رئيس التحرير
عصام كامل

"مصالحات" على شرع الله.. نجاح اللجنة يدفع "الأزهر" للتوسع في فروع لجان فض المنازعات.. ودورة تدريبية لمن يرغب في الاشتراك

لجنة المصالحات بالأزهر
لجنة المصالحات بالأزهر
نجاحات كثيرة حققتها اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر الشريف، مؤخرًا من خلال إنهاء العديد من وقائع الثأر والتخاصم في المحافظات المختلفة، فلا يكاد يمر أسبوع دون أن تعلن اللجنة عن نجاحها في حل قضية جديدة بين أطرافها المتنازعة، والتي غالبا ما تكون مشكلة قديمة لها جذور من عقود مضت.


وحرص أعضاء اللجنة على حل تلك الأزمات، كما أن تدخل شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بنفسه في بعض الحالات يسهل عمل اللجنة، ويجعل من فكرة حل الخلافات حلا مرضيًا للجميع.

لجنة حل المنازعات

وظهرت فكرة إنشاء لجنة عليا للمصالحات في الأزهر الشريف في عام 2015 بمبادرة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وذلك على خلفية تدخله ونجاحه في عملية الصلح بين عائلتي «الهلايل» و«الدابودية» في محافظة أسوان.

حيث نجح الأزهر حينها في إقناع أطراف المشكلة بضرورة الحل والتصالح بينهما حقنا لدمائهم، وبعد النجاحات التي حققتها اللجنة، تطور الأمر إلى وجود لجنة للمصالحات في كل محافظة تضم في تشكيلها رجال الأزهر العاملين في مجال الوعظ والإرشاد وقطاع المعاهد الأزهرية.






تفاصيل العمل

من جانبه أكد الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر، أمين اللجنة العليا للمصالحات وفض المنازعات، أن اللجنة العليا للمصالحات تسلك في طريق عملها مسلكين الأول هو المشاركة في المصالحات، والآخر هو التوعية بقضية العفو والتسامح في المجتمع، من خلال نشر ثقافتهما بين أبناء المجتمع لتكون وقاية قبل وقوع المشكلات.

حيث رأت اللجنة ضرورة نشر ثقافة التسامح في جميع مناحي المجتمع وأطيافه، وبالفعل أطلقت عدة مبادرات خلال الفترة الماضية للتوعية بخطورة الثأر والعصبية، كما أطلقت دورة عن دور المرأة في العصبية والثأر، وذلك عن طريق الدروس والمحاضرات واللقاءات التوعوية التي يعقدها وعاظ الأزهر مع أطياف المجتمع.

الثقة في رجال الأزهر

وأشار «زكي» إلى أن اللجنة رأت أن هناك ثقة شديدة من قبل المجتمع في الأزهر الشريف، خاصة وأن كثيرا من الناس ترغب في تدخل اللجنة وذلك لما للأزهر من تأثير كبير على الجمهور، بجانب ثقة الناس في رجال الأزهر، وهو ما يسهل عمل اللجنة في كثير من الوقائع.

وهذا يتماشى مع رغبة رجال الأزهر في فض المنازعات بين الناس، على أن يتم التوعية بشكل دوري خلال جلسات الصلح بأهمية العفو والتسامح والآثار الوخيمة للعصبية والثأر التي أصابت المجتمع من فقر وذل وتعطيل للإنتاج والتنمية، فيتم التركيز على تلك الجوانب خلال الحديث مع الناس، وهو ما يأتى بمردود إيجابي لدى المواطنين الراغبين في الصلح.

بجانب تسليط الضوء على جلسات الصلح التي تتم عن طريق نشرها في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مما يجعل الطلبات الخاصة من المواطنين ترد إلى اللجنة.

التنسيق مع جهات الدولة

وأضاف: اللجنة تقوم على آلية خاصة في عملها تقوم على التنسيق مع كافة الجهات بحيث يتم تقديم طلب في بداية الأمر من الطرف الذي يرغب في تدخل الأزهر في حل المشكلة، ثم بعدها تتحرك اللجنة وتبدأ في حل فحص الملف الخاصة بالقضية أو الواقعة المعروضة عليها.

ثم يتم التنسيق مع قوات الأمن في المحافظة التي فيها الأزمة حتى يكونوا على علم بكافة التحركات والجلسات التي تعقدها اللجنة، لافتا إلى أن اللجنة تراعى أمر مهم خلال عملها، وهو أن حلها للأزمة أو القضية نابع من منطلق شرعي، لأن هناك حالات يتم فيها التجاوز عن الشرع أثناء عملية الصلح.

