لماذا لا يحمل أغلب عناصر داعش والقاعدة شهادات علمية في الدين؟
يخرج الملثمون من داعش والقاعدة على الناس في بيانات نارية، وكأنهم يتسابقون في استعراض مواهبهم في الغضب والشخط والنطر باللغة الدارجة، تعلو أنفاسهم وهم يتلون الخطابات الممتلئة بأحاديث وآيات اقتطعت من سياقها، ثم يتوعدون من يستهدفونهم بإنزالهم أشد العقاب.
يربطون بين هذه الطريقة الهليودية في إخراج المشهد، واختراعهم طرق إجرامية في قتل وتصفية ضحاياهم لإثارة الرعب والفزع في النفوس، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة عن الكيفية التي حصّل بها هؤلاء علومهم الشرعية، ولماذا لايحمل أغلبهم شهادات من هيئات شرعية معروفة وموثوقة !
أصل التطرف
بحسب العديد من الدراسات التي أنتجتها جهات رسمية معنية بعلوم الدين، فالتطرف نادرا ما ينبت من هيئة شرعية تعلم جيدًا أصول الدين، بل هو أيدلوجيا لديها القدرة على الترويج لنفسها وتمرير أفكارها في ظل غياب المواجهة العلمية والفكرية اللازمة، وخاصة في الدول التي تهدمت بسبب الصراع السياسي مؤخرا.
ولا يحتاج التطرف من الشاب أكثر من أن يكون لديه ميول وعاطفة دينية يركز عليها بشدة، وتفضل الجماعات شديدة العنف انتقاء عناصرها من الجهلاء الذين لا يملكون إلا عاطفة دينية مجردة من الوعي، بحيث يمكن استغلالهم جيدا، وإقناعهم بنظرية المؤامرة على الدين، والنفخ فيها بشدة لتصبح هي قضيتهم الأساسية.
العواطف الدينية
بحسب دراسة خرجت مؤخرا من رابطة العالم الإسلامي، أغلب إرهابيي القاعدة وداعش لايملكون في أرشيفهم الدراسي أكثر من شحنات بالعواطف الدينية وفي المقابل لديهم ضعف شديد في تحصيل العلم الديني.
توضح الدراسة أن أكثر هذه العناصر لايهتمون أصلا بتحصيل العلم الديني، ولا يستطيعون النقاش في الدين أمام أي متخصص، إذ يشكل تفكيرهم بعض المعلومات الدينية المتطرفة التي دستها التنظيمات في عقولهم، تناقش العموميات بسطحية شديدة وجهل.
تقول الدراسة أن داعش والقاعدة على وجه التحديد لديهم 85% من مقاتليهم لايعرفون الدين إلا من خلال محتويات تهيج العواطف، ولكنهم لايفقهون في الدين ولايملكون أي شهادت علمية في دراسته.
أما الـ 15% الباقية، فهم نخبة التنظيم والمنظرين الفكريين له، وأغلبهم أيضا بدأ مشوار التطرف بالتشدد الديني ولم يدرس علوم الدين، وتطور مع الغلو في التدين ليصبح بالشكل الوحشي الذي انتهى عليه، ولا يستطيع أغلبهم التفريق بين الدين والتدين، فالدين يمثل الإسلام، أما التدين يمثل مستوى فهمهم لنصوص الإسلام.
الإسلام السياسي
توضح الدراسة أن أفكار الإسلام السياسي المخادعة هي أخطر أشكال التطرف والمسئول الأول غالبا عن تصدير الشباب العنيف للمنظمات الإرهابية ولاسيما القاعدة وداعش، فأيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي نشآوا في جماعة الإخوان ومنها للقاعدة.
تؤكد الدراسة أن الأهداف الإستراتيجية للإخوان ـ الجماعة الأم للإسلام السياسي ـ لا تختلف في أهدافها الإستراتيجية عن القاعدة وداعش، وتقترح بحانب مكافحتها أمنيا وسياسيا، تفعيل المواجهة الفكرية والحوار مع الشباب حول أفكاره الدينية، وتنقيتها من الشوائب والشحن الزائد الذي ينتهي بهم إلى مصيدة الإرهاب والتطرف.