رئيس التحرير
عصام كامل

يسري الجندي المبدع الذي نفتقد إبداعه في رمضان!

يسري الجندي الكاتب الكبير عاشق التراث الشعبي والمعجون بطين وطمي النيل العظيم تفتقده الشاشة الصغيرة في رمضان منذ سنوات، وإذا كان أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن قد رحلا، فان كاتبنا يسري الجندي أطال الله عمره، لايزال يكتب ولايزال قادرا على العطاء، إلا إنني اتابع له على قناة ماسبيرو زمان عملين مميزين، السيرة الهلالية الجزء الاول، وجحا المصري، وكل من العملين استمتع فيهما بفكر وحوار رائعين..


وهنا أذكر في حواراتي الكثيرة مع الاستاذ يسري الجندى عندما كان يتحدث عن السيرة الهلالية كان يقول: إنني لم أكتب السيرة الهلالية كما جاءت فى كتب السيرة بل إننى كتبت إستلهام من الكتب القديمة والاف أبيات الشعر، وهذا كان ردي على الشاعر الكبير عبدالرحمن الابنودي الذى انتقدنى قائلا إن يسرى الجندى لم يكتب الهلالية .

إبداع يسري الجندي
ما يقدمه يسري الجندى ليس بعيدا عن حالة الوطن العربي، بالرغم أن المسلسل تم عرضه منذ أكثر من عشر سنوات إلا إنه يرسم حالة الحكام العرب من تفكك وضعف، وفى مسلسل "جحا المصرى" كان يرسم حالة مصر بعد إنتصار السادس من أكتوبر1973 حتى وصل إلى حالة الضعف والترهل الذى أصاب مصر فى عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، علما بآن المسلسل كتب فى عهد مبارك وفى نهايته مناشدة للشعب بأن يفيق.

وهذان العملان يذكرانا بما قدمه هذا المبدع الكبير حيث قدم مسلسل "مصر الجديدة" عن حياة هدى شعراوي، والذي حمل رسالة مهمة للغاية وهي أن أى حركة وطنية صادقة لابد أن تجمع جميع النشاط الانسانى، شاهدنا فى المسلسل طلعت حرب ومحمود مختار وسيد درويش وبديع خيرى وبسطاء الوطن، اما مسلسل "عبدالله النديم" فهو عن تلك الشخصية الوطنية الفريدة فى تاريخ مصر وللأسف يجهل دورها الناس..

فالنديم تحول من مهرج إلى ثائر حمل هموم الشعب وكان لسان حال الثورة العرابية، وبالرغم من إنكسارالثورة العرابية والهجوم الذى واجهه عرابى بعد عودته من المنفى إلا أن الفلاحيين ظلوا يدافعون عن النديم فى ظل مطاردة السلطة له واخفوه ولم يخونوه وعاش بينهم سنوات طويلة!

 تغيير الواقع
ما السبب الحقيقي الذي يجعل الانسان يتجاهل الجديد ويستمتع بالأعمال القديمة؟ الاجابة الطبيعية أن الجديد الذى يقدم ردىء، تخيل صديقى القارىء فى أحد المسلسلات يقول البطل لبنت اخته: "ملعون أبوكى على أبو أمك.. وأبقى تفيلى على أبوكى يابت"! لن أكتب إسم المسلسل ولا إسم بطله، ولكن سأكتب رأى كتب تعليقا على هذا الحوار: ما تقدمه الدراما بهذا المستوى أخطر على مصر من داعش والإخوان وجميع المنظمات التخريبية!

لا استطيع التعليق على هذه الرؤية التى كتبها د.محمد حامد (80 عاما) تعليقا على ما تقدمه الدراما الآن، وهذا يذكرنى بما قاله الكاتب الكبير يسرى الجندى عندما قال: لست متفائلا وتغيير الواقع فى الإبداع فى السينما والمسرح والدراما أى الثقافة كلها مرهون بتغييرالواقع الحالى، ما يقدم سىء وردىء إلا استثناءات، والأعمال الجيدة اصحابها يدفعون الثمن!
الجريدة الرسمية