رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حق المارة الغائب في قانون المرور

كم هى فرحة الحكومة بتمرير البرلمان تعديلات قانون المرور وبها تحصيل للمزيد من الرسوم على كل شيء يرتبط بركوب مواطن سيارته وتحركه بها، فى مقابل ألا يفكر هؤلاء خارج صناديق مشروعات القوانين الحكومية وينتبهوا إلى واقع الطرق والمرور على الأرض.


مرر النواب تعديلات بعض أحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973، بأغلبية ثلثي الأعضاء، وبه من العقوبات خيارات بين الحبس والغرامة، ومن الرسوم ما يميز سيارة عن أخرى عند الترخيص، وما يفاضل بينهما عند عبور طرق ومنافذ، ليمثل القانون إتجاها نحو هدف واحد وهو تحصيل الأموال، بالتأكيد بها ما يخصص لإنشاء وصيانة الطرق، والطرق الذكية، والتأمين على الركاب وتقديم خدمة مرورية مميزة.

حقيقة لا ينكرها أحد أن الطرق في مصر تشهد نهضة غير عادية خلال ست سنوات مضت، وباتت الأزمات المرورية في تراجع خاصة داخل أحياء بالقاهرة ومداخل المحافظات والمراكز، ستضيف إليها مشروعات تطوير الريف المصري المزيد من السيولة، وبالتالي ظهور فرصة استثمارية وتنموية جديدة حولها، لكن نظرة متعلقة إلى تقارير محلية وعالمية لحوادث الطرق في مصر وغيرها من بلدان الدخل المنخفض التي تزيد فيها خطورة الموت على الطرق ثلاث مرات، تجعلنا نتساءل عن حق المارة في هذا القانون.

تصنيف مدمر للمجتمع

وفقا لبيانات رسمية، قُتل نحو 1.35 مليون شخص في حوادث سيارات في شتى أنحاء العالم في العام 2016، وذلك بزيادة طفيفة عن السنوات السابقة، وصنفت "الصحة العالمية" مصر من قبل، بين أسوأ 10 دول في العالم من حيث ارتفاع معدلات حوادث الطرق التي تؤدي إلى الوفاة.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن عدد حوادث الطرق في مصر بلغ 14500 حادث عام 2015، بزيادة قدرها 1% عن العام السابق، وقدر الجهاز الخسائر المادية التي خلفها هذا العدد الهائل من حوادث السير بحوالي 30.2 مليار جنيه، وتنجم غالبا عن عدم التزام السائقين بقواعد المرور وضوابط الأمن والسلامة على الطرق، علاوة على غياب الرقابة على سير المركبات، فيما ترى منظمة الصحة العالمية أن حوادث المرور ستكون خامس أكثر الأسباب شيوعًا للوفاة على مستوى العالم بحلول عام 2030.

منتصف يونيو الماضى أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع عدد حوادث السيارات على الطرق خلال عام 2019، ليبلغ 9992 حادث مقابل 8480 حادث عام 2018 بنسبة ارتفاع 17.8٪ ، وارتفع عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات إلى 3484 متوفى عام 2019 بزيادة 12.9٪، أي أن معدل حوادث السيارات بالنسبة للسكان بلغ حــادثة / 10اّلاف نسمة.

بينما بلــغ المعدل بالنسبة للمركبات 0.9 حادثة /1000 مركبة ومعدل الوفيات 3.6 متوفي /100 ألف نسمة، 30.3 متوفي / 100 ألف مركبـة عام 2019، وارتفع معــدل حـــوادث السيـــارات إلى 27.4 حادث / يوم عام 2019 ، مرجعا السبب الرئيسي إلى العنصر البشرى، حيث بلغت نسبته 79.7 ٪، يليه عيوب فنية في المركبة 13.5٪ من إجمالي أسباب الحوادث.

