في ذكرى 30 يونيو.. لماذا انحاز الأزهر لإرادة الشعب؟ "الطيب" يوضح موقفه قبل الثورة على الإخوان.. و4 أسس اعتمد عليها "الشيخ"
أيام قليلة تفصلنا عن احتفالات الشعب المصري بالذكرى السابعة لثورة 30 يونيو والتى نجح المصريون من خلالها على فرض رغبتهم في التغيير السياسي وقتها، في مشهد مثل تحالف كافة المؤسسات المصرية للانحياز إلى رغبة الشعب واتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذها.
ولم يكن الأزهر الشريف بعيدا عن المشهد السياسي حينها، حيث لعب دورا أساسيا في التعبير عن رغبة الشعب الحقيقة، حيث بدا واضحا أن الغضب الشعبي وصل مداه، في ظل لامبالاة وإنكار للأزمة التي تعاني منها السلطة من جماعة الإخوان ومكتب إرشادها.
وانحاز الأزهر الشريف إلى مطالب الشعب بقوة ووقف بجانب المطالب الشعبية التي صور أنصار الجماعة المطالب الشعبية وقتها على أنها حرب ضد الإسلام كما أرادوا دوما أن يفعلوا، ولكن وقوف الأزهر في صف إرادة الشعب قطع عليهم هذا الطريق وحسم الأمر في قلوب وعقول الشعب.
قبل الثورة
وقبل خطاب 3 يوليو الشهير بيوم، حث بيت العائلة المصرية، جموع المصريين على لم الشمل، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطني، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، والتحلي بالسلمية فى كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول وإعلاء مصلحته والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.
وطالب شيخ الأزهر، فى بيان له فى 2 يوليو 2013، الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء، وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.
وحذر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم، قائلاً: «أحذركم من فتنة مهلكة، تذهب بوحدتكم، فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية، وأن الدين والوطنية براء من أى دم يسفك وبراء من كل من يشارك فى كل قطرة دم تسفك».
انحياز لإرادة الشعب
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماعًا فى الثالث من يوليو 2013، مع عدد من الشخصيات، بحضور البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وممثلين عن حزب النور، وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل الرئيس الإخوانى الأسبق محمد مرسى، والذى تم بمباركة الأزهر الشريف حقنا للدماء، وإنهاء لهيمنة الجماعة التى لم تعبأ بدماء المصريين.
4 أسس
وأصدر الإمام الأكبر بياناً عقب إلقاء السيسي بيان 3 يوليو، وضع الإمام الطيب 4 أسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة 30 يونيو فى خطابه الشهير، كانت بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية للخروج على حكم الإخوان الفاشى، الأساس الأول: أن قرار الدعم للثورة كان منعا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان، الأساس الثانى: الوقوف حائلا ضد أى محاولة طائفية لمنع سيلان الدم المصرى.
واعتمد الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر فى الأساس الثالث ببيان ثورة 30 يونيو على قانون الشرع الإسلامى الذى يقضى بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، والأساس الرابع: دعم قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب يضمن نزاهته كلا من القضاء والجيش والشرطة.
أكد الإمام الأكبر خلال البيان، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتاً إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائماً، ومصر تستحق من الجميع موقفاً وطنياً صادقاً.
بيان الوصايا العشر
أتبع الإمام الأكبر، هذا البيان بآخَر أطلق عليه «بيان الوصايا العشر أو إبراء الذمة»، جاء فيه:
فإنَّ الأزهر الشريف كمؤسَّسة علميَّة ووطنيَّة، حارسة للقيم، جامعة للوطن وأبنائه جميعاً، طوال تاريخها العريق - تتوجَّه إلى المواطنين كافة، أفراداً وجماعات، مسئولين وناشطين، وأحزاباً ومستقلين، بالنصائح العشر التالية؛ قياماً بالواجب الوطنى فى اللحظة الراهنة:
1- اجتمعت كلمة الأطياف الوطنية المصرية السياسية والفكرية والدينية على ما تضمَّنته وثيقة الأزهر الأولى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، على أنَّ الدولة التى يُريدها الشعب المصرى وتُؤيِّدها الشريعة الإسلامية هى الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة.
