رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

يوميات تعذيب الأطفال في مزارع العوينات.. منظمات حقوقية تطالب بتدخل سريع.. ومقاولو الأنفار سر الأزمة

مزارع العوينات
مزارع العوينات
«العوينات الاستثمارية».. واحدة من المناطق التي تسعى الدولة لتنميتها وإحداث نقلة نوعية بها، إلا أنه تزامنًا مع الجهود التي تبذلها الحكومة لتذليل العقبات أمام المستثمرين والشركات، هناك بعض الكيانات الاستثمارية التي اختارت «العوينات» مكانًا لضخ استثماراتها فيها، تعمل على محو ما تحاول القيادة السياسية تحقيقه.


ليس هذا فحسب، لكنها تنتهج سلوكًا يعاقب عليه القانون، ويتنافي مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان. 

«سُخرة الأطفال»
كارثة تشهدها منطقة العوينات الاستثمارية، الواقعة داخل عمق الصحراء الغربية على الحدود السودانية الليبية، حيث يعمل هناك مئات الأطفال في مزارع الشركات بمنطقة شرق العوينات في محافظة الوادى الجديد، وتمارس ضدهم أبشع أنواع أعمال السخرة والتعذيب والترهيب النفسي والبدنى في حين تتراوح أعمارهم بين 10 لـ 16 عامًا، أجبرتهم الظروف العائلية والمادية المتعسرة  علي البحث في الصحراء عن قوت يومهم أملًا في تقديم المساعدة لأسرهم. 



على بعد نحو 1500 كم متر من محافظة القاهرة وداخل عمق الصحراء الغربية تقع منطقة شرق العوينات الاستثمارية وهى عبارة عن منطقة زراعية على مساحة 210 آلاف فدان تعمل بها عدة شركات كبرى في زراعة المحاصيل الاقتصادية التي يتم تصديرها للخارج، حيث تقوم هذه الشركات بزراعة المحاصيل على مدار العام.

وتعتمد على العمالة الكثيفة نظرا لأنها تعمل في مجال الزراعة التي تحتاج إلى الأيدى العاملة بكثافة، كالفول السودانى والبطاطس واللب وغيرها من المحاصيل الأخرى، ولذلك تلجأ غالبية هذه الشركات كل عام في موسم الحصاد إلى استئجار المئات من الأيدى العاملة لجمع المحاصيل وذلك لعدم توافر المعدات الحديثة المتخصصة لتكلفتها العالية وصعوبة صيانتها في هذه المناطق البعيدة، ومن هنا تبدأ مأساة الأطفال.

يوميات التعذيب
خيري طليب، رئيس مجلس إدارة جمعية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالوادى الجديد، كشف أن منطقة شرق العوينات تمارس بها أبشع أنواع التعذيب والترهيب النفسي والبدنى ضد الأطفال الفقراء المتسربين من التعليم.

وهناك أطفال توفوا بسبب الظروف الصعبة التي مروا بها في هذه المناطق ومنهم من لقي مصرعه دهسًا تحت عجلات المعدات الزراعية التي تستخدمها الشركات، ناهيك عن تعرض بعضهم للتعذيب على يد المقاولين الذين جلبوهم لهذا المكان، لمجرد رفضهم استكمال العمل أو مطالبتهم بالعودة لمنازلهم أو حقوقهم المادية.

«طليب» أشار إلى أن عملية جلب الأطفال الصغار تبدأ عندما تطلب الشركات الزراعية من مقاولى الأنفار توفير أيدي عاملة لحصاد محصول البطاطس أو الفول، فالشركة الواحدة تحتاج ما يقارب 100 عامل دفعة واحدة، لتبدأ مهمة المقاولين بالبحث عن الأيدي العاملة بين الأطفال الفقراء الذين يعيشون في قرى الصعيد البعيدة والفقيرة.

وذلك لعدة أسباب أولها توفير أيدي عاملة بمبالغ ضيئلة نظرا لظروفهم الصعبة وحاجة ذويهم للمال، وإقناعهم بالعمل في محافظة الوادى الجديد دون الاكتراث للمسافة أو الظروف التي يعيشون بها، كما أن جميع الأطفال الذين يعملون في هذه الشركات متسربين من التعليم.

