السوريون يبيعون أولادهم!
مضت عشر سنوات على
الحرب الأهلية السورية، دون أن تضع أوزارها بشكل كامل، لأن القوى الإقليمية والعالمية
سعت لخدمة مصالحها والسيطرة على جزء من سورية بغض النظر عن معاناة السوريين في المخيمات
أو اللاجئين في العالم وحتى من لم يغادروا البلد عانوا الأمرين في تدبير معيشتهم،
إن كان في مناطق سيطرة الفصائل، أو مناطق الإدارة الذاتية الكردية أو حتى مناطق سيطرة
الحكومة والجيش السوري الموجود فيها فعلياً الجيش الروسي وإيران وميليشياتها خصوصا
"حزب الله".
وسط هدوء نسبي لآلة الحرب الأهلية، وتكرار القصف الإسرائيلي لمواقع إيران و"حزب الله" في سورية، فضلا عن قصف أمريكي أخير، أعلنت الرئاسة السورية "إصابة الرئيس بشار الأسد وزوجته، بفيروس كورونا وإن حالتهما مستقرة، وسيتابعان عملهما خلال فترة الحجر المنزلي التي تستغرق بين أسبوعين وثلاثة أسابيع".
تجاهل الإجراءات الإحترازية
ساعات قليلة وتصدر "تويتر" هاشتاغ بشار الأسد وتلاه هاشتاغ الشفاء العاجل، وإن تباين التفاعل عليهما حسب الميول السياسية وانتماء المغردين إلى الموالاة والمعارضة، لكنه كان في جميع الأحوال أخف وطأة من رسالة رسمية وجهها البرلمان السوري بجميع أعضائه والعاملين فيه، إلى الأسد وقرينته، كانت مثار سخرية وتهكم.
كان حري بالبرلمان السوري، بدلا من تسطير إطراء للقيادة أن يعاون وزارة الصحة في التقيد بالإجراءات الوقائية من الجائحة والتحذير من موجة إصابات جديدة في البلد، خصوصا أن كل جهة تصدر يوميا إحصاء بإصابات ووفيات مناطق سيطرتها، وكانت الحكومة فرضت قيودا في بداية تفشي الجائحة لكن سرعان ما تخلت عنها تحت وطأة تدهور المعيشة وانهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي، وباتت سورية تشهد حركة حياة شبه طبيعية من دون تطبيق احترازات وقائية.
بدأت الأزمة في سورية منتصف مارس 2011، باحتجاجات ضد النظام سرعان ما تدخلت فيها دول عدة وتحولت إلى حرب أهلية عشرية، أدت إلى تدمير عشرات المدن بالأسلحة الثقيلة، ومقتل نحو نصف مليون سوري، ولجوء ونزوح أكثر من ثمانية ملايين في دول العالم، مع أزمة اقتصادية خانقة بطول البلاد وعرضها في ظل انهيار سعر الليرة أمام الدولار وارتفاع جنوني في الأسعار، جعل وتيرة الشكوى والانتقاد تزداد حتى بين الموالاة بما فيهم الفنانين والإعلاميين وليس فقط المعارضة..
فقر وجوع
وكان لافتا خلال الأيام القليلة الماضية، ما قاله الفنان السوري الكبير غسان مسعود، إذ هاجم النظام للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل عشر سنوات، واستهزأ بشعاراته؛ في وقت يتضور فيه الشعب مرارة الجوع والقهر والإذلال، صحيح أن مسعود من الموالاة لكنه كان حذرا ولم يُبدِ أراءً كثيرة حول ما يحدث طوال السنوات الماضية، وتحاشا أيضا توجيه انتقاد مباشر للنظام، لكنه تخلى عن حذره وقال في مقابلة مع إذاعة "فرح": "من مدير وانت طالع إذا خسرتم الناس خسرتم كل شيء.. المسؤول هو من يجب أن يجد الحلول للناس، ومن لا يجد حلول عليه أن يجلس في المنزل، لا تيجي على مواطن مطلوب منه يصرف 400 ألف ليرة وراتبه 40 ألف فقط، وتطالبه بشعارات".
واستنكر الفنان غسان مسعود، ما آل إليه الواقع الاقتصادي السوري، قائلا: "هذا كفر... المواطن لا يستطيع أن يأكل فواكه في موسم الفواكه، واللحوم والألبان أصبحت حلما بعيد المنال، ومعظم السوريين غير قادرين على شرائها، نتيجة الإنهيار الاقتصادي، وفي ظل الفقر والجوع لا يحق لأي مسؤول أن يزايد على السوريين بأي شعار لأن الأمر صعب التحمل".
قبل تصريحات غسان مسعود المفاجئة، تردد دوي تصريحات أكثر عنفاً وجهتها الفنانة السورية المخضرمة هدى شعراوي، إلى الرئيس بشار الأسد مباشرة قائلة "السوريون يأكلون من القمامة ويبيعون أولادهم".