والوضع المؤقت الذي بدأ يوم الرابع من يوليو الحالى وأفضى إليه الحراك الشعبى الأخير، وارتَأت معظم القوى الوطنية ضَرورة اتخاذه، يُوجب علينا أن نذكر بأنَّ الضرورة تُقدَّر بقَدرها، وينبغى ألا تزيد المفترة الانتقالية المؤقتة عن الحد اللازم لتعديل الدستور، وتُجرَى فيها الانتخابات النيابية والرئاسية فى نزاهة وشفافية؛ للإسراع فى العودة إلى الحالة الطبيعية الديمقراطية الدستورية التى ارتضاها الشعب.
2- يُطالب الأزهر بالإفراج الفورى عن كل معتقلي الرأي والناشطين السياسيين والقيادات الحزبية المصرية غير المطلوبة فى قضايا جنائية، وتعويض أسر الشهداء الذين لَقُوا مصرعَهم فى ميادين مصر من كلا الجانبين؛ باعتبارهم وطنيين مصريين، مهما اختلفت آراؤهم ورؤاهم السياسية.
3- لا بد لأيَّة مصالحة وطنية حقيقية بين الأطياف السياسية والفكرية من أن تكون مبنية على أن مصر حقاً لكل المصريين دون إقصاء أو استبعاد، كما ينبغى أن تلتزم وسائل الإعلام ميثاق شرف إعلامى وتتوقَّف بعضها عن صِناعة الكراهية والتحريض، كما يدين الأزهر غلق بعض القنوات الدِّينية وغيرها - رغم اختلافنا مع أسلوب خطابها.
4- لابدَّ من التحقيق القانونى العاجل ومحاكمة المتورِّطين فى سُقوط الشهداء العشرين الذين قُتِلوا على أقدام تمثال نهضة مصر؛ لمجرَّد تعبيرهم عن رأيهم فى الخروج السِّلمى - الذى أجازَه الأزهر لعُموم المواطنين - وكذلك سائر الضَّحايا فى مختلف محافظات مصر ومدُنها، أياً كانت انتماءاتهم ومشاربهم.
5- يُعبِّر الأزهر الشريف عن ألَمِه البالغ لما قامت بعض العناصر المنحرِفة من مُطاردة الملتحين والفتيات المنتقبات فى عاصمة مصر قلب الإسلام، ذات الألف مِئذَنة ومقر الأزهر الشريف، أو الاعتداء على جنود الجيش المصرى أو رجال الشرطة ولا بُدَّ من التفرِقة بين المتدينين - وكل أفراد شعبنا متدينون، بحمد الله - ومَن يتبنون وسائل الإرهاب والإجرام منهجاً فى مواجهة الجماعة الوطنية.
6- لا محل لأيَّة إجراءات استثنائيَّة فى مصر الثورة، والعالم كله يموج بالديمقراطية، وحتى الدول التى تتمتَّع حقاً بالديمقراطية فى أوروبا وأمريكا تشهد حراكاً متنامياً، وليست مصر الثورة استثناء من ذلك، إنَّ أكبر نتائج ثورتنا أنها كسرت حاجز الخوف، وعلى الجميع أنْ يضعوا ذلك فى اعتبارهم، فشعبنا شعب أبى، ليس أقل حرصاً على الحرية والديمقراطية من الآخَرين.
7- يؤكد الأزهر على أن السيادة للشعب فى إطار الدستور والقانون وأن جيشنا الوطنى، يعرف مهمَّته ورسالته السامية فى حماية حدود الوطن، فللسياسة رجالها كما أنَّ للحرب رجالها، وللقضاء رجاله كما أنَّ للعلم أهله، ونشد على يد جيش مصر الوطنى حرصه الشديد بل وإصراره على أن يبتعد عن العمل السياسى، رغم محاولات البعض استدعائه إليها، بل وننأى به عنها.
8- التأكيد على حق كل الأحزاب المصرية بما فيها حزب الحرية والعدالة، فى المشاركة السياسية والعمل فى النور، والسُّلطة مسئولة عن حمايتهم جميعاً، ووأد كل أساليب التحريض وصِناعة الكراهية، بين قوى الشعب السياسية وأطيافه الفكرية.، لتحقيق السلام الاجتماعى والحفاظ على الحريات.
