ثورة التعليم والثقافة
قبل سنوات كنت في
زيارة لمدينة بالسويد عندما اقترحت صديقة أن أزور الجامعة، وقد تخوفت في البداية أن
تكون إجراءات دخولي صعبة، كنا لا نزال في الطريق نتجاذب أطراف الحديث عندما توقفنا
لدخول كافيتريا ملحقة بأحد المباني لأسألها عن سبب توقفنا وعدم استكمال طريقنا لكنها
فاجأتني بأننا بالفعل داخل مباني الجامعة منذ وقت طويل ولكننا فقط سنستريح قليلًا قبل
استكمال الجولة.
ما صدمني هو تخيلي المسبق بأن الجامعة لابد أن تكون محاطة بالأسوار، وهي ثقافة انتقلت لنا من السجون لتترسب في نفوس بعض الأساتذة أخلاقيات "السجان" الذي يتعمد التضييق على ضحاياه حتى أصبحت مشقة الحصول على الدرجات العلمية تكمن بالأساس في الصعوبات الإدارية والبيروقراطية أكثر من التحصيل العلمي نفسه.. أما وقائع التحرش الجنسي داخل الحرم الجامعي فقد أصبحت تتردد بين الحين والآخر حتى بدأت أشك أن يكون الحرم الجامعي قد تمت تسميته "حرم" لأنه تزوج عرفيًا من بعض الأساتذة.
في المقابل فإن بعض الكليات تكتفي بإعطاء الطالب شهادة التخرج بينما لا تؤهله للعمل حتى بدأت اعتقد أن هناك نوعين من الشهادات لن استفيد منهم في الدنيا أو الآخرة وهما شهادة الزور وشهادة التخرج.
استطيع أن أخبركم عن صديقي الذي تخرج في كلية الآداب ويعمل حاليًا سائق ليموزين، أو صديقي الآخر الذي تخرج في كلية الحقوق وافتتح مؤخرًا عربة لبيع الطعام في الشارع، أو جارتي التي درست في كلية التربية ووجدت أخيرًا عملًا في أحد المطاعم!
التعليم وإهدار العمر
تحول التعليم من وسيلة للارتقاء الاجتماعي إلى وسيلة منظمة لإهدار العمر بعد أن تزايدت المسافة بين ما نتعلمه في بعض الكليات واحتياجات سوق العمل.. ومثلما لا تساهم الجامعة في إعداد الطالب مهنيًا، فهي لا تدعم أصلًا العلم المجرد أو تشارك في تطوير الجوانب المعرفية أو الاكتشافات العلمية ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة عبر تتبع خطوات حصول الباحث على درجاته العلمية (الماجستير والدكتوراه) حيث يهتم في المقام الأول –عادة- بالحصول على الدرجة وليس تحقيق إنجاز علمي أو أدبي حتى إذا تشابهت المواضيع البحثية أو اعتمدت الرسالة العلمية على السرقة بلا خجل من أبحاث سابقة.
نحتاج إلى ثورة لمواجهة السلبيات المتواجدة في التعليم، وعلى رأسها غياب المنظومة المحددة للعلاقة بين الطالب وأستاذه.. ومثلما أنقذت ثورة يونيو هوية الدولة، فإننا نأمل في إطلاق ثورات تعليمية وثقافية تنقذ مستقبل الدولة إذا أردنا أن نجفف بحار التخلف ونأخذ المكانة التي نستحقها على خريطة العالم.
ما صدمني هو تخيلي المسبق بأن الجامعة لابد أن تكون محاطة بالأسوار، وهي ثقافة انتقلت لنا من السجون لتترسب في نفوس بعض الأساتذة أخلاقيات "السجان" الذي يتعمد التضييق على ضحاياه حتى أصبحت مشقة الحصول على الدرجات العلمية تكمن بالأساس في الصعوبات الإدارية والبيروقراطية أكثر من التحصيل العلمي نفسه.. أما وقائع التحرش الجنسي داخل الحرم الجامعي فقد أصبحت تتردد بين الحين والآخر حتى بدأت أشك أن يكون الحرم الجامعي قد تمت تسميته "حرم" لأنه تزوج عرفيًا من بعض الأساتذة.
في المقابل فإن بعض الكليات تكتفي بإعطاء الطالب شهادة التخرج بينما لا تؤهله للعمل حتى بدأت اعتقد أن هناك نوعين من الشهادات لن استفيد منهم في الدنيا أو الآخرة وهما شهادة الزور وشهادة التخرج.
استطيع أن أخبركم عن صديقي الذي تخرج في كلية الآداب ويعمل حاليًا سائق ليموزين، أو صديقي الآخر الذي تخرج في كلية الحقوق وافتتح مؤخرًا عربة لبيع الطعام في الشارع، أو جارتي التي درست في كلية التربية ووجدت أخيرًا عملًا في أحد المطاعم!
التعليم وإهدار العمر
تحول التعليم من وسيلة للارتقاء الاجتماعي إلى وسيلة منظمة لإهدار العمر بعد أن تزايدت المسافة بين ما نتعلمه في بعض الكليات واحتياجات سوق العمل.. ومثلما لا تساهم الجامعة في إعداد الطالب مهنيًا، فهي لا تدعم أصلًا العلم المجرد أو تشارك في تطوير الجوانب المعرفية أو الاكتشافات العلمية ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة عبر تتبع خطوات حصول الباحث على درجاته العلمية (الماجستير والدكتوراه) حيث يهتم في المقام الأول –عادة- بالحصول على الدرجة وليس تحقيق إنجاز علمي أو أدبي حتى إذا تشابهت المواضيع البحثية أو اعتمدت الرسالة العلمية على السرقة بلا خجل من أبحاث سابقة.
نحتاج إلى ثورة لمواجهة السلبيات المتواجدة في التعليم، وعلى رأسها غياب المنظومة المحددة للعلاقة بين الطالب وأستاذه.. ومثلما أنقذت ثورة يونيو هوية الدولة، فإننا نأمل في إطلاق ثورات تعليمية وثقافية تنقذ مستقبل الدولة إذا أردنا أن نجفف بحار التخلف ونأخذ المكانة التي نستحقها على خريطة العالم.