رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى وفاته.. أسرار في حياة الراحل أحمد زكي

الفنان أحمد زكى
الفنان أحمد زكى
عانى النجم الأسمر الفنان أحمد زكي في حياته ومنذ ميلاده متاعب كثيرة، فقد عاش حياة اليتيم والوحدة والعزلة حتى أنه قضى حياته وحيدا، ففي مجلة "اليمامة السعودية "عام 1990 يتحدث الفنان أحمد زكي ـ رحل في مثل هذا اليوم ـ عن نفسه وحياته فقال : 


حياتي ميلودراما كأنها من أفلام حسن الإمام، توفى والدي وأنا عمري ست سنوات، أتى بي ثم تركني في الدنيا وحيدا، أمي كانت فلاحة بسيطة صغيرة السن لا يجوز أن تظل عزباء وحيدة في الدنيا فزوجوها وعاشت مع زوجها، ومن بيت خالي إلى بيت جدتي حتى كبرت في بيوت العائلة بلا أخوة أو أم، ولم أرى أمي إلا بعد زواجها بعامين، جاءت إلى بيت جدتي ووجدتها امرأة منكسرة حزينة تنظر إلى بعينين حزينتين وقبلتني وانصرفت دون أن تنطق معي كلمة واحدة .

شعرت باحتواء غريب من نظرة أمي لي يوم زارتني لأول مرة في بيت خالي، وهذه النظرة تصحبني إلى الآن فلم أنس أبدا نظرتها الحزينة لي

في السادسة من عمري أدركت أني لا اعرف كلمة أب أو أم، وإلى اليوم عندما تمر هاتان الكلمتان في مسلسل في حوار كمسلسل أو فيلم اشعر بحرج شديد وأنا انطق كلمة بابا أو ماما ويستعصى علي نطق الكلمة .

وانتقلت إلى مدرسة الزقازيق الثانوية كنت معزولا منطويا على نفسي جدا لكن كل ما أمر به كان ينطبع في ذهني بطريقة عجيبة، تصرفات الناس، نظراتهم، ابتساماتهم، سكوتهم، من ركني المنزوي كنت اراقب العالم فتراكمت في داخلي الأحاسيس والألم، وشعرت بحاجة لأن اصرخ لكي أخرج ما بداخلي واشكى ولكن اشكي لمين حالي .

كان التمثيل هو المنقذ لعذابي ووحدتي ففي داخلي دوامات من القلق مازالت تلاحقني وكانت البداية في المسرح الذي أصبح همي وبيتي .
لا أنكر أني إنسان حزين من يومي سريع البكاء ، لا أبتسم، لا أمزح إلا نادرا، أقرأ الكتب والروايات الحزينة وابكي، أدخل السينما وحدي وأشاهد أفلام ميلودراما درجة ثالثة فأجد دموعي تسيل وابكي وعندما اخرج من العرض وابدأ في اجترار الفيلم وتحليله اجده تافها وسخيفا واضحك على نفسي .

كنت أمام المآسي ابكي بشكل هستيري غير طبيعي وأحيانا اجد أن هذا هو الطبيعي، ومن لا يبكي فهو في النهاية يكبت ويحبس أحاسيسه .
استمرت عزلتي وحزني وحنيني الدائم إلى الحنان وإلى ضمة أمي إلى صدرها، حتى أنه كبرت قبل الأوان فحين كنت في العاشرة كنت وكأنني في العشرين، وفي العشرين كنت أعيش وكأني في الأربعين فقد عشت دائما أكبر من سني حتى أنني أدركت أن طفولتي وشبابي نشلا مني .

ربما أكون مكتئب أحيانا حيث يحضرني الاكتئاب في فترات تكون مرت خلالها أحداثا هزتني من الداخل، إلى جانب أنني شديد التشاؤم أنزل إلى أعماق اليأس، أيضا كنت في نفس الوقت شديد التفاؤل من مجرد كلمة أو بارقة أمل من صديق، وهناك عالم نفساني ساعدني كثيرا في السنوات الأخيرة، وارى أن مرجع كل ما عانيت هو الطفولة اليتيمة التي عشتها .
الجريدة الرسمية