فالأزهر رأي أن يكون حكم اللجنة نابع من القواعد الشرعية وغير مخالف لها سواء أكان الحل لتلك الأزمة هو الدية أو الأحكام العرفية أو غيرها مما يتوافق عليه الطرفان، وذلك بعكس ما يحدث من بعض الوقائع من تجاوز الشرع، بحيث نضمن تحقيق العدالة والإنصاف لجميع الأطراف.

أمين لجنة المصالحات، أوضح أن هناك مبدأ مهما تعمل عليه اللجنة وهو عدم التدخل في الأمور الخاصة بالقضايا المنظورة أمام القضاء على أن يتم ترك العدالة تأخذ مجراها ومسارها الطبيعي.

ولا يتم الضغط على الأطراف للتنازل عن تلك القضايا، إلا إذا كان هناك توافق بين الأطراف المتنازعة على التنازل عن كافة القضايا وهو ما يحدث في حالات كثيرة فهنا اللجنة تبارك هذه الخطوة من قبل الأطراف المتنازعة، حتى يتم حقن الدماء.

كما أنه هناك تنسيق مع مجمع البحوث الإسلامية من خلال تركيز لقاءات وعاظ الأزهر الشريف مع المواطنين والتي تكون من خلال قوافل التوعية المختلفة على موضوعات تخص الصلح مثل خطورة الثأر وضرورة العفو والتصالح وتذكير الناس بضرورة صلة الأرحام ومراعاة حقوق الجوار وغيرها من الروابط المشتركة.

أبرز العقبات

كما سلط أمين لجنة المصالحات الضوء على أبرز العقبات التي تواجهة رجال اللجنة أثناء عملهم، موضحًا أنه من أهم تلك العقبات « العصبية القبلية» بجانب خوف بعض الحالات من الحلول التي تقترحها اللجنة مثل «الدية» مخافة معايرة الناس المحيطين به وأهل بلدته وهو تصور خاطئ تمامًا.

بجانب أن غالبية الحالات يكون أحد أسباب تفاقمها هو «النميمة» التي تحدثت من قبل بعض الأشخاص لذلك يسعى أعضاء لجنة المصالحات إلى محاربة النميمة تلك بين الأطراف المتنازعة، مؤكدًا على ضرورة محاربة تلك الأسباب التي تعيق عمل لجنة المصالحات، وذلك يتم من خلال توعية الناس بجانب التنسيق مع قوات الأمن والتي يكون لها دور عظيم على فض المنازعات.

وأشار «زكي» إلى أن ما لمسته اللجنة من عملها هو أنه غالبا يكون هناك تشوق للصلح بين الأطراف المتنازعة، نظرًا لحالة الضيق والتعب والذل والسجن التي قد يكون تعرض لها أطراف النزاع خلال فترة الأزمة، وذلك عندما يأتى الصلح تكون «انفراجة» كبيرة بين تلك الأطراف.

خاصة لخطورة موضوع فساد ذات البين بين أطراف المجتمع الواحد، لأنه يترتب عليها أمور سيئة كثيرة مثل قطع الأرحام وإساءة الجوار وعلاقات العمل، وتورث الفقر والحبس وتلك الأمور لها آثار مترتبة خطيرة عليها، موضحًا أنه ليس كل القضايا التي تدخل فيها اللجنة تنهى في الصلح ففي بعض الحالات لا يرغب أصحاب القضية في تدخل أي طرف خارجي بينهما لإتمام عملية الصلح وهو ما يعطل العديد من القضايا المعروضة على اللجنة لإتمام عملية الصلح.

الثأر

أمين عام لجنة المصالحات، أكد أن القضاء على مشكلة الثأر لا يكفيه تدخل الأزهر فقط، وإنما يجب أن يكون هناك تكاتف من كافة مؤسسات المجتمع، لذلك تسعى اللجنة خلال الفترة المقبلة لفتح الباب لعقد دورة تدريبية لمن يرغب في الانضمام لعضوية لجنة المصالحات من كافة التخصصات المختلفة سواء وعاظ الأزهر أو رجال القانون أو تخصص علم النفس والتنمية البشرية.

على أن يتم تدريب هؤلاء الأشخاص على «علم المصالحات» لأنه باب كبيرة لا نهاية له سواء فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الناس والأطراف المتنازعة لأن في بعض الأحيان تدخل الأطراف الخارجية في الأزمة يؤدي إلى تفاقم المشكلة وعدم حلها فلا بد أن يكون الشخص الذي يرغب في التعرض لهذا الأمر أن يكون على دراية تامة بكيفية التعامل مع هؤلاء الأشخاص وأن يكون محل ثقة لديهم.

وهو ما يتطلب مواصفات معينة فيمن يتعرض لهذا الأمر، مشددًا على أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف يحث أعضاء اللجنة دائما على العمل على رأب الصدع وحل الأزمات بين الناس، لأنه يرغب في تدخل الأزهر في كافة المشكلات والعلم على حلها.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية