رئيس التحرير
عصام كامل

كيف نزعت ألمانيا ملف الدين والمساجد من أنياب الإسلاميين؟.. فرضت حصارا على صعودهم للمنابر .. ‏رفضت استيراد أئمة جدد من تركيا

رموز التنظيم الدولي
رموز التنظيم الدولي

أزمة جديدة يعيشها تيار الإسلام السياسي، وجماعة الإخوان الإرهابية على وجه التحديد بعدما وجهت ألمانيا ضربة مزدوجة ‏واتبعت الطوق الفرنسي لخنق أفكار التطرف والإرهاب.



قررت برلين فرض حصارًا قاسيا على صعود الإسلاميين للمنابر، وسحبت ملف الدين والمساجد من بين أنيابهم بعد عقود من السيطرة التامة عليه وتوجيهه لصالح الجماعات الدينية.

توجه حكومي 

ستبدأ ألمانيا في تنظيم أول دورة تدريبية للأئمة المسلمين على ‏أراضيها من أبريل القادم، مما يعني أنها لن تستورد آئمة من الخارج ولاسيما تركيا وبالتالي وقف تصدير الافكار الإخوانية ‏إلى الغرب ورعايتها هناك. ‏

الضغط على تيارت الإسلام السياسي للتراجع والانكماش قبل الصدام معها أصبح توجها حكوميًا بامتياز، وهو ما يفسر ‏تكليف جامعة أوسنابروك الحكومية بالبدء في الخطوة تحت رعاية المؤسسات السيادية

تهدف ألمانيا إلى تعزيز الثقافة الوطنية الألمانية وخلق "إمام ‏مسلم" ينتمي إلى البلاد التي يعيش على أرضها، بدلا من الانتماء لتركيا أو التيارات الدينية، الأمر الذي كان له أبرز الأثر في ‏خلق هوة كبيرة بين المسلمين والبلاد التي يعيشون تحت سمائها خلال العقود الماضية. 

وللمرة الآولى في تاريخ المسجد الكبير بكولونيا سيخطب آئمة مسلمون  ألمان باللغة الرسمية للبلاد، إذ لم يعد هناك حاجة لاستقطاب خطباء من بلدان خارجية.

ترى الجهات الرسمية التي ترفض استمرار هيمنة تركيا على عقول المسلمين الألمان أن الشباب على وجه التحديد ولدوا على أرضها ولايصح أن ‏يبقوا في عزلة مع ثقافتها، مثلما كان الجيل الأول من أبائهم.

تحمل برلين الخطاب الديني ‏المتطرف لجماعات الإسلام السياسي المسئولية الكبرى عن إحداث فجوة بين المسلمين وبلدهم، ولاسيما أن التقارير الأمنية والبحثية تكشف سيطرة السلفيون والإخوان على المساجد في ألمانيا.

استغلال الدين

كان الإسلاميون يستغلون إجادتهم اللغة الألمانية أكثر من ‏غيرهم كما سوقوا شعبيتهم على الأرض أكثر من أي فصيل آخر للاستحواذ على ثقة الجهات الرسمية التي كانت تلجأ لهم دائما لتنظيم الشئون الدينية.

لكن كان الخلاف يحتدم بينهما بسبب رفض الجماعات الدينية تنفيذ توجهات الدولة في تنشئة مسلما ألمانيا ملتزما بدينه لكن في ـ مساحته الخاصة ـ مثل أي ألماني آخر، على أن يلتزم في الوقت نفسه ‏بالثقافة الوطنية وحدود الأمن القومي، والعمل على صيانة البلاد من الجماعات الإرهابية. ‏

مع الوقت عرفت الإدارة الألمانية جيدا آلاعيب الإسلام السياسي للعبث بالمشاعر الدينية ولهذا حرصت على وجود ‏مسلمين على رأس قيادة التوجه الجديد لإدارة الخطاب الديني لكن بأفراد من خارج عباءة الإسلاميين، حتى لايشيعون أن هناك محاولة لفرض أفكار ‏غربية على الدين  وهو أمر ليس صحيحًا.  ‏

جماعات خطرة 

يرى جبريل العبيدلي، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الإسلام السياسي أصبح يمثل خطرًا على العالم ‏بأكمله، بسبب إدمان جماعاته ولاسيما الإخوان منهج الإقصاء فضلا عن سياسة التمكين ما أفقدهم ثقة الحكومات ‏كلها وخاصة الذين دعموهم سابقا في الغرب. ‏

يوضح العبيدلي أن تيارات الإسلام السياسي خدعت الجميع بالحضور الشعبي وعباءة المظلومية، لافتا إلى أن تجاربهم في السلطة أكدت خطورتهم على أمن المجتمعات كلها، حيث لايمكنهم ‏تمثيل أمة أو شعب، بسبب انتماءاتهم ‏لتنظيمات عابرة للحدود وللقارات.‏

اختتم مؤكدا أنه من العبث والسذاجة دعم مثل هذه الجماعات مرة آخرى، متوقعا انضام الكثير من الدول الغربية لإبعاد ‏قبضة تركيا وأنصارها من الإسلاميين عن ملف الدين، الذي نجحوا في استخدامه كثيرًا لصالحهم، على حد قوله. 

الجريدة الرسمية