ترسيخ البطولة والانتماء.. وتعليم زمان
فى السنوات
الأخيرة وقبل وباء كورونا كانت سياسة وزارة التربية والتعليم الاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة، وعندما إنتشر وباء كورونا كان الإعتماد على التكنولوجيا أكثر
وبعيدا عن الآراء التى تروج له، والآراء التى ترفض أن يكون ما يحدث يعد تطويرا للتعليم، وبعيدا عن صريخ الأسرة المصرية التى ترى أن الاولاد لا يتعلمون شيئا الآن،
وأن ما يحدث هو إنتقال أبنائهم إلى السنوات الأعلى دون أى تحصيل لأى شىء وبالتالى التعليم
لم يعد تعليما، بعيدا عن هذا كله لنا أكثر من ملاحظة مهمة، الأولى من العالم المتقدم
حاليا، والأخرى من تاريخنا.
إلغاء التعليم الإلكترونى
فى الوقت الذى نهتم كثيرا بالتكنولوجيا ونعتمد عليها فى المدارس، فهناك دراسات فى أوروبا أثبتت أن هناك تراجعا فى مستوى الذكاء لدى الأطفال بسبب اعتمادهم على التكنولوجيا، وتراجع أسباب التفكير، وبالتالي تم العودة فى العديد من المدارس إلى الاعتماد على الوسائل التعليمية التقليدية، ومنع اصطحاب التلاميذ أى اجهزة بما فيها التليفونات المحمولة، وأكدت الدراسات أن الحوار المباشر بين التلاميذ والمعلم هو خير معلم لإكساب الطفل الكثير لبناء الشخصية، وتتوقع الدراسات إختفاء الإعتماد على التكنولوجيا فى السنوات القادمة حتى المرحلة الثانوية على الأقل.
الملاحظة الثانية من فنلندا، وإختيارى فنلندا لأن الدكتور طارق شوقى كان دائما ما يؤكد أن هناك من الدول فى العالم تتعلم من تجربتنا منهم فنلندا، هذه الدولة منذ عام قررت المجانية الكاملة فى جميع مراحل التعليم وإلغاء التعليم الخاص!
فى العاشر من مارس 1969، دخل الفصل الاستاذ عبدالحليم شبل علينا كعادته مع بداية الحصة الاولى، ولأنه يأتي من طنطا لقريتنا فإن القطار يصل فى الثامنة إلا عشر دقائق، وبالتالى فان معظم الأيام لا يلحق بالطابور لصعوبة للحضور قبل ذلك نظرا لندرة المواصلات فى ذلك الوقت، كان يدرس أكثر من مادة، اللغة العربية والدين، وأحيانا الألعاب عندما لا يتوفر لدينا مدرس ألعاب، من عادة هذا المدرس الحاصل على دبلوم المعلمين -خمس سنوات بعد الإعدادية- أن يقرأ لنا الصفحة الاولى من جريدة الأخبار يوميا فى بداية الحصة الأولى وخاصة أخبار المعارك مع العدو الصهيونى، ويشرح فى دقائق الأحداث مؤكدا فى كل مرة حتمية تحرير الأرض المغتصبة، وكان يقصد كل الأراضى العربية وعلى رأسها فلسطين، فى العاشر من مارس دخل الفصل ووجهه أسود ويبدو عليه كل ملامح الحزن والغضب، وكعادتنا قلنا: الأخبار يا استاذ؟! فرد بعفوية شديدة: الأخبار وحشة قوى!
مكاسب التعليم المباشر
سيطر الصمت علينا وكنا صغار لا نعرف ماذا نقول؟! وإذا به يقرأ خبر إستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض وتساقطت الدموع من عينيه، نعم بكي أمامنا وكان يحاول أن يتمالك نفسه، وبعد استعادته لنفسه تحدث عن البطل الشهيد وأن مصر كانت تعقد الآمال عليه لأنه يعد من أبرع وأخلص الرجال لتراب الأمة العربية، خاصة أنه حارب فى أكثر من جبهة عربية منها الأردن وسوريا!
وكان معروفا مسبقا أن هناك رحلة سنوية وأحيانا إثنتين إلى مدينة طنطا أو مدينة المحلة، وكان هذا فى المرحلتين الابتدائية أو الاعدادية، وأذكر هنا يوم ذهبنا إلى طنطا فى صحبة الأستاذ عبد الحميد شبل، وكان برنامج الرحلة زيارة المصانع الجديدة التى أنشئت فى عصر ثورة يوليو مثل مصانع الصابون والكوكاكولا ..الخ وفى نهاية الرحلة تناول الغداء والتصوير فى الإستديو لأن امتلاك كاميرا فى ذلك الوقت كان كالحلم ونختتم الرحلة بدخول السينما التى لا توجد فى القرى أو المراكز وللأسف بعض المراكز لا يوجد بها سينما حتى الآن، ماذا إختار لنا الأستاذ عبد الحميد شبل؟ إختار فيلم ثورة اليمن، وكنا فى غاية الإنفعال بأحداثه بالرغم من صغر السن.
وأذكر هنا مجزرة بحر البقر والهجوم الذى شنه العدو الصهيونى بطائراته في صباح الثامن من أبريل عام 1970 على مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر إحدى قرى محافظة الشرقية، أدت إلى مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 طفلا آخرين! لم يتركنا الأستاذ محمد منصور مدرس المواد الاجتماعية، بل شرح لنا أهداف العدو من ضرب الجبهة الداخلية وهدفه من حواره معنا كان ترسيخ الإنتماء وأن الحرب يدفع فيها ثمن غالى، وتحرير الأرض لا يأتى إلا بالدم!
