رئيس التحرير
عصام كامل

مرسي حارب الأزهر بـ"وجبة فراخ".. "الإخوان" هاجموا قانون استقلال "الأزهر".. فكروا في عزل الطيب بحجة أنه من "الفلول".. "الجماعة" حثت أتباعها على التظاهر ضد "الإمام" الأكبر بـ"التسمم"

الرئيس محمد مرسي
الرئيس محمد مرسي

النيل من الأزهر الشريف والتطاول عليه وتجريح شيخه.. أمور لم تكن بعيدة عن الرئيس محمد مرسي وجماعته خلال العام الأول من حكمه، فما حدث للمؤسسة الدينية خلال عهده لم يحدث على مر العصور السابقة، فعلى يد الرئيس الإخواني ضاعت هيبة الأزهر الشريف تماما بل وصلت إلى حد المجاهرة بالعداء والكراهية والتهميش منذ أول يوم تولى فيه الدكتور مرسي الرئاسة، مرورا بالتهميش لشيخه الدكتور أحمد الطيب جهارا على مرأى ومسمع من الجميع، وحتى المطالبة بعزله باعتباره من أذناب الحزب الوطني المنحل، وواحدا من أكبر الفلول التي يجب عزلها، وصولا إلى تسميم طلاب المدينة الجامعية بالأزهر الشريف، من أجل دفعه إلى الرحيل وترك مشيخة الأزهر لشيوخ الإخوان.


مسلسل إهانة مؤسسة الرئاسة للأزهر الشريف، بدأ مع الدفع بالدكتور مرسي في انتخابات الرئاسة، بمطالبات قيادات الجماعة بعزل الفلول، وإعدادهم ملفا يحوي أسماء كل من كانوا على صلة بالحزب الوطني السابق، تصدره شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي ألصقوا به كل التهم التي أساءت لمنصب الإمام الأكبر، وادّعوا أنه أحد ثلاثة كانوا يدبرون مكائد الحزب الوطني وأمانة السياسات، وحارب الإخوان القانون الذي كان يعده الأزهر للاستقلال عن الدولة، بإشاعة أنه تفصيل الطيب، وفى أوائل يوليو 2012 عقب فوز مرسي بالرئاسة تسربت للشارع أنباء باعتزام تغيير شيخ الأزهر بحجة أنه أحد رموز الحزب الوطني، وأنه يعادي الإخوان باستبعاده أي شخص له صلة بالجماعة من هيئة كبار العلماء على أن يحل محله شيخ الجماعة ومفتيها الدكتور عبد الرحمن البر.

وما زال حاضرا في الأذهان الحرج المتعمد الذي أصاب الدكتور الطيب، بسبب تهميش الرئيس مرسي لشيخ الأزهر في حفل تنصيبه رئيسا للجمهورية بقاعة المؤتمرات الكبرى في جامعة القاهرة، لصالح جلوس أعضاء مكتب الإرشاد في المقصورة الرئيسية لكبار الزوار، فقد كان المتفق عليه تخصيص مكان للإمام الأكبر وفقا لقواعد البروتوكول، لكن لم يكن هناك مكان مخصص لاستقبال شيخ الأزهر ضمن كبار الضيوف الذين خصص لهم صالون خاص مرفق بالقاعة الرئيسية، ما اضطر شيخ الأزهر إلى الجلوس فترة في مقاعد الصالة العامة والانتظار طويلا، إلا أن الدكتور الطيب تدارك الأمر بالانصراف حرصا على كرامة الأزهر وعلمائه قبيل إلقاء الرئيس مرسي خطابه الأول للأمة، ورغم أن الرئيس مرسي وقتها تقدم باعتذار رسمي لطلبة كلية الآداب عن تعطيل الامتحانات، لم يقدم هو أو أحد أعضاء مكتب الإرشاد أي اعتذار رسمي لشيخ الأزهر، على الرغم من انسحابه علانية من الاحتفال، والذي لم يسترع انتباه جماعة الرئيس مرسي سوى بعد مرور يومين من الموقف المهين لشيخ الأزهر، فاتصل به هاتفيا مرسي ليعرب عن تقديره للإمام الأكبر بعد موجة غضب عارمة في الشارع المصري.