ويؤكد مركز معلومات مجلس الوزراء أنه وفقًا لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فإن اتجاه الدولة نحو تنمية قطاع الطرق والكباري أسهم في انخفاض أعداد الوفيات المرتبطة بحوادث الطرق والكباري، لتصبح ٧ آلاف حالة وفاة في ٢٠٢٠ مقارنة بـ ١٢ ألفًا في ٢٠١٩.

وعالميا أصبحت الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق أشد ما يفتك بالأطفال والشباب في شتى البلدان، وفقا لمنظمة الصحة العالمية التى تقول إن أفريقيا تعاني من أعلى معدل في العالم للموت جراء الحوادث المرروية، وتحذر من أن العديد من البلدان ما زالت لا تفرض ما يكفي من قوانين تنظيم الحدود القصوى للسرعات على الطرق لحماية ضحايا تتراوح أعمارهم بين 5 و29 سنة، ونفس المنظمة تقول إن عدد حالات الوفاة بسبب إصابات حوادث الطرق أكبر من عدد الوفيات بسبب فيروس نقص المناعة المكتسب المسبب لمرض الإيدز.

الكمامة تجنبا للغرامة فقط
فى مصر بدت الطرق مؤخرا أكثر سيولة والمركبات عليها أكثر سرعة لا توقفها إشارات كثيرة تسمح للمارة على مسافات مناسبة بالعبور من خلال أماكن مخصصة لهم، أو أن أقرب تعليق يليق بوصفها تلقيته على لسان صديق بالأمس "كل الطرق أصبحت صلاح سالم".

فى البلدان التى تشهد معدات أقل فى حوادث الطرق الناتجة عن السرعات العالية أو العنصر البشري، تجد أعين المارة متجهة نحو إشارات مخصصة لهم أمام نقاط عبور محددة متكررة على الطرق وفى التقاطعات، وبعض البلدان تسمح للمارة بطلب إيقاف حركة السيارات إلكترونيا خلال ثوان معدودة لأجل عبورهم الطريق من المكان المخصص لهم، إلا أن مناطق عدة فى القاهرة مثلا شهدت تطوير الطرق لم يهتم مسؤولون عن شوارعها بوجود مدارس وأماكن مزدحمة يحق للمارة فيها تخصيص إشارات لهم لعبورها فى أمان، خاصة الأطفال وكبار السن.

وفى مصر لا يمكن إنكار جريمة القبول بمركبات قاتلة مثل التوك توك والتروسيكل دون تراخيص، لا تزال تخالف اتجاهات السير ولا يقدر شرطي على تسجيل مخالفاتها أو إيقافها، ولا يستطيع المارة وأصحاب السيارات حماية أنفسهم ومركباتهم منها، وهى تستهلك من الدعم الموجه للوقود مئات الملايين ولا تسدد ضرائب للدولة.

منذ أكثر من ثلاثة عقود، قرأت فى منهج الصف الرابع الابتدائي موضوعا عن المرور جاءت فيه عبارة "الإشارة الخضراء تسير معها السيارات والناس"، ولم أفهم أن واضعي المنهج أتوا بها من نصوص بلدان خارجية شوارعها متقاطعة ومتوازية حتى سافرت إليها، هناك عرفت تماما معنى السلامة على الطرق للمارة حينما توقفت أمام إشارة مرور حمراء للمشاة تمنعني من العبور حتى مع عدم ظهور سيارات، ولم أصب بفجوة مدنية وحضارية إلا بعد عودتي لأنظر فى الإتجاه المعاكس عند عبور الطريق خشية أن يقتلني سائر بتوكوتوك عكس الإتجاه أو سيارة تلحق بإشارة مغلقة بعيدا عن الكاميرات.

أعتقد أن نصوص قانونية تخلو من الحديث عن حقوق المارة وتطبيقاتها فى شوارعنا، لا يمكن الحديث معها عن تشريع عادل يليق بمساواة بين مواطنين، قائد مركبة وعابر طريق كمثال.
Advertisements
الجريدة الرسمية