وينبغى إعلان أسماء لجنة المصالحة الوطنية، وسائر اللجان المعلن عنها، على الجماهير الوطنية؛ فى أقرب وقت بشفافية كاملة، ليُبدوا رأيهم فى مدَى ما يتمتَّعون به من حيادٍ ومصداقيَّة. وكذا المبادرة إلى تشكيل حكومة الفنيِّين «التكنوقراط» غير الحزبية؛ لتدفع عجلة التنمية وتقيم القوانين وتنفذ الأحكام، حتى تسود الديمقراطية والمدنية أرجاء المسرح السياسى.
9- يجب أن يكون تشكيل لجنة مراجعة مواد الدستور التى يتفق على تغييرها أو تعديلها معبرة عن المجتمع المصرى بكافة ألوانه، دون إقصاء أو استبعاد، ولا تُترَك لأفرادٍ بأعيانهم؛ فنحن فى عصر الديمقراطية والشفافية، على ألا تُمَسَّ المواد المتعلِّقة بهويَّة الدولة ومقومات المجتمع، وخاصَّة مواد الشريعة الإسلامية ومادة الإخوة غير المسلمين.
10- يجب وقف أعمال العنف من كل جانب، وتجنب دعاوى التكفير والتخوين، واحترام الدم المصرى الزكى واستعمال الأساليب السياسية وحدها فى حلِّ النزاعات السياسية؛ حتى لا تعقب أخطاراً لا يمكن تلافيها على المصالحة الوطنية.
ثورة 30 يونيووأكد شيخ الأزهر، أنه ما حدث فى 30 يونيو ليس انقلاباً ولكنها إرادة شعبية، موضحاً أنه استند فى رأيه إلى القاعدة الفقهية التى تقول بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى. وأن مواقف الأزهر تتحدد دائما طوعا لإرادة للشعب المصرى وما يمر به من أزمات سياسية، وهذا هو موقف الأزهر الثابت فى كل الثورات عبر التاريخ.
وفى ظل محاولات من الجماعات المتشددة لاختطاف الوطن وإرهاب أبنائه، وقف الأزهر مساندا للدولة المصرية ومقدرات الشعب، وتضامن مع الكنيسة المصرية ضد استهداف المواطنين المسيحيين وكنائسهم، بعد محاولات تلك الجماعات لإيقاع الفتنة بين أبناء الوطن، ليلعب وعى المؤسسات الدينية وتضامنها مع بعضها البعض دوراً محورياً لعدم تحقيق غرض تلك الجماعات.
كما أرسى الأزهر مبدأ سيادة القانون رافضاً أن تصبغ مواجهة الإرهاب بصبغة دينية، بل أن تكون مواجهة دولة فى مواجهة خارجين على القانون.
كما عزز من دور بيت العائلة المصرية الذى يجمع رموز الدينين الإسلامى والمسيحى، ونجح فى وأد الفتنة الطائفية وإجراء المصالحات بين الأطراف المتنازعة فى المدن والقرى بجميع أنحاء الدولة.
ولم يكن الأزهر بمنأى عن الأخطار التى تهدد الدولة من المنافذ الحدودية، فعمل على تعزيز تواصله مع أبناء الوطن فى المناطق النائية والحدودية مثل قوافل الشيخ زويد، ورفح، والعريش، وقوافل حلايب وشلاتين، وقوافل الوادى الجديد، وقوافل سيدى برانى والسلوم، وأرسل إليهم قوافل طبية وغذائية بشكل مستمر لتعزيز انتماء أبناء تلك المناطق للوطن.
بالإضافة إلى مشاركته بممثلين عنه فى لجنة إعداد الدستور الجديد للبلاد، وكان لهم دوراً بارزاً فى صناعة الدستور الذى وافق عليه الشعب فى استفتاء عام.
وقام الأزهر بمساندة ودعم جهود القوات المسلحة، والشرطة المصرية، فى حربهما المستمرة ضد الإرهاب، وقاد الأزهر مسيرة تجديد الخطاب الدينى، والتجديد المستمر للمناهج التعليمية، بما يتوافق مع متطلبات العصر.
وساهمت جولات الإمام الأكبر أحمد الطيب الخارجية، وقوافل السلام، واستجابة بابا الفاتيكان لدعوته بزيارة مصر؛ فى تعزيز صورة مصر بالخارج، وتأكيد حالة الاستقرار السياسى والمجتمعى الذى أصبحت فيه البلاد، كما عقد الأزهر عدة مؤتمرات لمواجهة الإرهاب وتأكيد قيم التعايش والمواطنة، وإرساء السلام العالمى دعا إليه قادة محليين وعالميين للتأكيد على قيم التعايش والسلام ونبذ العنف والإرهاب.