وفى اليوم العاشر من نفس الشهر تكررت إهانة شيخ الأزهر أمام الجميع، خلال احتفال القوات المسلحة بمناسبة تخريج دفعة من الكلية الفنية العسكرية، فتذكر أفراد مؤسسة رئاسة الجمهورية ما حدث من شيخ الأزهر وانسحابه، ووضعوا مقعدا له في الصفوف الأولى بالقرب من الرئيس وبجوار الفريق سامي عنان رئيس الأركان وقتها وعندما تقدم الرئيس لمصافحة الحضور تجاهل شيخ الأزهر، فقد تعمد الدكتور مرسي بعد أن صافح المتواجدين في الصف الأمامي، عندما وصل إلى شيخ الأزهر عدم مصافحته.

إهانة شيخ الأزهر في عهد الرئيس مرسي تواصلت في بداية العام الجاري، وتحديدا في 23 يناير 2013، عندما تم تجاهل تخصيص مقاعد في الدرجة الأولى للوفد المرافق لشيخ الأزهر في رحلته إلى السعودية، وهو ما اعترض عليه شيخ الأزهر لأنه ينم عن إهانة واضحة لعلماء الأزهر الشريف، وعلى أثره ألغى سفره هو والوفد المرافق له، وهذا الأمر كان الأول من نوعه مع شيخ الأزهر، خاصة أن الطائرة كانت تابعة للمملكة العربية السعودية وفى زيارة رسمية، ولم يكن يحدث هذا إلا بسبب التهميش المتعمد من الرئاسة المصرية للإمام الأكبر.

التربص الإخواني بشيخ الأزهر، وضح جليا حين توفي طالب بكلية الهندسة إثر أزمة قلبية وتأخر وصول سيارة الإسعاف إلى المدينة الجامعية بالأزهر، رغم أن الطالب كان يعانى مرضا مزمنا، فدفعت جماعة الإخوان طلابها للتجمهر في شوارع مدينة نصر، والمطالبة بإبعاد شيخ الأزهر، عندما ثبت فشل هذه الطريقة في إجبار الدكتور الطيب على التنحي عن منصبه وترك الأزهر لهم.

كان حادث تسميم طلاب المدينة الجامعية في الأزهر الشريف في بداية شهر أبريل الماضي، ووصلت حالات التسمم إلى المئات حتى اكتظت بهم المستشفيات، وطالب طلاب الأزهر المنتمون للإخوان يتقدمهم رئيس الاتحاد بعزل الطيب، وهى السابقة الأولى في التاريخ التي يخرج فيها طلاب الأزهر يرفعون أصواتهم بألفاظ تسيء لشيخ الأزهر والإسلام، ولكن أمنيتهم ذهبت أدراج الرياح.

وما زاد الحقد وأشعل نيران الضغينة داخل الصدور الإخوانية، التأييد الذي لاقاه شيخ الأزهر على خلفية سفره إلى المملكة العربية السعودية لتدعيم أواصر العلاقات بين البلدين، وعودته إلى مصر بطيب خاطر بعد أن كانت العمالة المصرية ترحّل بالمئات من المملكة العربية السعودية.

النيران المستعرة لدى الإخوان أسهم فيها تكريم دولة الإمارات العربية لشيخ الأزهر، كشخصية العام الثقافية في نهاية ذات الشهر، وتحديدًا في 29 أبريل الماضي، فقد تسلم جائزة قدرها مليون درهم إماراتي، تبرع بقيمتها كاملة لحساب الأزهر الشريف وأدرجها في ميزانيته العامة، وخلال زيارة الطيب للإمارات تمكن بجهوده من استصدار قرار من الدولة الشقيقة بالإفراج عن 103 مصريين كانوا معتقلين في السجون الإماراتية، وهو ما فشل فيه الرئيس وجماعته، فأعقبه تدبير واقعة التسمم الثانية في صبيحة يوم 30 أبريل، ليتقدم طلاب الإخوان مظاهرات تجوب الشوارع مطالبة بإقالة شيخ الأزهر.
الجريدة الرسمية