رئيس التحرير
عصام كامل

حيثيات براءة مديري الشئون القانونية والتحقيقات ومحامية بـ«القومي للبحوث»

مجلس الدولة
مجلس الدولة
أصدرت المحكمة  التأديبية العليا بمجلس الدولة حكمها في القضية رقم 14 لسنة 62 قضائية عليا ببراءة  مدير عام الإدارة القانونية بالمركز القومي للبحوث ومدير التحقيقات وإحدى المحاميات بالمركز بعد ثبوت عدم ارتكابهم مخالفات إدارية وقانونية.


وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن ما نسب للمحالة الأولى نورا محمد إمام، المحامية بالمركز القومي للبحوث إنما تمثل في عدم مراعاتها الأصول الفنية في التحقيق رقم 6 لسنة2019، والذي أجرته مع الشاكية نسمة محمد عبد العليم، التي تشغل وظيفة اخصائي بقسم سموم وملوثات الغذاء بالمركز القومي للبحوث، إذ لم تحقق في الوقائع التي تضمنتها الشكوى المقدمة منها ضد الدكتور مجدي محب الدين محمد، الأستاذ المتفرغ بذات القسم، للوقوف على حقيقة فحواها من عدمه، مما ترتب عليه مجازاة المذكورة بخصم أجر سبعة أيام من راتبها دون دليل، على حد الوصف الوارد بتقرير الاتهام محل الدعوى الماثلة، فنُسب للمحالين الثاني والثالث علاء فتحي فرج، مدير التحقيقات ومحمد أحمد عامر، مدير عام الإدارة القانونية الموافقة على مذكرة التصرف في التحقيق الذي أجرته المحالة الأولى واعتماد نتيجته.



وتضمنت حيثيات الحكم إن الثابت بالأوراق، ومن التحقيق الذي أُجري مع الشاكية، وبغض النظر عما انتهت إليه نتيجته ودون خوض المحكمة فيما انتهى إليه من قريب أو بعيد، وبعد تمحيصه، فقد تبين أن التحقيقات قد استوفت ما يتعين فيها من ضمانات للشاكية أثناء التحقيق معها، وتمت مواجهتها بما هو منسوب إليها دون تغييب لأي من عناصر الشكوى المقدمة ضدها من الدكتور مجدي محب الدين محمد.

وتبين بالتحقيقات أن الشكوى المقدمة من هذه الشاكية ضد هذا الأخير لا ينبغي للمحالين التصدي لها باعتباره أحد أعضاء هيئة البحوث بالمركز القومي للبحوث ويتمتع وفقا للمادة (105) من قانون تنظيم الجامعات بضمانة وجوب إجراء التحقيقات معه بمعرفة أستاذ من أساتذة كلية الحقوق، فامتنع عليهم التحقيق مع المذكور بحسبان أنه متى كان القانون قد حدد من يجوز له أن يجرى التحقيق مع عضو هيئة التدريس، تعين إحالة التحقيق إلى من حدده القانون مختصاً بإجرائه دون من عداه، ومن ثم لا يجوز لغير أعضاء هيئة التدريس تولى التحقيق مع عضو هيئة التدريس إذا ما قام موجب للتحقيق معه وإلا شاب إجراء التحقيق خطأ جوهري من شأنه أن يؤثر فيه، ويؤدى إلى بطلانه، وبطلان إجراءات المحاكمة والحكم أو القرار التأديبي الصادر استناداً إليه

فلم يتنصلوا من واجبهم في تبصرة السلطة المختصة بهذا الأمر، فطلبوا كتابة بموجب مذكرتين مرفوعتين إلى رئيس المركز ندب أحد أساتذة القانون لإجراء التحقيق مع المذكور فتأشر بحفظ المذكرتين، فانصبت التحقيقات على استجلاء حقيقة ما تضمنته شكوى المذكور من وقائع في حق الشاكية، واستُمع فيها لمن تعين وفقا لرأيهم القانوني سماع شهادته وثبوت جدوى شهادته من حيث صفته أو ما توافرت له من معلومات يدلي بشهادته في شأنها، ومُكِّنَت من الدفاع عن نفسها والتوقيع على أوراق التحقيق كذلك.

وانتهت التحقيقات وفق تقدير المحالين إلى ثبوت المخالفة في جانب الشاكية في ضوء ما هو معلوم بالضرورة من أن إبداء الرأي أو الأخذ به في مسألة فنية خلافية سواء أصاب الحقيقة أم أخفقها لا يستوجب المساءلة التأديبية، مادام كان هذا الرأي على قدر اجتهاد من أدلى به، وبعد عرضه الوقائع بحالتها الحقيقية بدقة ووضوح، عن غير هوى أو غرض، فلا يؤثم المختص إذا أعمل فكره وتقديره في مجال مسألة قانونية طالما كان ما ترتب عليه من فعل أو مسلك لا يعد شذوذًا في منطق التفسير القانوني ويُمكن تَبَنِّيه كوجهة نظر حتى وإن كانت غير راجحة بداءة عند الموازنة والمقارنة والترجيح.

 
وإذ تصدى المحالون للشكوى المقدمة ضد نسمة محمد عبد العليم، بحسبانهم منوط بهم الاختصاص بالتحقيق معها وتبين بجلاء من الأوراق إجراء التحقيقات معها على نحو مستوف للضمانات القانونية، فلا محاجة على مسلك المحالين أو تثريب عليهم إذ غُلت أيديهم قانونا، وبتأشير رئيس المركز بحسبانه السلطة المختصة، عن التحقيق مع الدكتور مجدي محب الدين محمد، بحسبانه أحد أعضاء هيئة البحوث بالمركز ويخضع التحقيق معه للضوابط المقررة بالمادة (105) من قانون تنظيم الجامعات، فضلا عن أن ما انتهوا إليه من رأي قانوني إبان التحقيق مع الشاكية المذكورة هو محض رأي لا يترتب عليه في ذاته أثرا قانونيا ما لم يحظ بتبنيه من قِبَل السلطة المختصة وفقا للقانون.

وإذ صدر قرار مجازاة الشاكية بخصم أجر سبعة أيام من راتبها، فإن القول بأخذ المحالين بالجزاء عن إجراء التحقيقات معها واعتمادها دون التحقيق مع عضو هيئة البحوث بالمركز، ثم القول بأخذهم بالجزاء عن رأيهم القانوني في تلك التحقيقات إنما يخالف ما تعين أن يُحفَظ من استقلال لأعضاء الإدارات القانونية في ممارسة اختصاصهم الفني على النحو المقرر بالمادة السادسة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، لا سيما وقد ثبت مما سلف بيانه أن أي من المحالين لم يخرج عن مقتضى واجبه الوظيفي أو يتخذ في عمله غرضا أو هوى في سبيل إصدار قرار مجازاة الشاكية المذكورة، أو يتغاضى عن ضمانة قانونية مقررة لها، أو يتغافل عمدا بسوء طوية عن دليل بالأوراق قد يُسفِر عن تغيير وجه رأيه، فقد برأت ساحتهم مما نُسب إليهم، وهو ما تقضي به المحكمة ببراءة المحالة الأولى نورا محمد إمام، والمحال الثاني علاء الدين فتحي فرج، والمحال الثالث محمد أحمد عامر، مما نُسب إليهم.


الجريدة الرسمية