ديمقراطية بالأمر المباشر!!
إطلالات شاذة طرحت
دون مواربة أو خجل أو التزام قيمى عن قضية وصول بايدن إلى سدة الحكم فى الولايات المتحدة
الأمريكية وتأثيره على الشرق الأوسط وفى القلب منه مصر. وقال المطلون علينا
من خلف نوافذ فضائية أو كتابات فيسبوكية إنه أصبح لزاما علينا العودة إلى المسار الديمقراطى
تحت شعار: بيدي لا بيد عمرو.
يبدو الطرح خانعا، خاضعا لأوامر قادمة عبر المحيط دون الالتفات إلى خصوصية تجربتنا فى محيطنا، ففى التاريخ إجابات وافية لتجربة ثرية، فمصر من أوائل الدول التى خاضت غمار التجربة التعددية، فكان لها ما لها وعليها ما عليها. وما يهمنا الآن تجربة التعددية الثانية وبطلها الرئيس الشهيد محمد أنور السادات ورغم ولادة الأحزاب من رحم السلطة إلا أنها أدت أدوارًا عظيمة كانت ثورة يناير إحدى أهم ثمارها، فماذا حدث بعد الثورة؟
التائبون المنبوذون
فجأة دخلنا نفق الفوضى، فوضى سياسية وفوضى أمنية وفوضى إعلامية، ولم نستفد من ذلك الزخم، بل تم اختطافه من قوى شر مستطير عادت بنا إلى مربع الحاكم بأمر الله. ولأن لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه، فإن الظروف فرضت نموذجا مواجها لتلك الفوضى، وبنفس القوة أدى فى النهاية إلى إقصاء ثراء التجربة المصرية، ونحى بنا جانبا من المنع لم يكن فى صالح البلاد والعباد غير أنه كان فرضا طبيعيا مستخدما المثل الشعبى: "اللى اتسلع من الشوربة..."!!
والآن وبعد أن استعادت مصر أمنها واستقرارها فإن العودة إلى المسار الديمقراطى أصبح ضرورة ملحة للتواصل مع الطرح التاريخى المصرى الذى يعود إلى بدايات القرن الماضى. ولأن التعددية الأولى أيام الملكية غرقت فى مستنقع الميل إلى أحد طرفين: الملك أو الاحتلال، وفسدت التجربة واستحالت معها فكرة التغيير، فإنها لم تجد من يدافع عنها عندما قام تنظيم الضباط الأحرار بإلغائها تماما تحت عنوان عريض لم يتحقق: "إقامة حياة ديمقراطية سليمة".
والآن ماذا يجب أن نفعل؟ بحكم التجربة وتكرارها أنماطها المرضية لابد أن يبنى المستقبل على النضج، نضج النخبة الحاكمة والمحكومة، فالحرية لا تعنى الفوضى ولا تعنى عدم وجود خطوط حمراء حامية للمسيرة. ما مر به المجتمع بعد فوضى جماعة الإخوان يفرض علينا مواجهة فكرة الانتهازية التى تجلت فى أبهى صورها بعد ثورة التغيير فى 25 يناير، إذ ركب الثورة من لم يكن له علاقة بها من قريب أو بعيد، وظهر الطابور الخامس بشكل مرعب.
وبالعودة إلى الإطلالات الإعلامية التى اعتبرها البعض تمهيدا لعودة المعارضة لممارسة دورها؛ فإن الطرح بشكله الذى استقبلته الجماهير بالسخرية يوحى بأننا أمام تجربة يمكن تسميتها "ديمقراطية بالأمر المباشر" وهنا مكمن الخطر.
يناير.. ثورة عظيمة لشعب عظيم
يخطئ من يتصور أن الإدارة الأمريكية يهمها بالمقام الأول شعب غير الشعب الأمريكى، ويخطئ من يتصور أن إدارة بايدن إنما جاءت لتفرض على النظام الحام في مصر نموذجا بعينه. الأمريكان لا يعرفون إلا مصالحهم وعلينا الانتباه جيدا لما يمكن أن يفعله الطابور الخامس فى بلاد لا تزال تعاني من أزمات عنيفة، بدءا من حالة الانقسام، وليس نهاية بظرف اقتصادى صعب.
التركيز على الدور الأمريكى فيما يجب أن نفعله يقوى من شوكة المستقوين بالخارج، وما أكثرهم، فليس بعيدا عن الأذهان ما تقوم به جماعة الإخوان من محاولات لاستخدام هذا المنطق، إضافة إلى هشاشة فكرة مقاومة الاستقواء لدى قطاعات شبابية عاشت ظروفًا مختلفة عن أجيال تعى خطورة هذا الأمر منذ قديم الزمان. ومن هنا فإن الطرح يجب أن ينطلق من حالة نضج لدى الجميع، فالديمقراطية قيدٌ أكثر حكمة من فكرة المنع والإقصاء والتهميش، وكما قال السادات «للديمقراطية أنياب».
إن الحدود الفاصلة بين الطرح الوطنى الداخلى والطرح القادم عبر الهيمنة واسع إلى الدرجة التى تؤدى بالنتائج لمساحات شاسعة، إما من تأكيد الذات والهوية والحفاظ على الدولة أو من الفوضى التى رسم خطوطها وتفاصيلها البيت الأبيض قبل سنوات، وأطلق عليها الفوضى الخلاقة. علينا -محكومين وحاكمين- أن ندرك حجم الخطر الذى يحيط بنا إذا سلمنا بفكرة الاستسلام للطرح الأجنبى، وذلك لن يتأتي إلا بطرح وطنى داخلى خالص لوجه الله وللوطن.
