"سلفني شكرا".. وأزمة المسلمين!
سأل رجل الصحابي
الجليل عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، عن حكم دم البعوض يصيب المُحرِم. فسأله عبد
الله: من أين أنت؟ فقال: من العراق. فقال الصحابي الجليل:
"وا عجبا من قوم يسألون عن دم البعوض، وقد سفكوا دم ابن بنت نبيهم. وسمعت رسول
الله صلي الله عليه وآله وسلم، يقول: إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا"!
وفي رواية: "وا عجبا لأهل العراق؛ يقتلون ابن بنت نبيهم، ويستفتون في قتل الجرادة، والقملة والنملة" !
تلخص هذه الرواية أزمة المسلمين في كل الأزمنة، منذ غادر رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، دنيانا إلى الرفيق الأعلى.. حيث إهتم المسلمون بالمظهر دون الجوهر، وانشغلوا بالظاهر دون الباطن، وأصيبوا بداء "النرجسية"، والرياء، فتجولت العبادات إلى عادات، وارتقت العادات إلى مرتبة العبادات.
باتوا يعصون الخالق في أستارهم، ويحرصون على إظهار التقوى والصلاح في العلن.. يأكل الرجل مال اليتيم، ثم يخرج إلى المسجد ليقال عنه إنه حريص على الصلاة.. ولربما أحسن إمامة المصلين، وأتقن تلاوة القرآن الكريم، وإلقاء الخطب.. "كم من قارئ للقرآن، والقرآن يلعنه".
الله أعلم بالسرائر
يروى أن الشيخ عبد القادر الجيلاني، رضي الله عنه، صعد المنبر، ليخطب، فقال: "لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع.. وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع.. وخير ممن قام لله راكع.. وخير ممن جاهد الكفر بسيف مهند قاطع.. وخير ممن صام الدهر والحر واقع.. وإذا نزل الدقيق في بطن جائع له نور كنور الشمس ساطع.. فيا بُشرى لمن أطعم جائع"..
وبغض النظر عن الأغلاط اللغوية في هذه الكلمات، ومدى صحة وقوعها من عدمه.. فإن المعنى المقصود مفهوم، وهو أن الله أعلم بالسرائر، وأن المعاملات أهم كثيرا من العبادات، وأن إنفاق الأموال لإطعام الجوعى وكسوة الفقراء ومساعدة المحتاجين أفضل ألف مرة من إنشاء بيوت العبادة، وإقامة المساجد، والتظاهر بحسن العبادة.
الدافع لكتابة هذه السطور، هو ما قرأته في أحدث الفتاوى التي أطلقتها دار الإفتاء، ردا على تساؤل أحد المسلمين، بشأن أمر جلل، أثار حيرته، وأرق منامه، وأسهد ليله، وهو: "هل استخدام نظام "سلفني شكرا" في إجراء الاتصالات، حلال أم حرام"؟!
وأقسم بالله العظيم إنني لا أمزح.. فهكذا وصل السؤال إلى الدار، وشغل شيوخها وعلماؤها أنفسهم بالرد على هذا التافه (السائل والسؤال).. وتوسع الرد في الاستدلال، والاستنباط؛ لكي يقتنع السائل بصواب الإجابة !!
من هنا يمكننا أن ندرك سر أزمة المسلمين، وتخلفهم.. فهم يشغلون أنفسهم بالتوافه من الأمور.. ويتورطون في ارتكاب أعظم الكبائر، ويرتكبون أخطر الذنوب، والخطايا.. وأنا أرى أن من تشغله مثل تلك الأمور، لم يفهم حقيقة الإسلام، ولا يعرف شيئا عن الله، وعن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.
المحرمات
وللعلم فإن الله، عز وجل، حدد المحرمات في "الوصايا العشر" في الآيات الكريمات: ۞ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153).
هل يجوز بعد ذلك أن يأتي رجل، وقد أكل مال اليتيم، وأساء لجاره، وإغتاب، وإكتسب المال الحرام، على سبيل المثال.. ثم يسأل عن حكم الدين في حلق الشارب في نهار شهر رمضان.. حدث هذا فعلا وأجابه الشيخ: "لو كنت أكلت شاربك فهذا حرام، وإن لم تأكله فمجرد الحلاقة حلال".. وهكذا سخر الشيخ من السائل "المتنطع".
