رئيس التحرير
عصام كامل

مسئول معصوم!

رغم أننا نردد كثيرا مقولة: «جَلَّ من لا يخطئ» إلا أن هناك بيننا من يرى أن المسئول لا يخطئ، وأننا نحن الذين نخطئ فى فهم ما يقولون ويعملون، وكأن المسئول ليس بشرًا يصيب ويخطئ مثل بقية البشر الآخرين الذين هم ليسوا مسئولين! فإذا أطلق وزير تصريحات لم تلق قبولًا لدى الرأى العام لا يسحب هذا المسئول تصريحاته، وإنما يتهم الناس بأنها لم تفهم ما قاله، أو تعمدت عدم فهم كلامه لتقوِّله ما لم يقله، ثم يخرج بتصريحات جديدة يصحح بها تصريحاته القديمة.


وإذا اتخذ مسئول قرارات ذات طابع مصيرى ولاقت اعتراضًا من الرأى العام وتحديدًا ممن تخصهم، سارع هذا المسئول باتهام البعض بالتربص به لأنهم يعادون ما يقوم به من إصلاح، رغم أن أي إصلاح لا ينجح إلا إذا لاقى قبولًا وتفهمًا من الناس.. وعندما يتراجع هذا المسئول عن قراراته ويقوم بتعديلها وتصحيحها لا يعتذر لمن اتهمهم بالتربص به.

وأيضا هناك المسئول الذى لا يكترث أصلًا بالرأى العام، ويمضى فى طريقه يتخذ ما يحلو له من قرارات، ويقوم بما يشاء من أعمال دون أن يهتم بشرحها للناس، اعتقادًا منه أنه على صواب، ولذلك ليس مهما أن يفهم الناس ما يقوم به من أعمال، رغم أن هذه الأعمال تؤثر على حياة هؤلاء الناس أو بعضا منهم.

وهكذا.. يتعامل البعض منا على أن المسئول ليس بشرًا وأنه معصوم من الخطأ، سواء فى التقدير أو الاختيار أو حتى فى الكلام والتصريحات.. والمثير أن بين هؤلاء صحفيين وإعلاميين ضاقوا من قبل بالمقولة التى شاعت بيننا وهى مقولة: «كلام جرايد» التى تطورت الآن وصارت «كلام تليفزيونات» لتبرئة المسئولين من أي خطأ ورميه على الصحف والمحطات التليفزيونية التى نشرت وأذاعت تصريحات المسئولين.

يا سادة المسئولون لدينا بشر مثلنا، ومثل كل المسئولين فى العالم كله، وهم ليسوا معصومين من الخطأ، ولذلك ابتكر العالم «البرلمان» لمراقبة ومحاسبة المسئولين، وابتكر الصحافة والإعلام لمناقشة كلامهم وقراراتهم وأعمالهم، أما المسئول المعصوم من الخطأ فلم يولد بعد.
الجريدة الرسمية