كيف أنهت 25 يناير على بذرة الإسلام السياسي؟.. قراءة أفكارهم مرة أخرى بأساليب نقدية.. شيوع ثقافة متصالحة مع الإنسان والطبيعة
أيام تفصلنا على ذكرى 25 يناير المجيدة، التي ساهمت في إعادة قراءة السياسة والتاريخ، وغيرت مسار البلاد تمامًا، لكن أهم ما أسست له يناير، إظهار التيارات الدينية على حقيقتها، ما مهد لإبعادهم عن الساحة السياسية والاجتماعية، بعدما ساهموا في تفكيك دول كبرى بالمنطقة، وكانت مصر على وشك السقوط لولا عناية الله ووعي المصريين ويقظة الجيش وولائه لمصر.
تشويش الثورات
ساهم الإسلام السياسي في تشويش الثورات وتغيير بوصلة أهدافها، وبدلا من السعي بشكل جماعي من أجل تحقيق أهداف الثورة ـ العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ـ أصبح التمكين، ووصم المخالف بالإلحاد والعداء للدين، وتخليص حساباتهم التاريخية مع معارضيهم، ومحاولة أسلمة كل الثورات لصالح تيار بعينه، هو الهدف الأسمى والأهم.
خلال العام الذي حكم فيه محمد مرسي والإخوان والإسلاميون من خلفه، رسخوا لحالة من الاستقطاب الحاد لم تحدث في تاريخ البلاد، قسموا المجتمع إلى فسطاطين، أحدهما في الجنة وهم على رأسهم بالطبع، وثانيهما المعارضة ومصيرهم جميعا في النار.
تشرذم المصريين بين مؤيد للمشروع الإسلامي الذي يمثله الرئيس وجماعته وأنصارهم، الذين لم يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، وبين مناهض له يحلم بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، التي تحتوي الجميع وتقدم لهم حلولا عادلة، فكانت النهاية تفرغ الكل للتناحر والعراك والاستهداف البدني والمعنوي.
استغلال الإخوان
حاول الإسلام السياسي استغلال وجود مرسي على سدة الحكم لترسيخ الأخونة وداخل عباءتها كل الأفكار الدينية الآخرى، دون أدني احترام يذكر لجموع المصريين الذين رفضوا رواج هذا الفكر، ولهذا تنامي الشعور المعادي لهم يوم بعد الآخر.
سيطر على البلاد خطاب سلفي إقصائي مدمر بدعم من الرئيس وجماعته، هددوا الأقباط وحرقوا كنائسهم، قتلوا الشيعة وحادثة التمثيل بجثث الشيخ الشيعي حسن شحاته وأفراد من عائلته ورفض دفنهم لازالت توحي بالعبر .
تدمير الإسلاميين
يقول أيمن الساسي الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن الثورات العربية في 2011 ساهمت في تدمير إيديولوجيا الإسلام السياسي، موضحا أنهم فشلوا على مستوى الحكم، وتسببوا في كوارث للمنطقة، كانوا هم أحد أسبابها الرئيسية.
أشار الساسي إلى أن الإسلام السياسي رفع سلاح البطش والقتل والذبح لكل مختلف معه، وتدرجت مستويات التشويه والترهيب حسب أفكار كل تنظيم ورؤيته للتمكين.
يضيف: قدموا جثث معارضيهم قرابين من أجل الصعود إلى سدة السلطة والبقاء فيها دون غيرهم، فأصبح كل أطياف المجتمع ضحايا لهم، ودفع ثمن صعودهم على المسرح السياسي الرجال والنساء والأطفال.
وأضاف الباحث مؤكدا أن عجز الإسلام السياسي عن التعايش مع المختلف معه، دفعه لرفع سلاح التكفير والهرطقة ضد كل من يعارضه، مردفا: الشعوب الإسلامية اليوم تعيد قراءة الإسلام السياسي من جديد بأساليب نقدية ورؤى جديدة ما يوحي بتغيير كبير في المستقبل.
لفت الساسي إلى أن أسئلة الهوية التي حاول الإسلام السياسي توظيفها لنفسه لعبت ضده، مردفا: اليوم نحن أمام فرصة لطرح بديل جديد، يحمل ثقافة ونمط حياة جديد مختلف، متصالح مع الإنسان والطبيعة، على حد قوله.