يبدو الطرح خانعا، خاضعا لأوامر قادمة عبر المحيط دون الالتفات إلى خصوصية تجربتنا فى محيطنا، ففى التاريخ إجابات وافية لتجربة ثرية، فمصر من أوائل الدول التى خاضت غمار التجربة التعددية، فكان لها ما لها وعليها ما عليها. وما يهمنا الآن تجربة التعددية الثانية وبطلها الرئيس الشهيد محمد أنور السادات ورغم ولادة الأحزاب من رحم السلطة إلا أنها أدت أدوارًا عظيمة كانت ثورة يناير إحدى أهم ثمارها، فماذا حدث بعد الثورة؟
التائبون المنبوذون
فجأة دخلنا نفق الفوضى، فوضى سياسية وفوضى أمنية وفوضى إعلامية، ولم نستفد من ذلك الزخم، بل تم اختطافه من قوى شر مستطير عادت بنا إلى مربع الحاكم بأمر الله. ولأن لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه، فإن الظروف فرضت نموذجا مواجها لتلك الفوضى، وبنفس القوة أدى فى النهاية إلى إقصاء ثراء التجربة المصرية، ونحى بنا جانبا من المنع لم يكن فى صالح البلاد والعباد غير أنه كان فرضا طبيعيا مستخدما المثل الشعبى: "اللى اتسلع من الشوربة..."!!
والآن وبعد أن استعادت مصر أمنها واستقرارها فإن العودة إلى المسار الديمقراطى أصبح ضرورة ملحة للتواصل مع الطرح التاريخى المصرى الذى يعود إلى بدايات القرن الماضى. ولأن التعددية الأولى أيام الملكية غرقت فى مستنقع الميل إلى أحد طرفين: الملك أو الاحتلال، وفسدت التجربة واستحالت معها فكرة التغيير، فإنها لم تجد من يدافع عنها عندما قام تنظيم الضباط الأحرار بإلغائها تماما تحت عنوان عريض لم يتحقق: "إقامة حياة ديمقراطية سليمة".
والآن ماذا يجب أن نفعل؟ بحكم التجربة وتكرارها أنماطها المرضية لابد أن يبنى المستقبل على النضج، نضج النخبة الحاكمة والمحكومة، فالحرية لا تعنى الفوضى ولا تعنى عدم وجود خطوط حمراء حامية للمسيرة. ما مر به المجتمع بعد فوضى جماعة الإخوان يفرض علينا مواجهة فكرة الانتهازية التى تجلت فى أبهى صورها بعد ثورة التغيير فى 25 يناير، إذ ركب الثورة من لم يكن له علاقة بها من قريب أو بعيد، وظهر الطابور الخامس بشكل مرعب.
وبالعودة إلى الإطلالات الإعلامية التى اعتبرها البعض تمهيدا لعودة المعارضة لممارسة دورها؛ فإن الطرح بشكله الذى استقبلته الجماهير بالسخرية يوحى بأننا أمام تجربة يمكن تسميتها "ديمقراطية بالأمر المباشر" وهنا مكمن الخطر.
يناير.. ثورة عظيمة لشعب عظيم
يخطئ من يتصور أن الإدارة الأمريكية يهمها بالمقام الأول شعب غير الشعب الأمريكى، ويخطئ من يتصور أن إدارة بايدن إنما جاءت لتفرض على النظام الحام في مصر نموذجا بعينه. الأمريكان لا يعرفون إلا مصالحهم وعلينا الانتباه جيدا لما يمكن أن يفعله الطابور الخامس فى بلاد لا تزال تعاني من أزمات عنيفة، بدءا من حالة الانقسام، وليس نهاية بظرف اقتصادى صعب.
التركيز على الدور الأمريكى فيما يجب أن نفعله يقوى من شوكة المستقوين بالخارج، وما أكثرهم، فليس بعيدا عن الأذهان ما تقوم به جماعة الإخوان من محاولات لاستخدام هذا المنطق، إضافة إلى هشاشة فكرة مقاومة الاستقواء لدى قطاعات شبابية عاشت ظروفًا مختلفة عن أجيال تعى خطورة هذا الأمر منذ قديم الزمان. ومن هنا فإن الطرح يجب أن ينطلق من حالة نضج لدى الجميع، فالديمقراطية قيدٌ أكثر حكمة من فكرة المنع والإقصاء والتهميش، وكما قال السادات «للديمقراطية أنياب».
إن الحدود الفاصلة بين الطرح الوطنى الداخلى والطرح القادم عبر الهيمنة واسع إلى الدرجة التى تؤدى بالنتائج لمساحات شاسعة، إما من تأكيد الذات والهوية والحفاظ على الدولة أو من الفوضى التى رسم خطوطها وتفاصيلها البيت الأبيض قبل سنوات، وأطلق عليها الفوضى الخلاقة. علينا -محكومين وحاكمين- أن ندرك حجم الخطر الذى يحيط بنا إذا سلمنا بفكرة الاستسلام للطرح الأجنبى، وذلك لن يتأتي إلا بطرح وطنى داخلى خالص لوجه الله وللوطن.