هذا هو أحد أهم مكاسب التعليم المباشر وليس من خلف أجهزة التواصل الاجتماعى، من ترسيخ الإنتماء والبطولة. أيضا لكى يكون لنا أجيال قادمة قادرة بإيمان حماية مصر من أطماع مؤامرات الأعداء.. الصهاينة أو غيرهم.. وتحيا مصر.. تحيا مصر!
إلغاء التعليم الإلكترونى
فى الوقت الذى نهتم كثيرا بالتكنولوجيا ونعتمد عليها فى المدارس، فهناك دراسات فى أوروبا أثبتت أن هناك تراجعا فى مستوى الذكاء لدى الأطفال بسبب اعتمادهم على التكنولوجيا، وتراجع أسباب التفكير، وبالتالي تم العودة فى العديد من المدارس إلى الاعتماد على الوسائل التعليمية التقليدية، ومنع اصطحاب التلاميذ أى اجهزة بما فيها التليفونات المحمولة، وأكدت الدراسات أن الحوار المباشر بين التلاميذ والمعلم هو خير معلم لإكساب الطفل الكثير لبناء الشخصية، وتتوقع الدراسات إختفاء الإعتماد على التكنولوجيا فى السنوات القادمة حتى المرحلة الثانوية على الأقل.
الملاحظة الثانية من فنلندا، وإختيارى فنلندا لأن الدكتور طارق شوقى كان دائما ما يؤكد أن هناك من الدول فى العالم تتعلم من تجربتنا منهم فنلندا، هذه الدولة منذ عام قررت المجانية الكاملة فى جميع مراحل التعليم وإلغاء التعليم الخاص!
فى العاشر من مارس 1969، دخل الفصل الاستاذ عبدالحليم شبل علينا كعادته مع بداية الحصة الاولى، ولأنه يأتي من طنطا لقريتنا فإن القطار يصل فى الثامنة إلا عشر دقائق، وبالتالى فان معظم الأيام لا يلحق بالطابور لصعوبة للحضور قبل ذلك نظرا لندرة المواصلات فى ذلك الوقت، كان يدرس أكثر من مادة، اللغة العربية والدين، وأحيانا الألعاب عندما لا يتوفر لدينا مدرس ألعاب، من عادة هذا المدرس الحاصل على دبلوم المعلمين -خمس سنوات بعد الإعدادية- أن يقرأ لنا الصفحة الاولى من جريدة الأخبار يوميا فى بداية الحصة الأولى وخاصة أخبار المعارك مع العدو الصهيونى، ويشرح فى دقائق الأحداث مؤكدا فى كل مرة حتمية تحرير الأرض المغتصبة، وكان يقصد كل الأراضى العربية وعلى رأسها فلسطين، فى العاشر من مارس دخل الفصل ووجهه أسود ويبدو عليه كل ملامح الحزن والغضب، وكعادتنا قلنا: الأخبار يا استاذ؟! فرد بعفوية شديدة: الأخبار وحشة قوى!
مكاسب التعليم المباشر
سيطر الصمت علينا وكنا صغار لا نعرف ماذا نقول؟! وإذا به يقرأ خبر إستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض وتساقطت الدموع من عينيه، نعم بكي أمامنا وكان يحاول أن يتمالك نفسه، وبعد استعادته لنفسه تحدث عن البطل الشهيد وأن مصر كانت تعقد الآمال عليه لأنه يعد من أبرع وأخلص الرجال لتراب الأمة العربية، خاصة أنه حارب فى أكثر من جبهة عربية منها الأردن وسوريا!
وكان معروفا مسبقا أن هناك رحلة سنوية وأحيانا إثنتين إلى مدينة طنطا أو مدينة المحلة، وكان هذا فى المرحلتين الابتدائية أو الاعدادية، وأذكر هنا يوم ذهبنا إلى طنطا فى صحبة الأستاذ عبد الحميد شبل، وكان برنامج الرحلة زيارة المصانع الجديدة التى أنشئت فى عصر ثورة يوليو مثل مصانع الصابون والكوكاكولا ..الخ وفى نهاية الرحلة تناول الغداء والتصوير فى الإستديو لأن امتلاك كاميرا فى ذلك الوقت كان كالحلم ونختتم الرحلة بدخول السينما التى لا توجد فى القرى أو المراكز وللأسف بعض المراكز لا يوجد بها سينما حتى الآن، ماذا إختار لنا الأستاذ عبد الحميد شبل؟ إختار فيلم ثورة اليمن، وكنا فى غاية الإنفعال بأحداثه بالرغم من صغر السن.
وأذكر هنا مجزرة بحر البقر والهجوم الذى شنه العدو الصهيونى بطائراته في صباح الثامن من أبريل عام 1970 على مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر إحدى قرى محافظة الشرقية، أدت إلى مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 طفلا آخرين! لم يتركنا الأستاذ محمد منصور مدرس المواد الاجتماعية، بل شرح لنا أهداف العدو من ضرب الجبهة الداخلية وهدفه من حواره معنا كان ترسيخ الإنتماء وأن الحرب يدفع فيها ثمن غالى، وتحرير الأرض لا يأتى إلا بالدم!
هذا هو أحد أهم مكاسب التعليم المباشر وليس من خلف أجهزة التواصل الاجتماعى، من ترسيخ الإنتماء والبطولة. أيضا لكى يكون لنا أجيال قادمة قادرة بإيمان حماية مصر من أطماع مؤامرات الأعداء.. الصهاينة أو غيرهم.. وتحيا مصر.. تحيا مصر!