رئيس التحرير
عصام كامل

"الديكتاتورة" أم كلثوم!

دعكم من صرامتها في الالتزام بمواعيدها ومواعيد البروفات وطقوسها وشكل وطريقة استقبال ضيوفها وقواعده.. هذا كله يعنيها وحدها ولم يتأثر به أحد ولم يشكو منه أحد من محبيها وعشاقها..  نتوقف عند تدخلها المباشر في إبداع الآخرين ممن شاركوها أعمالا مهمة.. تدخلها لتعديل أغنية "أنت عمري" الخالدة.. أول لقاء بين الكبيرين العظيمين أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب.. لقاء السحاب كما أطلقوا عليه.. وهو العمل المشترك الذي تأخر طويلا.. فقد لحن محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي لأم كلثوم قبله!


تتوقف أم كلثوم أمام كلمات أول عمل سيجمعهما معا باقتراح من الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وهي أغنية "أنت عمري" التي كتبها الشاعر الكبير الراحل أحمد شفيق كامل واعترضت على جملة " شوقوني عينيك" وترى تناقضا بين "الشوق" وبين "الندم" في  الجملة التي تليها "علموني أندم على الماضي وجراحه" ويشرح أحمد شفيق كامل وجهة نظره.. وأنه ندم علي ضياع العمر دونهما.. وتصر أم كلثوم وتقول إن الجمهور لن يستوعب ذلك.. ويشرح هو مرة أخري.. وتصر أم كلثوم.. ويوافق أحمد شفيق كامل في النهاية وهو الأمر الذي تكرر في أكثر من عمل جمعهما بعد "أنت عمري"!

الآن.. كلما سمعنا الأغنية الخالدة التي كسرت حاجز النصف قرن نقول إن سيدة الغناء العربي كانت على حق.. كانت على حق في تعديلات باقي الأغنيات حتى بعيدا عن شعر أحمد شفيق كامل مثلما حدث مع العمل الخالد "الأطلال" للدكتور ابراهيم ناجي وقد تعدلت تماما وصارت بالفعل أكثر عذوبة!

الديكتاتورية تكون مفيدة أحيانا.. رغم الاعتراض السابق في حينه عليها.. حيث تمر الأيام وتتأكد صحتها وتثبت صدقها وبعد نظر صاحبها..
رحم الله "كوكب الشرق" في ذكرى رحيلها التي كلما مرت عرفنا مكانتها أكثر وأكثر واستقر مكانها في وجداننا ومع الخالدين في الفن العربي أكثر وأكثر وأكثر.  
الجريدة الرسمية