حسب الله الكفراوى.. 40 عاما فى خدمة مصر!
رحل المهندس حسب الله الكفراوى فى هدوء، كما عاش سنوات طويلة بعيدا عن الأضواء فى هدوء تام، إذا ذكر اسم حسب الله الكفراوى فى أى مكان وعلى أى مستوى، فان الإشادة به ستكون من الجميع، الإشادة ليس لأنه عمل وخدم مصر لسنوات طويلة تصل إلى حوالى 40 سنة بكل إخلاص، ولكن لأن الجميع يشهد له بنظافة اليد، فقد كان حسب الله الكفراوى نموذجا فريدا وقدوة نادرة للشباب وايضا للجميع.
كنت محظوظا أننى اقتربت من هذا الرجل القامة والقيمة المصرية الكبيرة، بل إننى دخلت بيته البسيط فى 6 أكتوبر مرات عديدة، واستضفته فى مركز رامتان طه حسين الثقافى، وسجلت معه 4 حلقات لإحدى الفضائيات عن رحلته من الطفولة وحتى اعتزاله السياسة والعيش فى هدوء بعيدا عن جلبة السياسة.
هنا سأذكر بعض الأحداث التى ربما لا يهتم أو لا يعرفها الكثيرون، بداية كان المهندس حسب الله الكفراوى فخورا بأن والدته صاحبة كل الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فيما وصل إليه، أصرت على تعليمه طفلا، وأصرت على أن يكون مهندسا فى يوم من الأيام، وقد كان ما سعت إليه هذه السيدة العظيمة.
الكفراوى وعبدالناصر
فى بداية العمل فى السد العالى، كان من أوائل المهندسين الذين عملوا فيه، وذكر موقفا ربما لم يذكره مع أحد آخر، وهو أنه بعد عامين كاملين من البدء فى السد العالى لم يكن العمل يسير كما هو مخطط له، وإذا استمر بنفس الوتيرة فإن السنوات العشر المحددة لبناء السد العالى ربما تصبح عشرين سنة، والسبب أن المعدات الروسية تعمل بكفاءة أقل مما كان متوقعا لها، وقد اجتمع عدد من المهندسين هو أحدهم واقترحوا أن تصل هذه المشكلة إلى الرئيس جمال عبدالناصر، ومعها لابد من تقديم الحل، وكان الحل الوحيد متوفر فى ألمانيا الغربية الدولة التى نعتبرها ضمن حلفاء الغرب المعادى لمصر، وبالفعل تم عقد اجتماع بين وفد من المهندسين والرئيس جمال عبدالناصر، واقترح الكفراوى أن تقوم إحدى شركات القطاع الخاص بشراء الأجهزة ولن يقال إنها للسد العالى، لأنه لو عرفت ألمانيا هذا فلن تبيع لنا الماكينات، استحسن عبدالناصر الاقتراح وأعطى تعليمات للوفد بإغلاق الحديث فى هذا الموضوع تماما، وعاد المهندسون وأبلغوا الجميع بالتصرف بما هو متاح، لأنه لن تستطيع مصر شراء ماكينات من الغرب، وبعد عدة شهور وبعيدا عن الحكومة المصرية تم شراء الماكينات الألمانية وإدخالها وكأنها مهربة من وراء ظهر الحكومة، وفوجئ الجميع بالماكينات الألمانية باستثناء الكفراوى والوفد الذى التقى عبد الناصر.
الكفراوى والسادات ومبارك
الموقف الثانى مع الرئيس السادات وعندما وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد، كلف السادات المهندس حسب الله الكفراوى بإيجاد وسيلة يمكن بها حماية سيناء فى حالة أى غدر من الكيان الصهيونى، فقدم حسب الله الكفراوى مشروعا وهو عبارة عن زراعة سيناء بالقرى الصغيرة، هذه القرى عبارة عن مستويين، الأول على الأرض وهى القرية العادية التى يسكنها البشر، والمستوى الثانى تحت الأرض يكون عبارة عن ثكنة عسكرية كاملة، ووافق السادات على الفور على أن يتم التنفيذ بعد انسحاب الكيان الصهيونى من سيناء، ويقول الكفراوى: تم اغتيال السادات وجاء حسنى مبارك ولكنه لم ينفذ خطة السادات.
الموقف الثالث بعد سنوات من العمل مع الرئيس مبارك طلب أن يستريح بعد مضايقات من رجال الرئيس، فى أحد التعديلات الوزارية فوجئ بالدكتور عاطف صدقى يقول: والله ياباشمهندس كفراوى مش لاقيين بديل لك قلنا تخليك معانا!
هذه الجملة أحزنت الكفراوى جدا كما قال لى، بل إنه فى التعديل الذى تلاه ذهب ليؤدى اليمين الدستورية، ففوجئ أنه وزير دولة، فقرر مغادرة القصر الجمهورى، فى نفس اللحظة التى وصل فيها حسنى مبارك، فاتجه إليه وقال: رايح فين يا كفراوى؟! فرد الكفراوى قائلا: شكرا ياريس كفاية على كده! ابقى بعد العمر ده كله وزير دولة؟! فرد مبارك قائلا: تعالى إحنا هنمشى سوا من السياسة علشان نرتاح! عاد الكفراوى وتم تعديل المسمى !
الموقف الرابع عندما أعلن الدكتور كمال الجنزورى مشروع توشكى، اعترض الكفراوى على المشروع و مدى جديته، وغضب الجنزورى، والطريف أنه اجتمع زكريا عزمى ود.محمود ابوزيد والباز مع الكفراوى لإقناعه ولكن تمسك حسب الله الكفراوى برؤيته.
رحم الله ابن مصر البار حسب الله الكفراوى