لماذا التشريعات هي موطن العدل؟
لا بد لكل لوحة فنية مهما عظمت قيمتها أن يكون لها إطار، وحال الفن هو حال القانون، ومن هنا وقف المشرع ليضع قواعد إجرائية يجب مراعاتها لضمان صحة سريان القواعد الموضوعية، ورتب المشرع على غياب القواعد الإجرائية عواقب كثيرة، منها رفض الدعاوى أو سقوط الحق في إقامتها، إلى غير ذلك من التبعات، وغالبًا ما ترتبط تلك القواعد بضمانات كفل حرية الإرادة، ووجود الحق محل التنازع، كما ترتبط بحقوق المتهمين أو الخصوم.
أما التشريعات الموضوعية فهي موطن العدل ومضمونه وفحواه، بينما التشريعات الإجرائية ترسم الطريق إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية هي أن تكون أداة طبيعية ومَطِيَّة ذلولا لعدل سهل المنال مأمون الطريق فلا يحتفل بالشكل ولا يلوذ به إلا مضطرًا يصون به حقًا أو يرد به باطلًا.
المسئولية التأديبية وقد درجت أحكام القضاء، إعلاء لحق التقاضي الذي صانه الدستور وكفله للكافة، في فهمها وتطبيقها للنصوص القانونية التي تنظم الإجراءات السابقة على اللجوء للقضاء، كالتظلم الوجوبي أو اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات، على اعتبار أن تلك الإجراءات ليست أشكالًا جامدة مقصودة لذاتها، وإنما هي وسائل شرعها المشرع لإمكان إنهاء المنازعة قبل اللجوء إلى القضاء تيسيرًا على أصحاب الشأن وجهة الإدارة على السواء، وتخفيفا للعبء الواقع على المحاكم.
والمقرر أن المسئولية التأديبية مسئولية شخصية، شأنها شأن المسئولية الجنائية، بحسبان المخالفة التأديبية هي كل فعل إيجابي أو سلبي ينطوي على الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالموظف العام بمخالفته أحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات الإدارية، أو الإخلال بمقتضيات الوظيفة، ولا بد أن يستند الجزاء إلى سبب يبرره، بحيث يقوم على حالة واقعية أو قانونية تُسَوِّغ التدخل بتوقيع العقاب، ومن ثم إذا انتفت أسباب الجزاء بانتفاء صحة نسبة المخالفة للموظف، برأت ساحته مما هو منسوب إليه، وذلك كله في ضوء ما هو مقرر من أن مناط المسئولية التأديبية أن يكون الفعل داخلا في الاختصاص الوظيفي للموظف، والذي يتحدد وفقا للوائح والقرارات الصادرة في هذا الشأن عن الجهات المختصة.
تحقيق حيادي
والقرار التأديبي يتعين أن يقوم على سبب يبرره، بحسبان سبب القرار التأديبي هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو خروجه على مقتضياتها، فيقوم القرار والحال كذلك على حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخل جهة الإدارة بتوقيع الجزاء، وتجد رقابة القضاء لصحة تلك الحالة حدها الطبيعي في التحقق، مما إذا كانت النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها واقعا وقانونا.
فإذا تبين أنها منتزعة من غير أصول، أو مستخلصة من أصول لا تنتجها حتما، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها غير صحيح، كان القرار فاقدا ركن السبب مخالفا للقانون، ومن ثم يجب أن تثبت المخالفة التأديبية في حق الموظف ثبوتا يقينيا بارتكابه فعلا أو امتناعه عن فعلٍ وجب عليه اتخاذه.
وفي أي نظام اتهامي يترتب عليه توقيع جزاء جنائي أو تأديبي، يجب سؤال المتهم ومواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه كضمانة لكشف الحقيقة وملابساتها وعرض الأدلة الداعمة فضلا عن إحاطة الخاضع للتحقيق علما بالمنسوب إليه ليتاح له إبداء ما يراه كاشفا براءته، وذلك في سياق تحقيق حيادي يكفل حق الدفاع للمتهم، بأن يطرح بجلاء عناصر الاتهام من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص كذلك يعقبه تمكين المتهم من إبداء عناصر دفاعه كافة.
حماية حقوق المتقاضين وكل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها يعد بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات، مما يترتب عليه عدم جواز إدانته بغير أدلة جازمة تخلص إليها المحكمة، ذلك أن الأحكام تُبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين، لا الظن والاحتمال، وكل شك في إثبات الجريمة يجب أن يُفسَّر في مصلحة المتهم، ويقع على جهة الاتهام أو توقيع الجزاء إثبات ما تنسبه إلى الموظف من اتهامات.
ولعل المعنيين بالتشريعات من حيث سنها أو تطبيقها قد التفتوا عما يُسمى بعيوب الشكل والقواعد الشكلية، إلى مفهوم العيوب الإجرائية والقواعد الإجرائية، إذ أن الأخيرة ذات دلالة أكبر، ومفهوم اشمل، كما تجعل من اليسير على غير المتخصص التفرقة بين ما هو إجرائي وما هو موضوعي.
