رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أسعار الفائدة وجريمة توظيف الأموال

شهد عام 2020 تذبذبا كبيرا في أسعار الفائدة التي أقرها البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية، سواء أكان استثمارا لمدة ليلة واحدة أم لمدة شهر أو أكثر. ويعد هذا السعر مؤشرا لأسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التي ينبغي ألا تقل عن سعر البنك المركزي، كما يساعد سعر الفائدة البنك المركزي في التحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر صعودا ونزولا على المدى المتوسط، ورفع الفائدة يعني كبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق مما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم .

  
وخلال 10 اجتماعات عقدتها لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على مدار عام 2020، قامت بتثبيت أسعار الفائدة خلال 7 اجتماعات، فيما شهدت 3 اجتماعات خفض أسعار الفائدة، ففي الاجتماع الأول الذي عقد منتصف يناير من العام الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري تثبيت معدل الفائدة عند مستوى 12.25% للإيداع و13.25% للاقتراض. وفي اجتماع فبراير من العام الماضي، أبقت لجنة السياسة النقدية على هذه الأسعار. وشهد الاجتماع الطارئ الذي عقده البنك المركزي المصري منتصف مارس من العام الماضي أكبر خفض بأسعار الفائدة، حيث قررت لجنة السياسة النقدية خفض معدل الفائدة بنسبة 3% لتسجل 9.25% للإيداع و10.25% للاقتراض، وهو ما تزامن مع ذروة انتشار فيروس كورونا.

نصائح مهمة للمقبلين على شراء الذهب حاليا

وخلال الاجتماع الذي عقد في أول شهر أبريل من العام الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية تثبيت الفائدة عند 9.25% للإيداع و10.25% للاقتراض، وهو نفس القرار الي اتخذته اللجنة خلال الاجتماع الذي عقد منتصف شهر مايو من العام الماضي حينما قررت الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. وفي نهاية شهر يونيو من العام الماضي، قرر البنك المركزي المصري أيضاً تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وهو ما حدث أيضاً خلال الاجتماع الذي عقد في الأسبوع الثاني من شهر أغسطس من العام الماضي حينما قررت لجنة السياسة النقدية تثبيت أسعار الفائدة. وشهد الاجتماع الذي عقد في 24 سبتمبر من العام الماضي ثاني خفض لأسعار الفائدة خلال العام الماضي، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري خفض معدل الفائدة بنسبة 0.5% لتسجل 8.75% للإيداع و9.75% للإقراض.
  
وخلال الاجتماع الذي عقد في نوفمبر من العام الماضي، جاء ثالث قرار بخفض أسعار الفائدة، حيث قررت لجنة السياسة النقدية خفض معدل الفائدة بواقع 50 نقطة أساس لتسجل 8.25% للإيداع و9.25% للاقتراض. ويتباين توقع الخبراء لسعر الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة بين الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة أو تخفيض السعر .

 وهذا الأمر – أي تخفيض الفائدة الدائم من12.25% للإيداع و13.25% للاقتراض إلى 8.25% للإيداع و9.25% للاقتراض جعل الكثير من المواطنين الذين يعتمدون على إيداع مبلغا ماليا في البنوك والحياة من العائد جعلهم في ظل خفض ذلك العائد، يتجهون إلى مصدر يعطي عائدا أكبر وإن كان غير مأمون، مما جعل شركات توظيف الأموال تطل برأسها من جديد وتطفو على سطح المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة، بعد اختفاء دام أكثر من ربع قرن، عندما توارت عن الأنظار بعد تتبع الحكومة المصرية لها في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.

تعافي الجنيه

فبعد أن تمكنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة التابعة لوزارة الداخلية، من ضبط أحد الأشخاص في منتصف عام 2015  يدعى أحمد مصطفى إبراهيم محمد، الذي عُرف إعلامياً بـ"المستريح" والمطلوب ضبطه في القضية رقم 951 لسنة 2015 لإيهامه المواطنين بإنشاء مشروعات وتلقى أموالا نقدية مقابل أرباح شهرية، توالت عمليات القبض على آخرين بالتهم ذاتها، ولم تتوقف حتى العام الحالي حتى قرّرت يوم السبت 23 يناير الماضي، إحدى المحاكم المصرية في محافظة الشرقية معاقبة أحد الأشخاص بالسجن ثلاث سنوات بعدما جمع من أهالي قريته نحو مليار جنيه مقابل توظيف أموالهم في التجارة ومشاريع تجارية مقابل 50 في المائة من الأرباح. وهو ما حدث مع مستريح المنوفية الذي ألقي القبض عليه منذ أيام قليلة.

وبالطبع يرجع عودة ظاهرة توظيف الأموال إلى تراجع معدلات الفائدة سواء على الإيداع والخصم في البنوك على مدار السنوات الخمس الماضية، والقضاء على هذه الظاهرة لن يكون بالملاحقات الأمنية فحسب، وإنما ينبغي على الحكومة ممثلة في النظام المصرفي إيجاد حلا لفئة تعيش من عائد المال في البنوك خاصة فئة المعاشات والأرامل وصغار الموظفين الخ، فهذه الفئات تتأثر سلبا جدا بخفض سعر الفائدة، وقد تدمر حياتها مما يجعلها عرضة للنصب، فإذا وضعت البنوك أنظمة تلائم هؤلاء وتعطيهم عائدا يتلاءم مع حياتهم فظاهرة توظيف الأموال ستكاد تنعدم تقريبا؛ لأن هذه الفئات هي التي تسقط في أيدي النصابين تحت ضغط الحاجة الملحة لعائد يساهم في ظروف الحياة الصعبة والغلاء المستمر في كل الخدمات المقدمة من الحكومة.
Advertisements
الجريدة الرسمية