رغيف الخبز.. نظرة اقتصادية وإنسانية (1)
أولا، وقبل البداية أرجو ألا يقحم الإخوان الإرهابيون أنفسهم المريضة في هذا الموضوع، فيستغلونه وفق أجندة تقوم على استغلال الثغرات للشماتة في الوطن وتمنى هلاكه، كما أن موضوع زيادة سعر رغيف الخبز لا علاقة للإرهابيين به فهو موضوع بين الشعب والرئيس، وهم ليسوا إلا فصيلا إرهابيا لا ينتمي للشعب المصري، وإنما ينتمي للمخابرات الأمريكية والصهيونية، والموضوع سيحل بما يرضي الشعب لوطنية الرئيس وحفاظه على الوطن.
ثانيا: بعد البداية نؤكد أنه من يظن أن له أفضالا على هذا الوطن، وجمائل تبيح له أن يتخذ قرارات منفردة رفضا أن يُعارض بسبب ما قدمه للوطن فهو مخطئ، فلا لأحد جمائل على هذا الوطن/الشعب، وإنما الوطن/ الشعب هو صاحب الفضل على كل إنسان ولد وعاش فيه، وهو الذي جعل من ذلك وزيرا أو رئيسا ليحكم بما أراده الله من خير ويكون مبدؤه الشورى في الأساس قال تعالى:(وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ)، والوطن/ الشعب هو الذي جعل له ذكرا وشرفا، ولولا ذلك الوطن/ الشعب ما كان سيعرفه أحد ولا يُشتهر بين الأمم.
سعر رغيف الخبز المدعوم
ومن كان يظن أن الوطنية تنحصر في تأييده في كل قراراته مهما كانت فهو مخطئ، فالتأييد المطلق دون تروي أو تفكير أو إظهار وجهة النظر الأخرى هذا أشد ضررا على الوطن من أي وباء فتاك، وأدعى لتكريس لغة الفرد الواحد والرأي الواحد. ومن كان يظن أنه أُلهِم كل العلوم والحكمة، وأوتي فصل الخطاب؛ مما يجعل من حقه أن يفرض هذا الرأي فرضا لأنه الوحيد الصائب وكل الآراء لا يجب أن تظهر؛ لأنها خاطئة، فهو المخطئ، ومن أعانه على ذلك فهو الذي يضر بالوطن أبلغ الضرر.
ثالثا ذكر الرئيس السيسي، إن الوقت حان لزيادة سعر رغيف العيش، وأضاف على هامش افتتاحات مدينة السادات: "مش معقولة 20 رغيف بثمن سيجارة، وبعملة محدش يعرف عنها حاجة وهي الصاغ، لكن الزيادة لن تكون كبيرة". وأوضح السيسي: "محدش يقولي مش هنقرب من رغيف العيش، لأ هنقرب، لأننا شرفاء وجادين في مسئولياتنا، لازم نوفر 8 مليارات جنيه عشان التغذية المدرسية، وسيتم استقطاع جزء من موازنة الوزارات ". وتحدث الرئيس السيسي عن أن سعر رغيف الخبز المدعوم لم يتغير خلال الأعوام الـ30 الماضية، وقال:"مفيش حاجة بتفضل على حالها لمدة 30 سنة".
ويبلغ سعر رغيف الخبز في مصر في الوقت الراهن (5 قروش)، ويخصص لنحو ستين مليون شخص بمعدل 5 أرغفة يوميا، وبلغت فاتورة الدعم التمويني في الميزانية المصرية للعام 2020 - 2021 نحو 84 مليار جنيه (حوالي 5.2 مليار دولار) تشمل 42.5 مليار جنيه (نحو 2.5 مليار دولار) لدعم رغيف الخبز. وأشارت مديريات التموين والتجارة الداخلية المصرية إلى أن تكلفة رغيف الخبر تبلغ 67 قرشا، بينما الخبر المدعوم يباع بسعر 5 قروش أي أن الحكومة المصرية تتحمل 62 قرشا من التكلفة.
شهادة وزارة التموين
ونأتي هنا بوجهة نظر مخالفة لما قرره سيادة الرئيس، ونبني هذه الوجهة على عدة أمور من الناحية الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية، ونرد على كل من أيد الرئيس بذكر أن دعم رغيف الخبز ينهبه الأثرياء، وأن الرغيف يذهب معظمه كعلف للماشية، وأنه لم تعد هناك عملة الخمسة قروش، وأن لا شيء يظل على حاله 30 عاما. فنذكر ردا على من يدعي أن رغيف الخبز المدعم يذهب كثيرا لغير المستحقين، ونقول هذا الأمر غير صحيح بنص بيانات الحكومة وخاصة السيد وزير التموين وسيادة الرئيس نفسه، فمن المعلوم أن ذلك الرغيف لا يصرف إلا من خلال البطاقة التموينية، ولا يستطيع أحد الحصول عليه دون هذه البطاقة، وقد قامت وزارة التموين بتنقية هذه البطاقات على مراحل أربع بإخراج غير المستحقين للدعم منها، بل أنها أخرجت بعضا من المستحقين للدعم؛ مما جعل الرئيس يطمئن المواطنين عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" قائلا: "في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودي الدخل فإنني أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلبًا ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية وحذف بعض المستحقين منها". وقد تباهت وزارة التموين بتنقية البطاقات التموينية من غير المستحقين وذلك عبر موقعها الرسمي، وذكرت أن " تنقية البطاقات التموينية، وتحديث قاعدة البيانات، وحذف غير المستحقين للدعم، من أهم انجازات 2020، مما أسفر عنه حذف حوالى 10 مليون مستفيد وهمي، والوفيات".
إذا لم تعد بطاقة التموين التي يصرف من خلالها الخبز في أيدي غير المستحقين؛ مما يعني أن الخبز المدعم لا يذهب سوى للمستحقين فقط، فلم تعد حجة أن الرغيف المدعم يذهب لغير المستحقين موجودة بشهادة الرئيس والحكومة. أما من يذكر أن الرغيف يأخذه أحيانا المستحق ليقدمه للمواشي أو الدواجن، فهذا الأمر كان قبل منظومة التموين التي تجعل الرغيف غير المنصرف في البطاقة له قيمة بالنقاط، حيث صار الرغيف في النقاط يقدر ب 20 قرشا، وفي آخر الشهر يستطيع الفقير أن يصرف سلعا تموينية بقيمة ما ادخره من خبز لم يصرفه، فصار الفقير حريصا على ألا يأخذ غير حاجته من الرغيف ليدخر الباقي لصرفه زيتا أو سكرا، ولو قدمه للطيور لخسر الكثير. أما حجة أن الرغيف المدعم يذهب للمطاعم فهذه حجة داحضة كذلك؛ لأن تلك المطاعم صارت عرضة لمرور مفتشي التموين، كما أن الفقير لا يمكن أن يبيع الرغيف للمطاعم لأنه أحوج إليه في طعامه أو إبداله بسلع تموينية، لكن إن كان الرغيف يتسرب من خلال أصحاب المخابز تكون هذه تهمة توجه للرقابة ولا تستوجب معاقبة الفقراء برفع الدعم عنهم بسبب عدم تمكن الحكومة من تطبيق القانون، كمن يقرر أن يمنع وجود السكاكين بسبب أن إنسانا استخدم إحداها في القتل.
للحديث بقية