رئيس التحرير
عصام كامل

د. علاء النهري : أرشح الساحل الشمالي الغربي لأن يكون سلة غذاء مصر .. ويجب رى أراضي الدلتا بالرش والتنقيط لهذا السبب ( حوار )

الدكتور علاء النهري
الدكتور علاء النهري
الأكسجين سينتهى من الأرض خلال مليار سنة .. وكوكب المريخ هو البديل المحتمل 

 يجب توطين صناعات الفضاء في مصر


الخزان الجوفي بالمغرة مرتفع الملوحة ولا يناسب إلا الزراعات الملحية

الإمارات حققت طفرة بمسبار الأمل.. وهروب الأكسجين والنيتروجين اهم موانع الحياة على المريخ

يجب اختيار مناطق الاستصلاح من خلال الاستشعار عن بعد والصور الرادارية

الإمارات تسعى لإنشاء مزرعة نباتية على سطح المريخ لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين عبر عملية التمثيل الضوئي

التغيرات المناخية ساهمت في زيادة الامطار على مصر

طيبة 1 أول قمر اتصالات عملاق مصري تم تنفيذه بتقنيات عالية جدا وسيحدث طفرة في قطاع الاتصالات

أكد الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة أن مصر اجتازت خطوات جيدة في مجال علوم الفضاء عام 2019، وقال فى حوار لـ "فيتو" إن توطين التكنولوجيا اللازمة لصناعات الفضاء يجب ان تستمر.

وأن الأرقام الرسمية المعلنة تشير إلى ان نسبة التصنيع المحلي في الأقمار الاصطناعية تصل إلى 50% وكان يجب أن نصل إلى أبعد من ذلك من خلال التقنيات التي عرفناها من تصنيع القمر الاصطناعي إيجيب سات 1 وكان يجب أن نستكمل مشوار العمل على تلك التقنيات لنحصل منها على الخبرات وننتقل بعدها إلى مرحلة آخرى لكننا توقفنا
والى تفاصيل الحوار : 


 *لماذا يهتم البشر باستكشاف المريخ؟

هدف الرحلات العلمية إلى المريخ هو استكشاف الكوكب الأحمر وإمكانية الحياة عليه، وهذا الهدف استراتيجي بالنسبة لبعض الدول والعلماء بسبب تهديد التغيرات المناخية لكوكب الأرض حيث من المتوقع ان ينتهي الأكسجين خلال مليار سنة بسبب تراكم انبعاثات الكربون وارتفاع درجة حرارة الأرض وأيضا بسبب بعض الاحتمالات حول وقوع كوارث كبرى بفعل الطبيعة او الإنسان.

وهو ما يستلزم من وجهة نظر قطاع من العلماء البحث عن سبل المحافظة على الجنس البشري وهو ما يتطلب الانتقال الى مكان آخر لضمانة استدامة وجود البشر في حالة الكوارث الضخمة، وكوكب المريخ ينظر له باعتباره البديل المحتمل للحياة على الأرض في المستقبل البعيد فهو أقرب الكواكب لنا وهو كوكب صخري وتركيبة قريب من الارض ويصلح أن يكون ملاذا بديلا للأرض

*وماهى المشاكل الموجودة على كوكب المريخ ؟

أعقد المشكلات الموجودة على كوكب المريخ هى درجات الحرارة المنخفضة جدا على سطحه وتصل إلى 25 درجة مئوية عند منطقة خط الاستواء وسالب 130 درجة مئوية في مناطق متفرقه من الكوكب وهو يمتلك 4 فصول مثل كوكب الأرض تماما، إلى جانب أن الجاذبية منخفضة على المريخ ولا يوجد غلاف جوي مثل كوكب الأرض لذلك يهرب منه الاكسجين  والهيدروجين، والمعضلة الأخيرة هي ما يدرسها مسبار الأمل الإماراتي على وجه التحديد.