وما قامت الجماعات الإرهابية، وأولها الخوارج إلا بسبب "التنطع"، وعدم الفهم الصحيح للدين الإسلامي، وتشويه صورة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وإظهاره على أنه، والعياذ بالله، قتال، سفاك للدماء، لعان، محب للجنس،.....، وحاشاه، عليه صلوات الله وتسليماته.
وفي رواية: "وا عجبا لأهل العراق؛ يقتلون ابن بنت نبيهم، ويستفتون في قتل الجرادة، والقملة والنملة" !
تلخص هذه الرواية أزمة المسلمين في كل الأزمنة، منذ غادر رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، دنيانا إلى الرفيق الأعلى.. حيث إهتم المسلمون بالمظهر دون الجوهر، وانشغلوا بالظاهر دون الباطن، وأصيبوا بداء "النرجسية"، والرياء، فتجولت العبادات إلى عادات، وارتقت العادات إلى مرتبة العبادات.
باتوا يعصون الخالق في أستارهم، ويحرصون على إظهار التقوى والصلاح في العلن.. يأكل الرجل مال اليتيم، ثم يخرج إلى المسجد ليقال عنه إنه حريص على الصلاة.. ولربما أحسن إمامة المصلين، وأتقن تلاوة القرآن الكريم، وإلقاء الخطب.. "كم من قارئ للقرآن، والقرآن يلعنه".
الله أعلم بالسرائر
يروى أن الشيخ عبد القادر الجيلاني، رضي الله عنه، صعد المنبر، ليخطب، فقال: "لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع.. وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع.. وخير ممن قام لله راكع.. وخير ممن جاهد الكفر بسيف مهند قاطع.. وخير ممن صام الدهر والحر واقع.. وإذا نزل الدقيق في بطن جائع له نور كنور الشمس ساطع.. فيا بُشرى لمن أطعم جائع"..
وبغض النظر عن الأغلاط اللغوية في هذه الكلمات، ومدى صحة وقوعها من عدمه.. فإن المعنى المقصود مفهوم، وهو أن الله أعلم بالسرائر، وأن المعاملات أهم كثيرا من العبادات، وأن إنفاق الأموال لإطعام الجوعى وكسوة الفقراء ومساعدة المحتاجين أفضل ألف مرة من إنشاء بيوت العبادة، وإقامة المساجد، والتظاهر بحسن العبادة.
الدافع لكتابة هذه السطور، هو ما قرأته في أحدث الفتاوى التي أطلقتها دار الإفتاء، ردا على تساؤل أحد المسلمين، بشأن أمر جلل، أثار حيرته، وأرق منامه، وأسهد ليله، وهو: "هل استخدام نظام "سلفني شكرا" في إجراء الاتصالات، حلال أم حرام"؟!
وأقسم بالله العظيم إنني لا أمزح.. فهكذا وصل السؤال إلى الدار، وشغل شيوخها وعلماؤها أنفسهم بالرد على هذا التافه (السائل والسؤال).. وتوسع الرد في الاستدلال، والاستنباط؛ لكي يقتنع السائل بصواب الإجابة !!
من هنا يمكننا أن ندرك سر أزمة المسلمين، وتخلفهم.. فهم يشغلون أنفسهم بالتوافه من الأمور.. ويتورطون في ارتكاب أعظم الكبائر، ويرتكبون أخطر الذنوب، والخطايا.. وأنا أرى أن من تشغله مثل تلك الأمور، لم يفهم حقيقة الإسلام، ولا يعرف شيئا عن الله، وعن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.
المحرمات
وللعلم فإن الله، عز وجل، حدد المحرمات في "الوصايا العشر" في الآيات الكريمات: ۞ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153).
هل يجوز بعد ذلك أن يأتي رجل، وقد أكل مال اليتيم، وأساء لجاره، وإغتاب، وإكتسب المال الحرام، على سبيل المثال.. ثم يسأل عن حكم الدين في حلق الشارب في نهار شهر رمضان.. حدث هذا فعلا وأجابه الشيخ: "لو كنت أكلت شاربك فهذا حرام، وإن لم تأكله فمجرد الحلاقة حلال".. وهكذا سخر الشيخ من السائل "المتنطع".
وما قامت الجماعات الإرهابية، وأولها الخوارج إلا بسبب "التنطع"، وعدم الفهم الصحيح للدين الإسلامي، وتشويه صورة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وإظهاره على أنه، والعياذ بالله، قتال، سفاك للدماء، لعان، محب للجنس،.....، وحاشاه، عليه صلوات الله وتسليماته.