد الحرية.. ولكل أمة أب جهلها.
وذهب وفد الضالين يوما إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتقدم الوليد يسأله: يا محمد أجئتنا لتجعلنا وأشباه ابن سمية الذليل سواء؟ فأجابه محمد: نعم، ولنجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض.. وبهذه العبارة الثورية أعلن محمد حرية العبيد وسيادة المستضعفين، ومضى يؤكد أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وأن هؤلاء الكبار الذين يتوارثون من آبائهم مناصب البك وأمجاده لا يساوون عند الله جناح بعوضة، ما داموا يفقدون الفضيلة، وأن دولة المضطهدون يجب أن تقوم ليرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون.
هجرة رسول الله
وانطلقت أحقاد السادة تعوى اقتلوا محمدا، واقتلوا هذه الطليعة الناشئة فإن في بقائهم فناءنا.
هاجر رسول الله وصحبه لا فرارا بحياتهم بل فرارا برسالتهم التي يجب أن تبلغ مداها حتى تنزل الأرباب الكاذبين عن عروشهم، وحتى نفيء بالعبيد المحرورين إلى ظل لا قيظ فيه ولا هجير.
لا هجرة بعد الفتح
ومضت الأيام تترى، وعاد محمد إلى مكة يقود جيش الخلاص، ومن فوق رباها العالية القى على الأفق البعيد نظرة حالمة، وسرت في نفسه همهمة خافتة.. أين أبو جهل، أين الوليد، أين السادة الأعلون أجمعين..
الوافدة وليست أمته المسلمين وحدهم بل المضطهدين في كل زمان ومكان، وراح يناديهم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.
وتوالت صيحاته تدمدم على عروش القياصرة وذات صباح دخل عليه عمر بن الخطاب فوجد الحصير الذى ينام عليه قد أثر في جنبه فبكى وقال: يا رسول الله أفلا تتخذ لك فراشا لينا؟
فأجاب الرسول في تواضع: أتظنها كسروية ياعمر، إنها نبوة لا ملك، وأن شقاء أمتى يوم يكون فيها كسرى ويكون فيها قيصر.
سيدى أبا الزهراء سلام الله عليك..