رئيس التحرير
عصام كامل

لا يكفي!

السؤال هل يكفي التوافق العربي وإعلان الدعم الكامل لمصر والسودان في قضية سد النهضة.. أم أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحركات الجماعية في المسارات القانونية والدبلوماسية والشعبية وحتى العسكرية إن لزم الأمر.. لفضح النيات الحقيقية لحكام أديس أبابا، موثقة بالصوت والصورة والتي تكشف رغبتهم ليس في التنمية وتوليد الطاقة كما يزعمون بل في احتكار المياه واتخاذها ورقة سياسية لابتزاز مصر والسودان وتعطيش شعوبهما.


عدالة قضيتنا وحقوقنا المائية أوضح ما تكون؛ فإثيوبيا تستقبل سنوياً أكثر من ألف مليار متر مكعب من المياه يذهب منها 84 ملياراً لتربية الماشية وحدها وهو ما يزيد على حصتى مصر والسودان مجتمعتين من إيرادات النهر.. فأي خطر تؤسس له أثيوبيا بإعادة العالم لشريعة الغاب بفرض سيادتها المطلقة على الموارد المائية المشتركة التي هى منحة من الله وحده؛ ولو أن المجتمع الدولى ترك أديس أبابا وما تريد فإنه بذلك يعطى ضوءاً أخضر لدول أخرى مماثلة كي تفعل ما تشاء في الأنهار العابرة لحدودها فتقطع المياه عن جيرانها دون التفات لأي قوانين أو أعراف دولية.. أليس مثل ذلك استقواء يعيد البشرية لشريعة الغاب ويفتح الباب لصراعات وحروب على المياه تنبأ بها مفكرون وعلماء .

الأمن القومي العربي
إن مجلس الأمن والأمم المتحدة مدعوان للنظر العاجل في خطورة ترك هذه الأزمة دون حل عادل على السلم والأمن الدوليين قبل اتخاذ أي قرار ملزم لأديس أبابا التي باتت الكرة الآن في ملعبها دون أن يعني ذلك أن تقف الأمة العربية موقف المتفرج وتترك غيرها يقرر مصيرها فالأمن القومي لمصر والسودان من صميم بل لعله ركيزة الأمن القومي العربي كله.. فكيف يأمن العرب إذا ما تعرضت مصر لخطر وجودي.. وأي خطر أكبر من العطش والجوع؟!!

ما أحوجنا كما قال أمين عام الجامعة العربية السفير أحمد أبوالغيط إلى محور عربي فعال وقادر على مجابهة ما يحيط بنا من مخاطر، وجمع ما تفرق من شمل أمتنا، والحفاظ على ما بقي من مقومات وجود هذه الأمة.. وهي مقومات لو تعلمون عظيمة.. لو أحسنا توظيفها لنقول لمن ينهشون الجسد العربي: كفى.. توقف!! اجتماع الدوحة في رأي خطوة مهمة لها ما بعدها ويمكن البناء عليها كنقطة انطلاق تعيد أمتنا لمجريات التاريخ والمشاركة في تقرير مصير المنطقة ورسم ملامحها الجديدة في نظام عالمي لا يعترف بغير القوة ولن تتأتى هذه القوة إلا بتنمية بلادنا وتقوية اقتصادها وتطوير مواردها البشرية والطبيعية ليتحقق التكامل المنشود.
الجريدة الرسمية