*هل هناك تصور للتغلب علي تلك المشكلات المعقدة ؟

هناك 5 مسبارات اخرى على المريخ للهند وإنجلترا والاتحاد الأوروبي وامريكا إلى جانب المسبار الإماراتي، وتتواجد في الغلاف الجوي للمريخ وجميعها تدرس الحلول الممكنة للتغلب على المشكلات التي تعيق الحياة على المريخ، حيث يجب أن يكون هناك بيئة مهيأة لنشاة الحياة على المريخ، وهناك تصورات خاصة لدى العلماء الأمريكيين باستخلاص الاكسجين من ثاني اكسيد الكربون، فيما تسعى الإمارات خلال سنوات مقبلة لإنشاء مزرعة نباتية على سطح المريخ لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين عبر عملية التمثيل الضوئي.

*هل هناك أسباب أخرى تحرك الدول الكبرى لاستكشاف المريخ والفضاء بشكل عام؟

هناك بالتاكيد واهمها ما تم اكتشافه من ثروات تعدينية هائلة من الذهب والمعادن الثمينة في كويكب Psyche 16 الذي يدور في حزام الكويكبات الموجود بين المريخ والمشترى وقطره 200 كيلومتر وهو عبار عن منجم  كامل من الذهب والمعادن الثمينة كالبلاتنيوم وتقدر قيمة المعادن عليه بما يعادل 10 مليار مليار دولار أمريكي.

*أين مصر من استكشاف الفضاء رغم إننا بدانا برامج الفضاء منذ الستينيات؟

دعنا نبدأ من النهاية، فخلال عام 2019  حققت مصر طفرة كبيرة في علوم الفضاء بعد إطلاق القمر الاصطناعي ايجيبت سات 1  وهو يتضمن تقنيات عالية لتصوير العالم بالفيديو بكاميرات عالية الدقة وتقنيات الـ4K  وهو ما يعود على الدولة بفوائد كبير في مجالات الأمن القومي والتخطيط والزراعة وغيرها، وخلال نفس العام أيضا استضافة مصر مؤتمر القادة الافارقة في الاستشعار من بعد African leadership conference وهذا تم استضافته عندما كنت نائب لرئيس هيئه الاستشعار حيث تم اختيار شرم الشيخ لعقد المؤتمر اثناء تمثيلى لمصر بلجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجى المنعقدة فى فيينا بالنمسا وقت تعليق عضوية مصر من قبل الاتحاد الافريقى، أما وكالة الفضاء الأفريقية فتم استضافتها فى المدينة الفضائية بالقاهرة الجديدة بجوار وكاله الفضاء المصرية.

إلى جانب أن رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي أطلق وكالة الفضاء المصرية وكانت معطلة منذ سنوات، وبعد هذا الإطلاق صنعنا مجموعة من الأقمار الاصطناعية التعليمية وهى أقمار صغيرة للتدريب وزنها كيلو كجرام إلى جانب إطلاق القمر الاصطناعي طيبة 1 وهو أول قمر اتصالات عملاق مصري تم تنفيذه بتقنيات عاليه جدا وسيحدث طفرة في قطاع الاتصالات حيث يغطي خدمات الانترنت، وشبكات الهواتف المحمولة في كل مناطق مصر وهداية السفن والسيارات وسيكون احد أسباب التنمية الكبيرة في الاقتصاد

*البعض يردد أن تجربة مسبار الأمل لا تحتسب كإنجاز للإمارات؟

هذا ادعاء مردود عليه بأن الإمارات حصدت ميزات وخبرات كبيرة من وراء مسبار الأمل اولها إصرار القيادة الإماراتية على تصنيع المسبار داخل الإمارات بخبرة أمريكية وهو ما مكنهم التعرف على أمور جديدة في هذا العالم التكنولوجي المعقد لم يكونو على اطلاع عليها من قبل إلى جانب اصرار الإماراتيين على تصنيع بعض اجزاء المسبار داخل الامارات بالكامل وهو ما اضاف لهم خبرات جديدة مهمة ومتطورة وتؤهلهم لتحقيق قفزات مستقبلية في عالم علوم الفضاء خلال السنوات المقبلة، وهو بلا شك إنجاز يحسب لدولة الإمارات وقيادتها.