وقالت الفنانة هدى شعراوي، إحدى بطلات مسلسل "باب الحارة" بشخصية القابلة "أم زكِي" في لقاء مع إذاعة سورية "إن الناس تأكل من القمامة في سورية، بسبب الغلاء".
طفل للبيع
وتوجهت شعراوي، باستغاثة إلى الرئيس الأسد، لأن الغلاء والفقر أوصل الناس إلى الأكل من الحاويات قائلة: "يا سيادة الرئيس، الله يوفقك، خلّيك معنا"، ثم سردت ما شهدته بأم العين، من أن "رجل سوري عرض ابنه البالغ من العمر ست سنوات، للبيع في أحد أحياء دمشق القديمة، بسبب عجزه عن مجرد تأمين الطعام لأولاده الستة".
وتابعت شعراوي: "يا سيادة الرئيس أنا أرى الناس يلتقطون الطماطم العفنة وبقايا الطعام المرمي من حاويات القمامة.. هذا أراه بعيني.. غلاء فاحش، من أين سيأكل الفقير؟!".
المعاناة الحالية امتدت إلى أصوات أخرى كانت محسوبة سياسيا على نظام الحكم، ومنها د. منى غانم من "تيار بناء الدولة" سابقا، التي تحولت معارضة نسوية، فاقترحت من أجل "انفراج اقتصادي" يريح الشعب السوري قليلا أن "يتنازل الرئيس الأسد لقيادي آخر في النظام قبل موعد الانتخابات الرئاسية بعد أسابيع قليلة، من أجل تخفيف الضغط الاقتصادي على الناس، على أن يتم خلال تلك الفترة تفاوض جدي مع الغرب لضمان انتقال سياسي شامل لكل السوريين يحقق انفراج اقتصادي وتغيير ديمقراطي يمنع انهيار الدولة والمجتمع كما يحدث الآن".
وجهت منى غانم، اقتراحها إلى روسيا وإيران باعتبارهما شركاء سورية قائلة: "على روسيا أن تكون الضامن الدولي لحدوث ذلك بأسرع وقت ممكن، وعلى إيران أن تقبل بالأمر أيضاً لأن هذا هو الحل الوحيد لتفادي موت الشعب السوري من الجوع والبرد والقهر".
تباينت الآراء تجاه اقتراح منى غانم وإن أجمعت على عدم موافقة إيران، لأنها لن تغادر سورية مثلما لم تغادر لبنان والعراق واليمن وكل بلد وطأته، ومن مصلحتها استمرار الوضع الراهن، وانهم يفضلون التفاوض مع الغرب بضمانة روسية بعيدا عن النظام الحاكم والمعارضة معاً، خصوصا أن الرئيس الأسد بدأ مبكرا حملته الانتخابية الرئاسية، التي يعتبرها الغرب انتخابات صورية ويرفضها سلفاً، وعليه سيظل الشعب السوري رهن معاناة تفوق الخيال إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
وسط هدوء نسبي لآلة الحرب الأهلية، وتكرار القصف الإسرائيلي لمواقع إيران و"حزب الله" في سورية، فضلا عن قصف أمريكي أخير، أعلنت الرئاسة السورية "إصابة الرئيس بشار الأسد وزوجته، بفيروس كورونا وإن حالتهما مستقرة، وسيتابعان عملهما خلال فترة الحجر المنزلي التي تستغرق بين أسبوعين وثلاثة أسابيع".
تجاهل الإجراءات الإحترازية
ساعات قليلة وتصدر "تويتر" هاشتاغ بشار الأسد وتلاه هاشتاغ الشفاء العاجل، وإن تباين التفاعل عليهما حسب الميول السياسية وانتماء المغردين إلى الموالاة والمعارضة، لكنه كان في جميع الأحوال أخف وطأة من رسالة رسمية وجهها البرلمان السوري بجميع أعضائه والعاملين فيه، إلى الأسد وقرينته، كانت مثار سخرية وتهكم.
كان حري بالبرلمان السوري، بدلا من تسطير إطراء للقيادة أن يعاون وزارة الصحة في التقيد بالإجراءات الوقائية من الجائحة والتحذير من موجة إصابات جديدة في البلد، خصوصا أن كل جهة تصدر يوميا إحصاء بإصابات ووفيات مناطق سيطرتها، وكانت الحكومة فرضت قيودا في بداية تفشي الجائحة لكن سرعان ما تخلت عنها تحت وطأة تدهور المعيشة وانهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي، وباتت سورية تشهد حركة حياة شبه طبيعية من دون تطبيق احترازات وقائية.
بدأت الأزمة في سورية منتصف مارس 2011، باحتجاجات ضد النظام سرعان ما تدخلت فيها دول عدة وتحولت إلى حرب أهلية عشرية، أدت إلى تدمير عشرات المدن بالأسلحة الثقيلة، ومقتل نحو نصف مليون سوري، ولجوء ونزوح أكثر من ثمانية ملايين في دول العالم، مع أزمة اقتصادية خانقة بطول البلاد وعرضها في ظل انهيار سعر الليرة أمام الدولار وارتفاع جنوني في الأسعار، جعل وتيرة الشكوى والانتقاد تزداد حتى بين الموالاة بما فيهم الفنانين والإعلاميين وليس فقط المعارضة..
