صور نادرة ترصد مسيرة حسب الله الكفراوي.. مهندس السد العالي يقود ملحمة المدن الجديدة
رحل اليوم الخميس الموافق 5 أغسطس عام 2021 عن عالمنا رجل أحب مصر وأخلص لها، وكان همه الأول خدمة المواطن البسيط، وتوفير سكن آدمي له ولأسرته، ولم تشغله الهندسة عن السياسة فبرع فيها وسجل مواقف وطنية تشهد أن حسب الله الكفراوي لم يكن مجرد وزير إسكان ينفذ خطة الدولة دون رؤية تعكس وعيه بأزمات الوطن في الداخل والخارج.
تعد البداية العملية الحقيقية للمهندس حسب الله الكفراوي الذي كان تخرج في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، هي عمله مهندسا في بناء السد العالي أهم مشروع قومي شيدته مصر في القرن العشرين
لم يكن حسب الله الكفراوي مجرد مهندس يؤدي عمله المطلوب منه، بل كان صاحب رؤية تعكس وعيه بأهمية السد لمصر والمصريين، ولقد روى الكفراوي أن العمل في السد العالى استمر عامين كاملين دون جدوى حقيقية، نظرًا لضعف المعدات التي تم استيرادها من الكتلة الشرقية، فتم كتابة تقرير سري للرئيس"جمال عبدالناصر" وتم اقتراح ضرورة الاستعانة ببعض الأجهزة من الكتلة الغربية التي تقاطع دعم المشروع العملاق، وعرضوا أيضا الوسيلة لجلب أجهزة من الغرب، وهى أن يتم شراؤها عن طريق أفراد، وتدخل البلد سرا، وكأنها مهربة وأنه لا علاقة للحكومة بها.
ووافق "عبد الناصر" على الاقتراح، وبالفعل تم الاستعانة بأجهزة غربية لإنقاذ الوقت الذي كان ممكن أن يمضى دون الالتزام بالوقت المحدد للمشروع، المعروف أن "السد العالى" تم الانتهاء منه تماما في عام 1970 عندما أعلن "جمال عبد الناصر" هذا في عيد ثورة يوليو في نفس العام.
وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات وبعد إنتهاء السد العالي تم تعيين حسب الله الكفراوي محافظا لدمياط، إذ أنها المحافظ التي نشأ بها وتعود إليها أصوله.
وفي عام 1977 تم اختيار حسب الله الكفراوي وزيرا للإسكان لتبدأ في مصر مرحلة جديدة تغير مفهوم الإسكان من مجرد توفير شقق للمواطنين إلى إنشاء مدن جديدة تضم المصانع والمساكن في حيز واحد فيما عرف وقتها باسم المدن الجديدة
وفي أكتوبر عام 1993 غادر حسب الله الكفراوي الوزارة بعد أن أصبح عدد المدن الجديدة 17 مدينة منها: (السادات، العاشر من رمضان، 15 مايو، 6 أكتوبر، دمياط الجديدة، مراقيا) بمجتمعاتها الصناعية والعمرانية المتطورة وقد بدأها جميعًا في وقت واحد، بالإضافة إلي ست مناطق تعميرية بالقناة والساحل الشمالي وسيناء.
واستمر حسب الله الكفراوي في عمله 12 عاما في ظل حكم مبارك لاستكمال المدن الجدية التي غيرت وجه مصر خاصة في الدلتا والقاهرة الكبرى، ولم يرحل عن الوزارة لتقصيره في عمله، ولكن نتيجة لصراع مراكز القوى في نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ولم يترك حسب الله الكفراوي أي محافظة تحتاج إلى مشروعات سكنية أو تنموية إلا وكان له دور كبير في إنشائها وذلك في عهدي السادات ومبارك.
ولعب الكفراوي دورا بارزا في السياسة سواء داخليا أو خارجيا، وكان داعما لرئيس مجلس الشعب الأسبق الدكتور رفعت المحجوب، أثناء الإنتخابات نظرا لانهما من أبناء محافظة دمياط
وفي الخارج كان للراحل حسب الله الكفراوي دور بارز في تقوية علاقة مصر بالدول العربية سواء في عصر السادات أو مبارك
واليوم يرحل حسب الله الكفراوي تاركا ورائه إرثا كبيرا من العمل الوطني الذي يشهد بأنه لم يكن مجرد وزير إعتيادي بل إنه يستحق بجدارة لقب أبو المدن الجديدة