رئيس التحرير
عصام كامل

هل أثرت والدة توفيق الحكيم المؤمنة بالجن في شخصيته.. ولماذا ندم آخر حياته على كتاباته

الاديب توفيق الحكيم
الاديب توفيق الحكيم
هو الكاتب الروائي والمسرحي والمفكر المصري الكبير توفيق الحكيم ـ رحل في مثل هذا اليوم 26 يوليو 1987، قالوا عنه أديب البرج العاجى، راهب الفكر،عدو المرأة ".

 
تخرج من مدرسة الحقوق عام 1924 وسافر إلى فرنسا لدراسة القانون ولشدة تعلقه بالفن والمسرح عاد دون أن يحقق شيئا.

عين وكيلا للنيابة، ثم مديرا للتحقيقات بوزارة المعارف، وتفرغ للكتابة والأدب في أخبار اليوم ثم مديرا لدار الكتب، ثم مندوبا لمصر الدائم باليونسكو وآخر مناصبه كاتبا متفرغا في الأهرام .

يوميات نائب في الأرياف 
قدم أولى مسرحياته الضيف الثقيل عام 1918، شهرزاد ، ايزيس،الصفقة، أهل الكهف ، ومن مؤلفاته " عودة الروح، عودة الوعي، يوميات نائب فى الأرياف، الأيدى الناعمة "، وعن سيرته الذاتية قدم كتابين هما "زهرة العمر" عام 1943 و"سجن العمر" عام 1946.

تناقضات فى حياته 
يتحدث الحكيم عن التناقضات التى عاشها فى حياته بين أب صارم وأم غير متعلمة تؤمن بالجن والعفاريت مما أثر فى شخصه وفى تصرفاته فيقول: " أورثنى ابى حب الأدب وكان هو نفسه يصدني عن الأدب ، والدتي أورثتنى الإرادة وهي تقف دون رغباتي الفنية ومن هنا كان اعتراضى على قيود الحياة فحريتي الباقية لي أذن هي فرصتي الوحيدة وسلاحي الوحيد في مقاومة تلك العقبات، وحريتي في تفكيري ، أنا سجين في الموروث وحر في المكتسب ، وما شيدته بنفسي من فكر وثقافة هو ملك لي وهو ما اختلف فيه مع أهلي كل الاختلاف" .

الفصل من الوظيفة 
تعرض الحكيم للفصل من وظيفته عدة مرات أولها عام 1938 وامتنع فنانو المسرح القومى الذى كان له الفضل فى إنشائه عن مجرد ذكر اسمه وتوقفت عروضه المسرحية وفى عام 1953 تم فصله ثانية بقرار من إسماعيل القبانى وزير المعارف بحجة عزل غير المتعاونين مع الثورة وكان وقتها مديرا لدار الكتب ، ولما علم الرئيس جمال عبد الناصر بذلك وقال إن وزير المعارف لا يعرف قدر توفيق الحكيم الذى تعلمنا الوطنية من قصته عودة الروح لا يصلح لشغل وظيفته كوزير وكانت النتيجة استقالة وزير المعارف .

ومنحته أكاديمية الفنون الدكتوراة الفخرية عام 1972 قدمها له جمال عبد الناصر واختير أحسن مؤلف وكاتب ومفكر من دول البحر المتوسط وفى عام 1979منح قلادة النيل العظمى عن كتابه يوميات نائب فى الأرياف.

اعترافات أخيرة 
وكانت آخر كلماته التى نشرها بجريدة الأهرام قبل الرحيل يقول فيها:
الأدب والكتابة فى بلادنا مجهود في صحراء لا تنبت شيئا، القلم أخذ منى عمرى فلم أستمتع كما يستمتع الناس بمراحل أعمارهم ، أخذني من بيتي ومن ابنى فلم أعرف نعمة البيت ولا نعمة الأبوة، كنت مع القلم دوما في غرفة مغلقة أكتب وأكتب فكان جدارا غير منظور حال بيني وبين من أحب، قتلت زوجتى وابنى وندمت حيث لا ينفع الندم، وأحزن حينما أفكر فى أخطاء حياتى التى تمضى جافة مجردة من أى هواية مسلية، حاولت تعلم العوم لكنى فشلت فلم أنزل البحر إلا مرة واحدة عندما كان عمرى عشر سنوات ، وجدت في المشي على الأقدام رياضة تحول دون الشيخوخة لكن اقترابى من التسعين والدخول فى بحر الشيخوخة العميق ضعفت قدماى ووهن الجسد وتعذرت الحركة.

الدعوة بطول العمر ليست دعوة سليمة ، المهم حسن الصحة ليكون الانسان قادرا على الحياة، وعزرائيل يداعبنى مداعبة ثقيلة ، فعندما جاء الى بيتنا ليقبض روحى أخذ زوجتى بدلا منى.

أمنيتى مع اقتراب النهاية أن يسقط القلم من يدي وأنا أناجى الله وأحث الناس على أن يفخروا بالإسلام ، اتصور أن السعادة التى ستأتى فى ان انام ولا استيقظ ، فإذا جاء الموت لا يمكن تأجيله (اذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".

ولكن اذا ما أحسست بصحوة وطرأت لي فكرة فسأحاول أن انهض لكتابتها حتى لو كلفنى ذلك حياتي، لأن الأدب هو حياتي وهو شئ لا مفر منه ولا حيلة لي في التخلص منه.
الجريدة الرسمية