فقر وجوع
وكان لافتا خلال الأيام القليلة الماضية، ما قاله الفنان السوري الكبير غسان مسعود، إذ هاجم النظام للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل عشر سنوات، واستهزأ بشعاراته؛ في وقت يتضور فيه الشعب مرارة الجوع والقهر والإذلال، صحيح أن مسعود من الموالاة لكنه كان حذرا ولم يُبدِ أراءً كثيرة حول ما يحدث طوال السنوات الماضية، وتحاشا أيضا توجيه انتقاد مباشر للنظام، لكنه تخلى عن حذره وقال في مقابلة مع إذاعة "فرح": "من مدير وانت طالع إذا خسرتم الناس خسرتم كل شيء.. المسؤول هو من يجب أن يجد الحلول للناس، ومن لا يجد حلول عليه أن يجلس في المنزل، لا تيجي على مواطن مطلوب منه يصرف 400 ألف ليرة وراتبه 40 ألف فقط، وتطالبه بشعارات".
واستنكر الفنان غسان مسعود، ما آل إليه الواقع الاقتصادي السوري، قائلا: "هذا كفر... المواطن لا يستطيع أن يأكل فواكه في موسم الفواكه، واللحوم والألبان أصبحت حلما بعيد المنال، ومعظم السوريين غير قادرين على شرائها، نتيجة الإنهيار الاقتصادي، وفي ظل الفقر والجوع لا يحق لأي مسؤول أن يزايد على السوريين بأي شعار لأن الأمر صعب التحمل".
قبل تصريحات غسان مسعود المفاجئة، تردد دوي تصريحات أكثر عنفاً وجهتها الفنانة السورية المخضرمة هدى شعراوي، إلى الرئيس بشار الأسد مباشرة قائلة "السوريون يأكلون من القمامة ويبيعون أولادهم".
وقالت الفنانة هدى شعراوي، إحدى بطلات مسلسل "باب الحارة" بشخصية القابلة "أم زكِي" في لقاء مع إذاعة سورية "إن الناس تأكل من القمامة في سورية، بسبب الغلاء".
طفل للبيع
وتوجهت شعراوي، باستغاثة إلى الرئيس الأسد، لأن الغلاء والفقر أوصل الناس إلى الأكل من الحاويات قائلة: "يا سيادة الرئيس، الله يوفقك، خلّيك معنا"، ثم سردت ما شهدته بأم العين، من أن "رجل سوري عرض ابنه البالغ من العمر ست سنوات، للبيع في أحد أحياء دمشق القديمة، بسبب عجزه عن مجرد تأمين الطعام لأولاده الستة".
وتابعت شعراوي: "يا سيادة الرئيس أنا أرى الناس يلتقطون الطماطم العفنة وبقايا الطعام المرمي من حاويات القمامة.. هذا أراه بعيني.. غلاء فاحش، من أين سيأكل الفقير؟!".
المعاناة الحالية امتدت إلى أصوات أخرى كانت محسوبة سياسيا على نظام الحكم، ومنها د. منى غانم من "تيار بناء الدولة" سابقا، التي تحولت معارضة نسوية، فاقترحت من أجل "انفراج اقتصادي" يريح الشعب السوري قليلا أن "يتنازل الرئيس الأسد لقيادي آخر في النظام قبل موعد الانتخابات الرئاسية بعد أسابيع قليلة، من أجل تخفيف الضغط الاقتصادي على الناس، على أن يتم خلال تلك الفترة تفاوض جدي مع الغرب لضمان انتقال سياسي شامل لكل السوريين يحقق انفراج اقتصادي وتغيير ديمقراطي يمنع انهيار الدولة والمجتمع كما يحدث الآن".
وجهت منى غانم، اقتراحها إلى روسيا وإيران باعتبارهما شركاء سورية قائلة: "على روسيا أن تكون الضامن الدولي لحدوث ذلك بأسرع وقت ممكن، وعلى إيران أن تقبل بالأمر أيضاً لأن هذا هو الحل الوحيد لتفادي موت الشعب السوري من الجوع والبرد والقهر".
تباينت الآراء تجاه اقتراح منى غانم وإن أجمعت على عدم موافقة إيران، لأنها لن تغادر سورية مثلما لم تغادر لبنان والعراق واليمن وكل بلد وطأته، ومن مصلحتها استمرار الوضع الراهن، وانهم يفضلون التفاوض مع الغرب بضمانة روسية بعيدا عن النظام الحاكم والمعارضة معاً، خصوصا أن الرئيس الأسد بدأ مبكرا حملته الانتخابية الرئاسية، التي يعتبرها الغرب انتخابات صورية ويرفضها سلفاً، وعليه سيظل الشعب السوري رهن معاناة تفوق الخيال إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.