رئيس التحرير
عصام كامل

الجيش الروسي والعقوبات الغربية

الاتحاد الروسي وقطاعاته الاقتصادية باتت في دائرة استهداف العقوبات الغربية (أمريكية و أوروبية) منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 و مروراً بأحداث مهمة على مستوى العلاقات الروسية-الغربية، مثل التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016 و تسمم سيرجي سكريبال في بريطانيا وغيرها من الأحداث التي تدور في فلك التنافس الروسي الغربي بشكل عام.


ومن أهم القطاعات الاقتصادية التي كانت العقوبات الغربية تستهدفها- قطاع النفط والغاز الروسي. فكانت الشركات الروسية الكبرى في هذا المجال أول من وقعت عليها هذه العقوبات، مثل "روس نفط" و"غاز بروم بنك" التابع لعملاق الغاز الروسي "غاز بروم" و"ترانس نفط" و غيرها.

أما في الفترة الأخيرة فكان مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي سيمتد حتى الأراضي الألمانية، الهدف الأهم لكل العقوبات الأمريكية و المضايقات الفنية من أجل عدم إتمامه، بالرغم من حاجة جمهورية ألمانيا الاتحادية له. وآخر العقوبات على مشروع "نورد ستريم 2" كانت عقوبات على السفينة "فورتونا" التي تملكها شركة "كاي.في.تي-روس" الروسية" والتي تشارك في سير عمل بناء هذا المشروع المهم للاقتصاد الروسي والألماني.

الدور المصري في حرب النفط العالمية

إن كانت هناك ميزة واحدة للعقوبات الغربية، سنجدها في أن الاقتصاد الروسي وقطاعاته الانتاجية منذ 7 سنوات تعلم كيف يعتمد على نفسه في جميع مراحل الانتاج، دون الاعتماد على الخارج.

فعلى سبيل المثال في قطاع النفط والغاز، أقيم في الأسبوع الماضي، في منطقة نيجني نوفغورود حدثًا مهماً جمع قيادات منطقة تيومين الروسية التي تتمركز بها صناعات النفط والغاز وبين قيادات منطقة نيجنى نوفغورود التي تتمركز بها الصناعات العسكرية، تعرف المشاركون فيه على القدرات الإنتاجية للمجمع الصناعي العسكري في روسيا ومتطلبات صناعة النفط والغاز، وناقشوا النماذج المثلى للتفاعل في الحلول التكنولوجية للمستقبل القريب.

جدير بالذكر أن منطقة نيجني نوفغورود  هي إحدى مراكز صناعة الدفاع، حيث يتركز جزء كبير من التقنيات العسكرية. فهناك 50 مؤسسة للصناعات الدفاعية تعمل في المنطقة، ويعمل بها أكثر من 92 ألف شخص. وجدير بالذكر أيضاً، أن أكثر من 55٪ من النفط الروسي وأكثر من 75٪ من احتياطيات الغاز الروسي تتركز في أراضي منطقة تيومين الكبيرة، والتي تضم منطقتي خانتي مانسي ويامالو نينيتس المتمتعة بالحكم الذاتي.

تاريخيًا، منذ منتصف القرن الماضي، تركزت الشركات والمؤسسات لتطوير الصناعة داخل المنطقة لحل المهام الاستراتيجية لمجمع الطاقة. تضم مجموعة صناعة النفط في المنطقة حاليًا 45 شركة من عشر مناطق في روسيا. في عام 2016، قاموا بشراء منتجات من شركات منطقة تيومين مقابل 27 مليار روبل، وفي عام 2019 -بالفعل مقابل 156 مليار روبل.

أي هنا نجد أن القيادة الروسية تحاول تطبيق مبدأ التكامل بين الأقاليم الروسية المختلفة من أجل عدم الاعتماد على الشركات الغربية ومن أجل تفادي أي آثار سلبية لأي عقوبات غربية. أي هناك رغبة في الوصول إلى مستوى جديد من استبدال الواردات الخارجية بمنتجات لم يتم إنتاجها من قبل في روسيا.

هل قررت روسيا إحياء سياسات الاتحاد السوفيتي في أفريقيا؟

وهنا لن نفكر كثيراً من أجل معرفة من هي الجهة التي يمكنها فعل ذلك! بالطبع سنجد أن الشركات العسكرية الروسية هي التي تستطيع تنفيذ هذه الاستراتيجية، التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي أمر فيها المجمع الصناعي العسكري في البلاد لزيادة حصة المنتجات المدنية إلى 50٪ من إجمالي الإنتاج بحلول عام 2030.

وأهم شركات المجمع الصناعي العسكري الروسي-مجموعة ألماظ-آنتاي العملاقة التي تقع في مدينة نيجني نوفغورود والتي تعمل على تطوير منصات ونماذج الحلول التكنولوجية الواعدة لمصلحة قطاع الوقود والطاقة. على سبيل المثال، تشمل المنتجات المدنية لمجموعة ألماظ-آنتاي أنظمة إنتاج الغاز تحت سطح البحر، ووحدات ضغط الغاز الطبيعي، و رافعة هيدروليكية متنقلة لرفع ونقل الأحمال حتى 100 طن، ونموذج لمجمع هوائي هيدروليكي، ونظام الوصول إلى الآبار ، وغيرها.

وجدير بالذكر خلال الحدث المهم الذي تم الأسبوع الماضي حضر كل من حاكم منطقة تيومين ألكسندر مور ورئيس منطقة نيجني نوفغورود جليب نيكيتين، ونائب وزير الطاقة والصناعة والتجارة في الاتحاد الروسي، ورؤساء غاز بروم، وغاز بروم نفط ، وسيبور(عملاق الصناعات البتروكيماوية)، وروس آتوم، ولوك أويل وغيرهم.

وفي إطار هذا الحدث أيضاً، تم توقيع اتفاقية بين جامعة تيومين الصناعية ومجموعة  "ألماظ- آنتاي" حول التعاون في تطوير المنتجات المدنية.
الجريدة الرسمية