ولم يكن الأزهر الشريف بعيدا عن المشهد السياسي حينها، حيث لعب دورا أساسيا في التعبير عن رغبة الشعب الحقيقة، حيث بدا واضحا أن الغضب الشعبي وصل مداه، في ظل لامبالاة وإنكار للأزمة التي تعاني منها السلطة من جماعة الإخوان ومكتب إرشادها.
وانحاز الأزهر الشريف إلى مطالب الشعب بقوة ووقف بجانب المطالب الشعبية التي صور أنصار الجماعة المطالب الشعبية وقتها على أنها حرب ضد الإسلام كما أرادوا دوما أن يفعلوا، ولكن وقوف الأزهر في صف إرادة الشعب قطع عليهم هذا الطريق وحسم الأمر في قلوب وعقول الشعب.
قبل الثورة
وقبل خطاب 3 يوليو الشهير بيوم، حث بيت العائلة المصرية، جموع المصريين على لم الشمل، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطني، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، والتحلي بالسلمية فى كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول وإعلاء مصلحته والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.
وطالب شيخ الأزهر، فى بيان له فى 2 يوليو 2013، الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء، وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.
وحذر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم، قائلاً: «أحذركم من فتنة مهلكة، تذهب بوحدتكم، فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية، وأن الدين والوطنية براء من أى دم يسفك وبراء من كل من يشارك فى كل قطرة دم تسفك».
انحياز لإرادة الشعب
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماعًا فى الثالث من يوليو 2013، مع عدد من الشخصيات، بحضور البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وممثلين عن حزب النور، وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل الرئيس الإخوانى الأسبق محمد مرسى، والذى تم بمباركة الأزهر الشريف حقنا للدماء، وإنهاء لهيمنة الجماعة التى لم تعبأ بدماء المصريين.
4 أسس
وأصدر الإمام الأكبر بياناً عقب إلقاء السيسي بيان 3 يوليو، وضع الإمام الطيب 4 أسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة 30 يونيو فى خطابه الشهير، كانت بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية للخروج على حكم الإخوان الفاشى، الأساس الأول: أن قرار الدعم للثورة كان منعا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان، الأساس الثانى: الوقوف حائلا ضد أى محاولة طائفية لمنع سيلان الدم المصرى.
واعتمد الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر فى الأساس الثالث ببيان ثورة 30 يونيو على قانون الشرع الإسلامى الذى يقضى بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، والأساس الرابع: دعم قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب يضمن نزاهته كلا من القضاء والجيش والشرطة.
أكد الإمام الأكبر خلال البيان، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتاً إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائماً، ومصر تستحق من الجميع موقفاً وطنياً صادقاً.
بيان الوصايا العشر
أتبع الإمام الأكبر، هذا البيان بآخَر أطلق عليه «بيان الوصايا العشر أو إبراء الذمة»، جاء فيه:
فإنَّ الأزهر الشريف كمؤسَّسة علميَّة ووطنيَّة، حارسة للقيم، جامعة للوطن وأبنائه جميعاً، طوال تاريخها العريق - تتوجَّه إلى المواطنين كافة، أفراداً وجماعات، مسئولين وناشطين، وأحزاباً ومستقلين، بالنصائح العشر التالية؛ قياماً بالواجب الوطنى فى اللحظة الراهنة:
1- اجتمعت كلمة الأطياف الوطنية المصرية السياسية والفكرية والدينية على ما تضمَّنته وثيقة الأزهر الأولى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، على أنَّ الدولة التى يُريدها الشعب المصرى وتُؤيِّدها الشريعة الإسلامية هى الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة.
والوضع المؤقت الذي بدأ يوم الرابع من يوليو الحالى وأفضى إليه الحراك الشعبى الأخير، وارتَأت معظم القوى الوطنية ضَرورة اتخاذه، يُوجب علينا أن نذكر بأنَّ الضرورة تُقدَّر بقَدرها، وينبغى ألا تزيد المفترة الانتقالية المؤقتة عن الحد اللازم لتعديل الدستور، وتُجرَى فيها الانتخابات النيابية والرئاسية فى نزاهة وشفافية؛ للإسراع فى العودة إلى الحالة الطبيعية الديمقراطية الدستورية التى ارتضاها الشعب.