*هل يمكننا تصنيع أقمار اصطناعية في مصر بشكل كامل؟

الأرقام الرسمية المعلنة تشير إلى ان نسبة التصنيع المحلي في الأقمار الاصطناعية تصل إلى 50% لكننا كان يجب أن نصل إلى أبعد من ذلك من خلال التقنيات التي عرفناها من تصنيع القمر الاصطناعي إيجيب سات 1 وكان يجب أن نستكمل مشوار العمل على تلك التقنيات لنحصل منها الخبرات وننتقل بعدها إلى مرحلة آخرى لكننا توقفنا


*في رأيك من أين يجب أن يبدأ برنامج الفضاء المصري؟

نبدأ من الامور الأساسية بتوطيد صناعات الفضاء من الأسفل لنتقنها ونمتلك المعرفة فيها، وانا استغرب حينما أسمع مقترحات بإرسال رائد فضاء مصري إلى خارج كوكب الأرض ، فنحن لا نمتلك الرفاهية او الإمكانات المادية التي تؤهلنا لذلك وعلينا التركيز في الأساسيات اولا.

فنحن حتى الان لا نجيد إلا صناعة الأقمار التعليمية الصغير خفيفة الوزن وهو امر رغم اهميته لكنها يمكن تصنيعها من خلال طلاب التصنيع الفني في اوروبا لذلك يجب ان ننتقل لخطوات أكبر.

*هل يجب فتح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في صناعة الفضاء ؟

اتمنى ان ندعم ذلك في مصر ولدينا نموذج لشركة اسبيس أكس في أمريكا التي تدعمها الحكومة ووكالة ناسا أيضا، وإذا تم فتح المجال للقطاع الخاص سنفتح الطريق أمام عقول كثيرة تمتلكها مصر يمكنها أن تحقق الكثير.

*هل يمكن أن يتكيف العالم مع التغيرات المناخية؟

السبب الأول لظاهرة التغيرات المناخية هو الانشطة الصناعية للدول الكبرى نتيجة حرق الوقود الاحفوري وهذا شيء لن يتم التخلص منه إلا باستخدام الطاقة النظيفة ونحن مهتمين بها جدا في مصر بعمل محطات للطاقة النظيفة مثل محطة بنبان وجبل الزيت للطاقة الشمسية وتولدان 80% من حجم كهرباء السد العالي.

لكن طالما هناك انبعاثات ميثان وثاني أكيد الكربون فستزيد درجة حرارة الأرض ويزداد ذوبان الجليد في القطبين وهو ما يهدد دلتا النيل بالغرق، ولدينا مثال مهم في فرع رشيد الذي طغت المياه المالحة على 5 كيلو متر من رأس رشيد خلال فترة قصيرة.

والحل لحماية دلتا النيل هو الاقتداء بالتجربة اليابانية في عمل حوائط بحرية في حفظت الجزر اليابانية من طغيان البحار عليها، ونحن في مصر نضع الكتل الاسمنتية في مواجهة البحر بشكل جيد في السنوات الأخيرة وهى وسيلة حماية جيدة، ولكن في منطقة مثل خليج أبوقير فهناك تاكل لليابسة حدث هناك فعلا نتيجة طغيان مياه البحر.

وهو ما يجب التعامل معه من خلال الحوائط البحرية، وهو أمر واجب لحفظ الدلتا التي تعتبر أكثر مناطق الانتاج الزراعي في مصر، ولدينا مشكلة أخرى في عدم زراعة الارز في بعض مناطق الدلتا الأكثر تملحاً، وفي رأيي أنه يجب زراعة الأرز على عمق 50 كيلو من سواحل الدلتا لمقاومة تملح الأراضي ففرعي رشيد ودمياط، تملحت المياه في نهايتهما عند موضع التقائهما بالبحر نتيجة للسحب الكبير للمياه من ماكينات الري على الفروع فالملوحة وصلت الان إلى مدينة طنطا في قلب الدلتا، ويجب أن أؤكد أنه من الضروري جدا أن تتحول كل أراضي الدلتا للري بالرش والتنقيط.

