دماء المصريين الشيعة.. في رقبة من؟
لو أراد ألد أعداء الإسلام الإساءة للدين الإسلامي.. بما يخدم مزاعمهم بأنه دين يعتمد الإرهاب والعنف والقتل، وسائل لإجبار الناس على اتباعه.. لما وجدوا دليلا أقوى من شريط «فيديو» يسجل مذبحة قرية أبومسلم بالجيزة.. التي راح ضحيتها ٤ من المصريين الشيعة.. ثم سحلهم في شوارع القرية.. ثم حرق بيتهم وسط «زغاريد» النسوة.. وصيحات «الله أكبر» التي تنطلق من حناجر مئات الشباب.. الذين تم شحنهم بمفاهيم مغلوطة تجيز تكفير الآخرين وقتلهم.
وقد احتفت الفضائيات الغربية بالمشاهد غير الإنسانية التي حدثت في القرية.. وتمت إذاعتها أكثر من مرة.. رغم أن مثل تلك المشاهد يمنع عرضها على المشاهد الأوربي.. ولكن الغاية تبرر الوسيلة.. لذلك تلقفت الدعاية المضادة للإسلام والمسلمين في أوربا الهدية التي قدمها المتعصبون في القرية أكيد على أن الإسلام يمثل المصدر الرئيسي للإرهاب في أوربا.. ويشجع تلك البلدان للمطالبة بإخلاء المسلمين باعتبارهم إرهابيين وقتلة.
ولو أراد أعداء مصر أن يزيلوا الصورة التقليدية التي ترسخت في الأذهان عن دولة حرصت عبر تاريخها الطويل على أن تكون بوتقة يتعايش داخلها الأديان والأفكار والمبادئ.. لما وجدوا سوى هذا الشريط المشئوم للتأكيد على أن مصر تراجعت عن مواقفها.
ولم تعد تسمح لكل الأزهار أن تتفتح.. ولكل الأفكار أن تطرح دون خوف أو دجل.. وأن مصر في زمن الإخوان لم تعد هي مصر التي عرفها العالم من قبل.
في الثلاثينيات من القرن الماضي.. صدر كتاب بعنوان «لماذا أنا ملحد؟».. يرفض كاتبه الأديان السماوية.. ويشكك في القرآن والإنجيل.. ولم تتم محاكمة الرجل رغم أن أفكاره كانت صادمة للمصريين.. وفجرت طاقة الغضب بين علماء الدين الذين تصدوا للرد على تلك الأفكار.. دون إهدار دمه.. أو المطالبة بسحله وحرق جثته بعد أن أعلن إلحاده.. وإنما صدرت عدة مؤلفات تفند مزاعمه.
نسي الناس كتاب الإلحاد ومؤلفه.. وعاشت الأفكار الإيمانية وهي عميقة الجذور لدى المصريين.. مسيحيين ومسلمين.. لأن الشعب المصري متدين منذ فجر التاريخ.. ولكنه أبدا لم يكن متعصبا.
لم يهتز الإيمان العميق لدى المصريين بصدور كتاب يرفض القصائد السماوية.. بل كان صدور مثل تلك الكتب يمثل فرصة لدحض الأفكار.. وكشف ما بها من عوار.
ولست أدري ماذا كان سيحدث لصاحب هذا الكتاب لو أنه كان يعيش في زمن الإخوان؟! وإذا ما كان المسلمون الشيعة يسحلون ويحرقون وهم يرددون الشهادتين.. ويؤدون الصلوات الخمس.. ويحجون إلى بيت الله الحرام.. ورغم ذلك تم تكفيرهم.. وقتلهم في مشهد إجرامي غريب على سماحة المصريين.
دماء المصريين الشيعة في رقبة رئاسة الجمهورية التي سمحت للشيوخ بتكفيرهم في مؤتمر نصرة سوريا.. ولا يمكن تبرئة شيوخ الفتنة في الفضائيات من مسئولية التحريض على قتل الشيعة.. وقد شاهدت أحدهم بينما لا يخفي فرحته عقب الحادث الإجرامي.. الذي لم تشهد مصر قبله حادثا أبشع منه.