ولم يكن القضاء المصري ليقف جامدًا عند القواعد الإجرائية ألا ليحمي بها حقوق المتقاضين، ولعله من نافلة القول أن المشروعية شرط في دليل الإدانة.. وللحديث بقية.
أما التشريعات الموضوعية فهي موطن العدل ومضمونه وفحواه، بينما التشريعات الإجرائية ترسم الطريق إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية هي أن تكون أداة طبيعية ومَطِيَّة ذلولا لعدل سهل المنال مأمون الطريق فلا يحتفل بالشكل ولا يلوذ به إلا مضطرًا يصون به حقًا أو يرد به باطلًا.
المسئولية التأديبية وقد درجت أحكام القضاء، إعلاء لحق التقاضي الذي صانه الدستور وكفله للكافة، في فهمها وتطبيقها للنصوص القانونية التي تنظم الإجراءات السابقة على اللجوء للقضاء، كالتظلم الوجوبي أو اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات، على اعتبار أن تلك الإجراءات ليست أشكالًا جامدة مقصودة لذاتها، وإنما هي وسائل شرعها المشرع لإمكان إنهاء المنازعة قبل اللجوء إلى القضاء تيسيرًا على أصحاب الشأن وجهة الإدارة على السواء، وتخفيفا للعبء الواقع على المحاكم.
والمقرر أن المسئولية التأديبية مسئولية شخصية، شأنها شأن المسئولية الجنائية، بحسبان المخالفة التأديبية هي كل فعل إيجابي أو سلبي ينطوي على الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالموظف العام بمخالفته أحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات الإدارية، أو الإخلال بمقتضيات الوظيفة، ولا بد أن يستند الجزاء إلى سبب يبرره، بحيث يقوم على حالة واقعية أو قانونية تُسَوِّغ التدخل بتوقيع العقاب، ومن ثم إذا انتفت أسباب الجزاء بانتفاء صحة نسبة المخالفة للموظف، برأت ساحته مما هو منسوب إليه، وذلك كله في ضوء ما هو مقرر من أن مناط المسئولية التأديبية أن يكون الفعل داخلا في الاختصاص الوظيفي للموظف، والذي يتحدد وفقا للوائح والقرارات الصادرة في هذا الشأن عن الجهات المختصة.
تحقيق حيادي
والقرار التأديبي يتعين أن يقوم على سبب يبرره، بحسبان سبب القرار التأديبي هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو خروجه على مقتضياتها، فيقوم القرار والحال كذلك على حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخل جهة الإدارة بتوقيع الجزاء، وتجد رقابة القضاء لصحة تلك الحالة حدها الطبيعي في التحقق، مما إذا كانت النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها واقعا وقانونا.
فإذا تبين أنها منتزعة من غير أصول، أو مستخلصة من أصول لا تنتجها حتما، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها غير صحيح، كان القرار فاقدا ركن السبب مخالفا للقانون، ومن ثم يجب أن تثبت المخالفة التأديبية في حق الموظف ثبوتا يقينيا بارتكابه فعلا أو امتناعه عن فعلٍ وجب عليه اتخاذه.
وفي أي نظام اتهامي يترتب عليه توقيع جزاء جنائي أو تأديبي، يجب سؤال المتهم ومواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه كضمانة لكشف الحقيقة وملابساتها وعرض الأدلة الداعمة فضلا عن إحاطة الخاضع للتحقيق علما بالمنسوب إليه ليتاح له إبداء ما يراه كاشفا براءته، وذلك في سياق تحقيق حيادي يكفل حق الدفاع للمتهم، بأن يطرح بجلاء عناصر الاتهام من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص كذلك يعقبه تمكين المتهم من إبداء عناصر دفاعه كافة.
حماية حقوق المتقاضين وكل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها يعد بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات، مما يترتب عليه عدم جواز إدانته بغير أدلة جازمة تخلص إليها المحكمة، ذلك أن الأحكام تُبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين، لا الظن والاحتمال، وكل شك في إثبات الجريمة يجب أن يُفسَّر في مصلحة المتهم، ويقع على جهة الاتهام أو توقيع الجزاء إثبات ما تنسبه إلى الموظف من اتهامات.
ولعل المعنيين بالتشريعات من حيث سنها أو تطبيقها قد التفتوا عما يُسمى بعيوب الشكل والقواعد الشكلية، إلى مفهوم العيوب الإجرائية والقواعد الإجرائية، إذ أن الأخيرة ذات دلالة أكبر، ومفهوم اشمل، كما تجعل من اليسير على غير المتخصص التفرقة بين ما هو إجرائي وما هو موضوعي.
ولم يكن القضاء المصري ليقف جامدًا عند القواعد الإجرائية ألا ليحمي بها حقوق المتقاضين، ولعله من نافلة القول أن المشروعية شرط في دليل الإدانة.. وللحديث بقية.