«سلفي - إخواني - داعشي - قاعدة».. لعنة تعدد الخطابات الدينية بالمجتمعات العربية خلف الإيقاع بالشباب في فخ الإرهاب
لم يساهم شيء في تشويش عقول الشباب، وتحويل مسار حياتهم، بالالتحاق إلى صفوف الجماعات الإرهابية، أكثر من تناقض الخطابات الدينية وتعددها وتطرفها.
أدى ذلك أيضا إلى تراجع تأثير المؤسسات الرسمية على شاكلة الأزهر في مصر أمام عشرات الخطابات المتشددة والتكفيرية، التي دمرت أجيال عدة، ووضعت مستقبل الشباب على المحك.
شيوع التطرف
تملك البلدان العربية مؤسسات دينية رسمية لها تاريخ حافل، كانت دائما تتطور وفقاً للتجارب التاريخية والاجتماعية والسياسية المختلفة لكل دولة، إلا أن العقود الثلاثة الماضية، أسهمت في تحجيم هذه المؤسسات وإضعاف قدرتها على فرض كلمتها في الشارع العربي.
استحوذت التيارات المتطرفة على المساجد، والإعلام الديني المرئي والمسموع، ومع الوقت تحولت المؤسسات الدينية الرسمية إلى كيانات لاحول لها ولا قوة، بل إن القضية تعقدت أكثر بمحاولات اختراقها من التيارات السلفية والإخوانية، فضلا عن التيارات الأكثرًا تشددا .
أين الأزمة
من الأمور المستغربة عند تحليل كيفية تحور فيروس التطرف، أن كل البلدان العربية تجعل للدين دورا في الحياة العامة، كما أنه من المبادئ الجوهرية التي لا تتنازل عنها الحكومات في البناء الاجتماعي والأخلاقي لتشريعاتها وقوانينها.
مع ذلك كل الدول العربية والإسلامية بلا استثناء لم تنتبه خلال العقود الماضية لخطورة إهمال الخطاب الديني وتركه فريسة للتيارات المتطرفة.
استحوذ على أضواء الخطاب الديني جماعات متشددة لديها أغراض سياسية سامة عابرة للحدود، استغلت المساحة الممنوحة للدين في الحياة العامة العربية للسيطرة على عقول الشباب وتجنيد الفئات المهمشة والفقيرة.
ظهرت نتائج هذا العبث، مع تطور أحداث الربيع العربي، وإعلان التيار الديني عن أجندته الخاصة، مما دمر مقدرات العديد من الدول، ولا زال يتربص بالبلدان التي نجحت من قبضته.
تناقض مدمر
عثمان صالح، الكاتب والباحث، يرى أن الكثير من الشباب العربي والإسلامي، راحوا ضحية التناقض بين الخطابات الدينية، التي توالت عليهم وساقتهم إلى تدمير عقولهم، وتسليم أنفسهم لمنظري الجماعات الإرهابية المتطرفة.
يوضح صالح أن الشباب في السنوات السابقة، لم يكن أمامهم إلا الإخوان المصنفة الآن من قبل هيئة كبار العلماء في السعودية ومصر والعديد من البلدان العربية والإسلامية جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها السياسية وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب وخلفها التيارات الدينية الموالية لها.
أشار صالح إلى أن الجماعة تحمل الفكر الخام للأفكار الدموية، والدليل تحول العديد من أبنائها إلى صفوف القاعدة وداعش، مع يجعل هذا العضو لاحقا وبالاً على أسرته وخطراً على وطنه ونشازاً في مجتمعه.
تكلفة باهظة
المراقب للعقدين والثلاثة الماضية وربما قبل ذلك، يؤكد أن الاختلاف البين في الخطابات الدينية، يخلق ضبابية عند شريحة من أبناء الوطن وتكون التكلفة لاحقا خطرًا كبيرًا على الوطن نفسه، ولهذا يجب توحيد الخطابات الدينية والتربوية والتوعوية تحت إشراف الدول العربية والإسلامية حتى تتفق الرؤى الدينية ويصبح التوجه واضحاً والأفكار المعادية كذلك.
يختتم صالح قائلا: عندما يخرج الشباب من مراحل الصبا، وهم يعرفون حقيقة الجماعات الدينية من خطب الجمعة وغيرها، لن يكونوا طرفاً مرة آخرى في مخططات الإسلاميين، وحين تعرف المرأة والفتاة وهن يتابعن القنوات الفضائية من هم هؤلاء، وماذا يريدون، وما هو تاريخهم، عندئذ ستكسب الأوطان الرهان، على حد قوله.