توابع خطاب الإفك والنصب
"يارايح كثر من الفضايح" مثل شعبي يلخص ما جاء في "أطروحة" ألقاها مرسي على مسامعنا، لكن بصراحة ورغم كرهي لكل ما يمت للإخوان بصلة، لكن يجب ألا أبخس مرسي حقه، فالرجل جعلني أدمع ضحكا من "شر البلية" في زمن "إخواني" عزت فيه الابتسامة.
مرسي يستخدم لغة غريبة ومفردات سوقية من نوعية "الصوابع المندسة، البنزيم، الأمبوبة، لنض الكهربا، تلفون صغير كده بيكلموني عليه، وزير بينط على العربيات وبنزيمات مصر"، وبعد انتهاء الفاصل الساخر بقينا مع وصلة "ردح" لم يشهد العالم مثلها.. فالرئيس كال الاتهامات وتنصل من الخيبة وانهيار مصر، لكن "ذرا للرماد في العيون" اعترف أنه اجتهد وأراد أن يصيب فأخطأ، طيب فين الحل والعلاج؟.. "مفيش"، كيف تجمع شمل فرقته وتصحح ما جنته يداك من آثام واعوجاج؟... "برضه مفيش" لسبب بسيط جدا إن فاقد الشيء لا يعطيه.
ومرة أخرى لن أبخس الرجل حقه، فخطاب "النصب والإفك"، له فوائد كثيرة غير الضحك إذ قدم خدمة جليلة للمتظاهرين والمعارضة، وبدل أن يمتص غضب الشعب الثائر، تسبب ما قاله في حرق صوره ورفع الأحذية في وجه الشاشات التي يطل عليها، مرسي اعتبر أن الملايين تؤيده وأن المعارضة قلة واهمة تسعى لإسقاطه وأن الـ15 مليون متمرد عابثين، فجعلهم أكثر إصرارا على إسقاط نظامه وتطهير البلد من أهله وعشيرته.. أكاذيب مرسي جعلت الشعب يكره كل ملتح حتى لو لم يكن "إخوانيا"، وبعد خطابه نزلت الآلاف الشوارع تشتبك مع الإخوان.
مرسي واضح تماما إن عنده عقدة من الفريق الدكتور أحمد شفيق، ويستميت في إثبات تهمة عليه، لكن اتهامه الفريق افتراء بالفساد في صفقة الطائرات عاد عليه بتكذيب رسمي من شركة "بوينغ" الأمريكية لصناعة الطائرات، حيث أصدرت بيانا رسميا بأن التكلفة الإجمالية للصفقة التي أُبرمت في الأول من أغسطس 2005، وتضمنت 12 طائرة من طراز "737- 800s"، بلغت 850 مليون دولار، مما يعني أن ثمن الطائرة الواحدة حينها كان 70.8 مليون دولار فقط، وليس كما قال مرسي إن شفيق اشتراها لمصر بـ 148 مليون دولار.
كما استغرب مرسي من طعن الفريق شفيق على نتائج الانتخابات الرئاسية، وامتدح القضاء النزيه المحترم.. ثم عاد واتهم القضاء بالتزوير وغياب الضمير وأنه يختصم أحدهم منذ سنوات، وهنا قرر آلاف من قضاة مصر رفع دعوى جماعية ضد الرئيس، وهكذا تزيد القضايا على مرسي وهو المتهم من الأساس في قضية تجسس وتخابر مع دول أجنبية، وهرب من سجن وادي النطرون بمعرفة مجرمي "حماس وحزب الله" وهو ما أثبته القضاء الأسبوع الماضي، كما سيثبت قريبا حجم التزوير في انتخابات الرئاسة.
مرسي أهان منصب الرئاسة في كل ما أدلى به، كما هدد الإعلام واستهزأ برموز النظام السابق الأحياء منهم والأموات بغير دليل، وهو لم يكن ليتجرأ على مجرد الحديث إليهم، ولديه تصريحات سابقة قال فيها إنهم رموز وطنية، أما الإعلام الذي "رفع" مرسي ومنحه الشهرة فلن يتركه وسيكشف التدليس في كل ما يتعلق بجماعته والإرهابيين المؤيدين له.
مرسي واصل خطاب الإفك فيما يتعلق بالديون المصرية، وكذبه خبراء الاقتصاد وصندوق النقد الدولي، مؤكدين أنه اقترض في عامه الأول 11 مليار دولار، وهو دليل دامغ على فشل منظومة الحكم التي يترأسها.
مرسي لم ينس في خطابه أن يمنح أهله وعشيرته سلطة اتخاذ القرار في الدولة ومزيدا من التمكين، ثم وعلى غير عادته تملق الجيش والشرطة بالمدح والإشادة، محاولا استقطابهما وإبعادهما عن الإجماع الشعبي لكن هيهات.
ومن فوائد خطاب مرسي أن الخارجية الأمريكية أعلنت صراحة أن واشنطن تدعم الشعب المصري ولا تدعم نظاما، وطالبت الفريق السيسي بحماية المتظاهرين، وأخيرا فإن التحية واجبة إلى الإمام الأكبر د.أحمد الطيب والبابا تواضروس لعدم حضورهما خطاب الكراهية ونبذ وتكفير الآخر.