*هل تحرك حزام الامطار تجاه مصر؟

التغيرات المناخية ساهمت في زيادة الامطار على مصر وتحرك خط الأمطار خلال السنوات الأخيرة، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي ساهمت في زيادة معدلات البخر خاصة وتحرك خط الامطار بمعدل نصف درجة عرض عند منخفض السودان الموسمي وهو أمر يحدث  ويتكرر على فترات طويلة من تاريخ الأرض، فلك ان تعلم ان منابع النيل كانت في البحر الاحمر قبل آلاف السنين، وهو ما يدلل على إمكانية تحرك حزام الأمطار.

*ما موقف المياه الجوفيه في مصر واستدامتها؟

نمتلك في مصر خزان الحجر الرملي النوبي الذي يغطي اغلب مساحة مصر من الجنوب وحتي سيناء وتشترك معنا فيه ليبيا وتشاد والسودان ورغم ضخامته فان نصيبنا منه ليس كبيراً، إلا انه يمثل احتياطيا جيدا من المياه لكنها غير متجددة بشكل كبير ويعيبه فقط الحاجة إلى الحفر على عمق كيلو متر لاستخراج المياه وهي مشكلة يمكن التغلب عليها بسهولة من خلال تكنولوجيا الحفر الحديثة.

وهنا يجب أن أنوه إلى ضرورة تقنين التعامل مع المياه الجوفية في مناطق الاستصلاح فما يحدث الإن يمثل هدر ويجب وضع عدادات على الآبار ومحاسبة كل مستثمر ومزارع على الاستهلاك المناسب لزراعته فهو أمر هام جدا لعدم إهدار الثروة المائية.

*ما هي أهم مناطق الاستصلاح المستقبلية في مصر؟

مناطق الساحل الشمالي الغربي ومحور الضبعة هي مستقبل الاستصلاح في مصر ويمكن أن تكون سلة غذاء مصر  خاصة وأن البئر الجوفي في تلك المنطقة ملوحته جيدة ومناسبة لزراعة محاصيل متنوعة.

*هل تضم المناطق التي ذكرتها منطقة المغرة ؟

رأيي العلمي الذي قلته كثيراً خلال السنوات الماضية أن الخزان الجوفي في المغرة نسبة الملوحة به مرتفعة والأراضي فيه تعانى من بعض المشكلات ولكن يمكن أن تقوم في المنطقة زراعات محدوده  كالأعلاف والنباتات الملحية وبعض المحاصيل المحددة المناسبة لطبيعة الماء والتربة.

وبعض المتواجدين في المغرة الان من صغار المزارعين والمستثمرين يلجأون للاستزراع السمكي بسبب ارتفاع الملوحة، ولكن أؤكد من جديد على ضرورة الاهتمام بالاستصلاح في الساحل الشمالي الغربي الذي كان في ازمنة سابقة سلة غذاء أوروبا خلال الحكم الروماني لمصر.

فالمنطقة تضم أراضي جيدة عبارة عن احواض فيضية متميزة بها تربة طينية وتعتمد المنطقة على الري المطري ولا تحتاج إلا إلى ريتين تكميليتين واذا توافرت المياه هناك من خلال ترعة الحمام فسيتحول الساحل الشمالي الغربي إلى سلة غذاء مصر خاصة لو تم إنشاء مشروع مفاعل الضبعة النووي الذي سيوفر الطاقة اللازمة لزراعة تلك المنطقة بالكامل.

وهي تمتاز أيضا بجود المناخ وقربها من القاهرة والدلتا والموانيء وبالتالي ففرص التسويق للمنتجات منها متميزة.


*ما هي المناطق الاخرى التي ترشحها للاستصلاح؟

مناطق الداخلة والخارجة وغرب غرب المنيا ممتازة لكن يجب التدقيق في الاختيار بناء على عامل ملوحة المياه وطبيعة الأرض وطبقاتها فيجب النظر واتخاذ القرارات عبر صور الاستشعار عن بعد والصور الرادارية التي تكشف ما تحت الارض لاختيار مناطق محددة حتى لوكانت على مساحات متفرقة غير شاسعة داخل الصحراء لكنها تكون في المناطق التي يتوافر فيها العوامل الكاملة لنجاح الاستصلاح.





الجريدة الرسمية