2- يُطالب الأزهر بالإفراج الفورى عن كل معتقلي الرأي والناشطين السياسيين والقيادات الحزبية المصرية غير المطلوبة فى قضايا جنائية، وتعويض أسر الشهداء الذين لَقُوا مصرعَهم فى ميادين مصر من كلا الجانبين؛ باعتبارهم وطنيين مصريين، مهما اختلفت آراؤهم ورؤاهم السياسية.
3- لا بد لأيَّة مصالحة وطنية حقيقية بين الأطياف السياسية والفكرية من أن تكون مبنية على أن مصر حقاً لكل المصريين دون إقصاء أو استبعاد، كما ينبغى أن تلتزم وسائل الإعلام ميثاق شرف إعلامى وتتوقَّف بعضها عن صِناعة الكراهية والتحريض، كما يدين الأزهر غلق بعض القنوات الدِّينية وغيرها - رغم اختلافنا مع أسلوب خطابها.
4- لابدَّ من التحقيق القانونى العاجل ومحاكمة المتورِّطين فى سُقوط الشهداء العشرين الذين قُتِلوا على أقدام تمثال نهضة مصر؛ لمجرَّد تعبيرهم عن رأيهم فى الخروج السِّلمى - الذى أجازَه الأزهر لعُموم المواطنين - وكذلك سائر الضَّحايا فى مختلف محافظات مصر ومدُنها، أياً كانت انتماءاتهم ومشاربهم.
5- يُعبِّر الأزهر الشريف عن ألَمِه البالغ لما قامت بعض العناصر المنحرِفة من مُطاردة الملتحين والفتيات المنتقبات فى عاصمة مصر قلب الإسلام، ذات الألف مِئذَنة ومقر الأزهر الشريف، أو الاعتداء على جنود الجيش المصرى أو رجال الشرطة ولا بُدَّ من التفرِقة بين المتدينين - وكل أفراد شعبنا متدينون، بحمد الله - ومَن يتبنون وسائل الإرهاب والإجرام منهجاً فى مواجهة الجماعة الوطنية.
6- لا محل لأيَّة إجراءات استثنائيَّة فى مصر الثورة، والعالم كله يموج بالديمقراطية، وحتى الدول التى تتمتَّع حقاً بالديمقراطية فى أوروبا وأمريكا تشهد حراكاً متنامياً، وليست مصر الثورة استثناء من ذلك، إنَّ أكبر نتائج ثورتنا أنها كسرت حاجز الخوف، وعلى الجميع أنْ يضعوا ذلك فى اعتبارهم، فشعبنا شعب أبى، ليس أقل حرصاً على الحرية والديمقراطية من الآخَرين.
7- يؤكد الأزهر على أن السيادة للشعب فى إطار الدستور والقانون وأن جيشنا الوطنى، يعرف مهمَّته ورسالته السامية فى حماية حدود الوطن، فللسياسة رجالها كما أنَّ للحرب رجالها، وللقضاء رجاله كما أنَّ للعلم أهله، ونشد على يد جيش مصر الوطنى حرصه الشديد بل وإصراره على أن يبتعد عن العمل السياسى، رغم محاولات البعض استدعائه إليها، بل وننأى به عنها.
8- التأكيد على حق كل الأحزاب المصرية بما فيها حزب الحرية والعدالة، فى المشاركة السياسية والعمل فى النور، والسُّلطة مسئولة عن حمايتهم جميعاً، ووأد كل أساليب التحريض وصِناعة الكراهية، بين قوى الشعب السياسية وأطيافه الفكرية.، لتحقيق السلام الاجتماعى والحفاظ على الحريات.
وينبغى إعلان أسماء لجنة المصالحة الوطنية، وسائر اللجان المعلن عنها، على الجماهير الوطنية؛ فى أقرب وقت بشفافية كاملة، ليُبدوا رأيهم فى مدَى ما يتمتَّعون به من حيادٍ ومصداقيَّة. وكذا المبادرة إلى تشكيل حكومة الفنيِّين «التكنوقراط» غير الحزبية؛ لتدفع عجلة التنمية وتقيم القوانين وتنفذ الأحكام، حتى تسود الديمقراطية والمدنية أرجاء المسرح السياسى.