مقاولو الأنفار
وأضاف أن مقاولي الأنفار يترددون على القرى لجمع الأطفال دون النظرا إلى أعمارهم أو ظروفهم الصحية ومن ثم يوهمون أسرهم بأنه سيتم إرسالهم لمدة لا تتجاوز أسبوعين للعمل في مزارع بالقرب من المناطق السكنية وبعيدة عن الصحراء وبمبالغ جيدة ومرضية لتبدأ بعد كل هذه الوعود مأساة الأطفال حيث يتم تجميعهم داخل عربات نصف نقل يزيد عدد الدفعة الواحدة عن 50 طفلا داخل صندوق السيارة.

ويسافرون لمدة 12 ساعة متواصلة قبل أن يصلوا إلى المزرعة التي سيعملون بها ليفاجئ الأطفال أنهم في قلب الصحراء ومعزولون عن الحياة.

وتابع: مأساة الأطفال تبدأ عندما يجدون أنفسهم قطعوا هذه المسافة الكبيرة على عكس المتفق عليه، وبعدها يبدأ توزيعهم على المناطق المحددة لهم داخل المزارع ليعملوا في ظروف صعبة تبدأ من بعد صلاة الفجر مباشرة حيث يقضى كل طفل نحو 12 ساعة يوميا وبوجبة واحدة في اليوم داخل المزرعة تحت أشعة الشمس دون راحة أو توقف.

وعند اعتراض أي واحد منهم على ظروف العمل أو المطالبة بالعودة إلى منزله يتم الاعتداء عليه وترهيبه بل يصل الأمر إلى ضربه وإحداث إصابات بالغة به أمام بقية الأطفال حتى يخاف زملاؤه ولا يعترض منهم أحد، إضافة إلى قلة االطعام والمياه ومعظمهم لا يأكل سوى الفول والعسل والعدس طول الفترة التي يقضيها داخل العمل بالمزرعة.

ولا يوجد علاج أو إسعافات إن تعرض أحدهم لظروف صعبة نتيجة ضربات الشمس أثناء الصيف أو البرد القارص أثناء الشتاء، كما أن بعضهم يتعرض للدغات العقارب والثعابين داخل هذه المزارع نظرا لأن المنطقة صحراوية ولا يوجد لهم مكان يستطيعون النوم بداخله سوى الخيام القماش التي خصصت لهم والتي لا تقيهم الحر أو البرد أو هجمات الأفاعي أو العقارب.

تحذيرات حقوقية
في السياق ذاته حذر محمد على يمانى، من أهالي مركز الداخلة ومن العاملين في مجال حقوق الإنسان، من الانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال على أيدى مقاولى الأنفار بمنطقة شرق العوينات والفرافرة، موضحًا أن هناك آلاف الأطفال يتم سلبهم من حقوقهم التعليمية والنفسية والمادية بسبب ما يتعرضون له يوميا.

لافتا النظر إلى أنهم يعثرون يوميا على أطفال هربوا من ذلك الجحيم عن طريق استقلال سيارات النقل الثقيل التي تنقل المحاصيل ولا يستطيعون العودة لأهاليهم، إضافة إلى أن الكثير من هؤلاء المقاولين لا يعطون لهم أجورا بعد انتهاء العمل، وهناك من يقوم بالنصب عليهم وإعطائهم مبالغ ضئية عكس المتفق عليه.

وأشار «يمانى» إلى أن هناك مئات الوقائع والقصص التي جرى توثيقها الصغار من سخرة وتعذيب وترهيب ونصب واحتيال ووفاة، مشددًا على أنه يجب على اللواء محمد الزملوط محافظ الوادى الجديد والعاملين في نجدة الطفل المرور على هذه المزارع ومحاسبة المقاولين وأصحاب المزارع أنفسهم الذين تمت تحت أعينهم هذه الانتهاكات ووافقوا على دخول الأطفال من البداية للعمل داخل مزارع لأنهم طرف ثان وشريك أساسي في هذه الجرائم.

نقلًا عن العدد الورقي...،
Advertisements
الجريدة الرسمية