رئيس التحرير
عصام كامل

جريمة لا تغتفر!!


- بينما كانت الحرب العالمية فى أوج اشتعالها، وكانت العاصمة البريطانية تتعرض لقصف الطائرات الألمانية كل دقيقة.. فوجئ ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا بحكم صادر من إحدى المحاكم البريطانية يلزم حكومته بإغلاق أحد المطارات الحربية وإيقاف العمل به لأنه يتسبب فى ازعاج المصلين بإحدى الكنائس القريبة من المطار.

- طبعاً لو كان تشرشل رئيساً للوزراء فى مصر لرفض على الفور تنفيذ حكم المحكمة أو ألقى القبض على القاضى الذى أصدر هذا الحكم العجيب فى وقت الحرب التى تقرر مصير بريطانيا.

ولكن تشرشل - ومن حسن حظ الرجل - كان رئيساً لوزراء بريطانيا التى يعرف المسئولون فيها كيف يحترمون القانون..!

استجاب تشرشل على الفور لحكم المحكمة وقام بإغلاق المطار قائلا: «من الأفضل لانجلترا أن تخسر الحرب ويقال إنها دولة تحترم القانون.. من أن تكسب الحرب وهى دولة لا يحترم فيها القانون»..!

أذكر وأعيد هذه القصة وأنا أشاهد فصول الحرب الدائرة الآن على السلطة القضائية عندنا، التى وصلت ذروتها بعد الاعلان الدستورى الجديد وما فيه من اعتداء واضح على سلطة القضاء والقانون..!!

والهجوم على القضاء لم يكن وليد اليوم بل بدأ بقوة داخل مجلس الشعب قبل حله.. عندما طالب الاعضاء بتطهير القضاء وهددوه بمذبحة جديدة يستعملون فيها سكين القانون والتشريع.. بسلب السلطة القضائية الكثير من السلطات التى توفر لها الحماية والاستقلال اللازمين لأداء دورها فى تحقيق العدالة وسيادة القانون ولكن نادى القضاة تصدى لهذه الحملة المسعورة وأوقفها فى حينها.. ولا أعرف لماذا كل هذه الحرب على السلطة القضائية.. ولماذا خرج هذا الاعلان الدستورى بهذه الصورة وأدى إلى انقسام ابناء الوطن الواحد وسلب بعض اختصاصات السلطة القضائية وألغى احكامها فى وقت تحتاج فيه البلاد إلى الوحدة والتوافق للخروج من أزمتها الطاحنة التى باتت تهدد المستقبل بالفوضى والارتباك ولن يأتى لنا ذلك إلا باحترام أحكام القضاء واستقلاله لأنه الاختيار الوحيد لعبور الوطن نحو الاستقرار والتهدئة وأن تكون وجهتنا جميعا نحو المستقبل والمصلحة العليا للوطن.

التطاول على القضاء بأى صورة من الصور مرفوض والعمل على استقلاله واجبنا جميعا وفرض عين علينا.

قضاء مصر شامخ.. وسينتصر على كل ما يعاديه.. كما ينتصر دائما للمظلومين واصحاب الحق..

- لقد وصف تيار استقلال القضاء الاعلان الدستورى بأنه تقويض لاستقلال القضاء وضماناته التى هى ضمانات للأمة وحريات أبنائها بل إهدار لقيمة الاحكام القضائية وطالب الرئيس بإلغاء الاعلان.. فالقضاء هو ضمير الأمة وحصن حريتها وملاذ المظلومين فيها وأن الحفاظ على استقلال القضاء هو بداية تحقيق دولة ديمقراطية حقيقية تحترم سيادة القانون.

والقضاة دائما وأبدا عند حسن الظن فيهم وقفوا داعمين لقضايا الحريات ومنادين بانتخابات حرة نزيهة وأخيراً.. هل نتعلم من درس تشرشل.. نتمنى.

- ولكن تبقى تداعيات أزمة الاعلان الدستورى.. والدستور الجديد.. والاعتداء الغاشم على المحكمة الدستورية العليا والذى لم يحاكم من ارتكبوه حتى الآن.

- وتبقى مع كل ذلك المليونيات هنا وهناك.. فهل من حل قريب قبل أن تعم الفوضى فى وقت نحن فى أشد الحاجة إلى الاستقرار وانطلاق عجلة الانتاج والتوحد وليس الانقسام الذى عم كل فئات المجتمع.. بالتأكيد إن الحل عند مؤسسة الرئاسة!!

الجريدة الرسمية