رئيس التحرير
عصام كامل

أدى لهم التحية العسكرية.. شجاعة شرطة الإسماعيلية تُذهل القائد البريطاني

المؤرخ جمال جماد
المؤرخ جمال جماد
أثبت رجال الشرطة المصرية وفاءهم على مر التاريخ، وفي جميع المواقف، ووقفوا أثناء الكفاح الشعبي ضد الاستعمار البريطاني إلى جانب الشعب، ولم يتردد فى فداء وطنهم بالأرواح والدماء، والأمثلة على ذلك كثيرة فى مواقف ومعارك متعددة, 


ويحكي المؤرخ العسكرى جمال حماد، في مجلة "الشرطة" عام 2000، ما حدث فى 25 يناير 1951، ويقول:عندما ألغى رئيس الوزراء مصطفى النحاس عام 1951 معاهدة 1936 امام البرلمان، وكذلك ألغى اتفاقية الحكم الثنائى للسودان، فأعلن السفير البريطانى بالقاهرة رالف ستيفنسون أن إلغاء المعاهدة غير قانوني، وتمسك البرلمان المصرى بالإلغاء، وخرجت المظاهرات تعلن تأييدها للحكومة وتطلب السلاح للوقوف فى وجه المستعمر.

واستعدت بريطانيا بتعزيز عسكرى لقاعدتها فى منطقة القناة ، وتحرك عمال وقائدو القاطرات والسكة الحديد بقرار عدم المساهمة فى نقل الجنود البريطانيين، كما امتنع عمال الشحن عن تفريغ حمولة البواخر البريطانية، مما سبب لهم خسائر كبيرة. 
بل وانسحب أكثر من 60 ألف عامل مصرى من العمل فى المعسكرات البريطانية، وأيدت الحكومة كل هذه الإجراءات بل انها دعما لذلك الموقف صرفت مرتبات للعمال المنسحبين .

كما تطوع الشباب للكفاح فى منطقة القناة وألفوا بين صفوفهم كتائب للفدائيين شارك فيها طلاب الجامعات والعمال، وتدربوا على حمل السلاح لكنه كان سلاحا قديما خفيفا مقابل المعدات البريطانية الخطيرة، وكرد فعل هجمت القوات البريطانية على كل الأمكنة للتفتيش عن الفدائيين. 

ووقعت الاعتداءات واطلق البريطانيون النيران على ثكنات بلوكات النظام بالإسماعيلية الذين اضطروا إلى رد العدوان بالمثل، واستخدم البريطانيون الدبابات والعربات المدرعة فى ضرب الثكنات بالرصاص، وسقط 13 قتيلا بينهم 8 من رجال الشرطة، وأظهر رجال الشرطة بسالة رائعة وهم لا يملكون سوى بنادق قديمة لى انفيلد .

وفي السويس وقع تصادم بين رجال الشرطة بمعداتهم الضعيفة يساندهم الأهالى وبين القوات البريطانية، وتم تدمير كفر أحمد عبده بالسويس، وفيه حوالى 300 أسرة تضم 2000 نسمة، وكان القتال بينهما أشبه بالقتال بين فيل ضخم ونملة صغيرة ..إلا أن أبطال الشرطة أثبتوا أن الإيمان في قلوبهم بربهم ووطنهم جعلهم يقفون نداً للقوة العسكرية الباطشة.

 ونُقل عن اللواء مصطفى رفعت أحد أبطال الملحمة التاريخية التي وقعت فى مثل هذا اليوم 25 يناير 1951، أنه قبيل الفجر استيقظ ضباط شرطة الإسماعيلية على أصوات مدوية وحركة غير عادية فى الشوارع، وعلموا أن قوات الاحتلال قامت بضرب الحصار لمدينة الإسماعيلية. 

وتقدم النقيبان صلاح ذو الفقار وصلاح الدسوقى واللواء محمد المتولى بطلب نقل إلى قوة الشرطة بمدينة القناة واللحاق ببلوكات النظام بالإسماعيلية للمساهمة فى تنظيم المقاومة الشعبية هناك ووافق وزير الداخلية فؤاد سراج الدين، وانطلقت نيران الاحتلال تدك مبنى المحافظة على من فيها .

سلم "أكسهام " قائد القوات البريطانية فى الإسماعيلية إلى ضابط الاتصال المصرى شريف العبد إنذارا بتسليم مبنى محافظة الإسماعيلية وجلاء قواتها وتجريدهم من السلاح .

ورفض قائد بلوكات النظام اللواء أحمد رائف تسليم المبنى ليبدأ العدوان الإنجليزى ووقعت المجزرة الوحشية والشرطة المصرية صامدة وسقط منهم 50 شهيدا و80 جريحا وتدمير المبنى، ومن الإنجليز سقط 13 قتيلا و12 جريحا .

خرج باقى جنود الشرطة من المبنى فى خطوات منتظمة اذهلت القائد البريطانى الذى قدم لهم التحية على شجاعتهم، وتم أسرهم جميعا، وبعد قيام ثورة يوليو اعتبر 25 يناير عيدا للشرطة اعترافا بكفاح رجال الشرطة الى جانب المقاومة الشعبية.
الجريدة الرسمية