9- يجب أن يكون تشكيل لجنة مراجعة مواد الدستور التى يتفق على تغييرها أو تعديلها معبرة عن المجتمع المصرى بكافة ألوانه، دون إقصاء أو استبعاد، ولا تُترَك لأفرادٍ بأعيانهم؛ فنحن فى عصر الديمقراطية والشفافية، على ألا تُمَسَّ المواد المتعلِّقة بهويَّة الدولة ومقومات المجتمع، وخاصَّة مواد الشريعة الإسلامية ومادة الإخوة غير المسلمين.
10- يجب وقف أعمال العنف من كل جانب، وتجنب دعاوى التكفير والتخوين، واحترام الدم المصرى الزكى واستعمال الأساليب السياسية وحدها فى حلِّ النزاعات السياسية؛ حتى لا تعقب أخطاراً لا يمكن تلافيها على المصالحة الوطنية.
ثورة 30 يونيووأكد شيخ الأزهر، أنه ما حدث فى 30 يونيو ليس انقلاباً ولكنها إرادة شعبية، موضحاً أنه استند فى رأيه إلى القاعدة الفقهية التى تقول بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى. وأن مواقف الأزهر تتحدد دائما طوعا لإرادة للشعب المصرى وما يمر به من أزمات سياسية، وهذا هو موقف الأزهر الثابت فى كل الثورات عبر التاريخ.
وفى ظل محاولات من الجماعات المتشددة لاختطاف الوطن وإرهاب أبنائه، وقف الأزهر مساندا للدولة المصرية ومقدرات الشعب، وتضامن مع الكنيسة المصرية ضد استهداف المواطنين المسيحيين وكنائسهم، بعد محاولات تلك الجماعات لإيقاع الفتنة بين أبناء الوطن، ليلعب وعى المؤسسات الدينية وتضامنها مع بعضها البعض دوراً محورياً لعدم تحقيق غرض تلك الجماعات.
كما أرسى الأزهر مبدأ سيادة القانون رافضاً أن تصبغ مواجهة الإرهاب بصبغة دينية، بل أن تكون مواجهة دولة فى مواجهة خارجين على القانون.
كما عزز من دور بيت العائلة المصرية الذى يجمع رموز الدينين الإسلامى والمسيحى، ونجح فى وأد الفتنة الطائفية وإجراء المصالحات بين الأطراف المتنازعة فى المدن والقرى بجميع أنحاء الدولة.
ولم يكن الأزهر بمنأى عن الأخطار التى تهدد الدولة من المنافذ الحدودية، فعمل على تعزيز تواصله مع أبناء الوطن فى المناطق النائية والحدودية مثل قوافل الشيخ زويد، ورفح، والعريش، وقوافل حلايب وشلاتين، وقوافل الوادى الجديد، وقوافل سيدى برانى والسلوم، وأرسل إليهم قوافل طبية وغذائية بشكل مستمر لتعزيز انتماء أبناء تلك المناطق للوطن.
بالإضافة إلى مشاركته بممثلين عنه فى لجنة إعداد الدستور الجديد للبلاد، وكان لهم دوراً بارزاً فى صناعة الدستور الذى وافق عليه الشعب فى استفتاء عام.
وقام الأزهر بمساندة ودعم جهود القوات المسلحة، والشرطة المصرية، فى حربهما المستمرة ضد الإرهاب، وقاد الأزهر مسيرة تجديد الخطاب الدينى، والتجديد المستمر للمناهج التعليمية، بما يتوافق مع متطلبات العصر.
وساهمت جولات الإمام الأكبر أحمد الطيب الخارجية، وقوافل السلام، واستجابة بابا الفاتيكان لدعوته بزيارة مصر؛ فى تعزيز صورة مصر بالخارج، وتأكيد حالة الاستقرار السياسى والمجتمعى الذى أصبحت فيه البلاد، كما عقد الأزهر عدة مؤتمرات لمواجهة الإرهاب وتأكيد قيم التعايش والمواطنة، وإرساء السلام العالمى دعا إليه قادة محليين وعالميين للتأكيد على قيم التعايش والسلام ونبذ العنف والإرهاب.