فكري أباظة يكتب: «يغيظني في المصايف»
فى مجلة «المصور» فى يوليو عام 1953 كتب الصحفى الساخر فكرى أباظة مقالا بمناسبة دخول حر الصيف وارتفاع درجات الحرارة وهروب المصريين إلى مصيف الإسكندرية، يقول فيه:
عرفت الإسكندرية لأول مرة سنة 1911، لم أكن قد خرجت من قريتنا أبدا، عندما رفض طلبى للالتحاق بمدرسة السعيدية بسبب عدم وجود شهادة ميلاد لى، حيث لم يقيد عمدة الناحية بمنيا القمح اسمى فى دفتر المواليد حين ولدت لكى لا أدفع العشرين جنيه بدل الإعفاء من الجهادية (التجنيد) حين أبلغ سن الاقتراع.
ذهبت لعمى الصحفى والسياسى إسماعيل أباظة باشا لكى يعرض الأمر على سعد باشا زغلول، وكان وزيرا للمعارف يومئذ، وكانت الحكومة تصطاف فى بروكلى بالإسكندرية.
جرنى عمى من يدى إلى الإسكندرية ودخلنا على الزعيم الكبير وزير المعارف، فأمر فورا بإلحاقى بمدرسة السعيدية رغم سقوط القيد، وهآنذا أسجل فضلا لسعد زغلول على حاضرى ومستقبلى، وكان جزاؤه منى أنى عارضته سياسيا وبرلمانيا.
ومن يومها أصبحت من زبائن بلاجات الإسكندرية الجميلة، ووقتها فلوسى كانت شحيحة فعشت فى الحضيض عيشة الكادحين المحرومين أياما فيها، إلى أن جاءنى المدد من العائلة، فستأجرت فيلا، وتنقلت بين بلاجات الإسكندرية طوال فترة الإجازة فى الصيف، ويتكرر ذلك إلى يومنا هذا، وكثرت هناك قصص غرامى وهيامى.
فمصيف الإسكندرية له طابعه الخاص، وهو توليد الحب بين المصطافين والمصطافات من الشبان والشابات، وقد خُطبت (بضم الخاء) أكثر من مرة، ولو أن الله تعالى شاء لتزوجت وأنجبت البنين والبنات.
إلا أن هناك ما يغيظنى، بل يفرسنى فى مصيف الإسكندرية، فمثلا تجد العجوز الكندوز الذى يتباهى بمايوه يظهر العضم المشفى والركب المعصعصة، والعجوزة المتصابية التى تأخذ درسا فى العوم على يد مدرب شاب.
والسيدة التى يحلو لها الجلوس فى البلاج أو على الكازينوهات وهى ترتدى المايوه، والفتاة التى لا يحلو لها الغرق إلا وسط الشبان.
والزوج الذى لا يعرف العوم ويترك زوجته تعوم وحدها حتى الصخور، والشاب الذى يترك باب كابينته مفتوحا وهو يستبدل ثيابه. والعازب الذى ينام بقرب شمسية تحتها بضع فتيات يسترق السمع والبصر، والذى يذهب للاصطياف حتى يسود لون بشرته لمجرد أن يقال إنه ذهب إلى المصيف، مع أنه مستلف المصاريف.
عرفت الإسكندرية لأول مرة سنة 1911، لم أكن قد خرجت من قريتنا أبدا، عندما رفض طلبى للالتحاق بمدرسة السعيدية بسبب عدم وجود شهادة ميلاد لى، حيث لم يقيد عمدة الناحية بمنيا القمح اسمى فى دفتر المواليد حين ولدت لكى لا أدفع العشرين جنيه بدل الإعفاء من الجهادية (التجنيد) حين أبلغ سن الاقتراع.
ذهبت لعمى الصحفى والسياسى إسماعيل أباظة باشا لكى يعرض الأمر على سعد باشا زغلول، وكان وزيرا للمعارف يومئذ، وكانت الحكومة تصطاف فى بروكلى بالإسكندرية.
جرنى عمى من يدى إلى الإسكندرية ودخلنا على الزعيم الكبير وزير المعارف، فأمر فورا بإلحاقى بمدرسة السعيدية رغم سقوط القيد، وهآنذا أسجل فضلا لسعد زغلول على حاضرى ومستقبلى، وكان جزاؤه منى أنى عارضته سياسيا وبرلمانيا.
ومن يومها أصبحت من زبائن بلاجات الإسكندرية الجميلة، ووقتها فلوسى كانت شحيحة فعشت فى الحضيض عيشة الكادحين المحرومين أياما فيها، إلى أن جاءنى المدد من العائلة، فستأجرت فيلا، وتنقلت بين بلاجات الإسكندرية طوال فترة الإجازة فى الصيف، ويتكرر ذلك إلى يومنا هذا، وكثرت هناك قصص غرامى وهيامى.
فمصيف الإسكندرية له طابعه الخاص، وهو توليد الحب بين المصطافين والمصطافات من الشبان والشابات، وقد خُطبت (بضم الخاء) أكثر من مرة، ولو أن الله تعالى شاء لتزوجت وأنجبت البنين والبنات.
إلا أن هناك ما يغيظنى، بل يفرسنى فى مصيف الإسكندرية، فمثلا تجد العجوز الكندوز الذى يتباهى بمايوه يظهر العضم المشفى والركب المعصعصة، والعجوزة المتصابية التى تأخذ درسا فى العوم على يد مدرب شاب.
والسيدة التى يحلو لها الجلوس فى البلاج أو على الكازينوهات وهى ترتدى المايوه، والفتاة التى لا يحلو لها الغرق إلا وسط الشبان.
والزوج الذى لا يعرف العوم ويترك زوجته تعوم وحدها حتى الصخور، والشاب الذى يترك باب كابينته مفتوحا وهو يستبدل ثيابه. والعازب الذى ينام بقرب شمسية تحتها بضع فتيات يسترق السمع والبصر، والذى يذهب للاصطياف حتى يسود لون بشرته لمجرد أن يقال إنه ذهب إلى المصيف، مع أنه مستلف المصاريف.