رئيس التحرير
عصام كامل

معذرة يا ابنة عمى.. إنها شامية


أعترف أنها لا تلمك سحر عينيكى، ولا رقة صوتك، ونبل مشاعرك، أو حتى الغمازات التى ترسم وجهك عندما تبتسمى، ولا تملك قدر الخجل التى تملكيه عندما تقولى "بحبك ".ولا تنظرين إلى عينى خجلا، ولا تدافع عنى بقدر ما تقولين.



لكنها تقترب منى يومًا بعد آخر، وأنا لا أعلم من هى، لكنى أشعر بوجودها، فوالدها لم يطلب منزلا فخما، أو ذهبا بعشرات الآلاف، كشرط أساسى لإتمام الزواج، ولم أراه يجلس على "الأريكة" متكئا حاد النظر يشاهدنى عن بعد، وأن أفاجئ به بسبب نقص نظرى، يتحدث عنى بما لا أقبل، ويرفض كبريائى.

فالعبدلله، براتبه البسيط الذى ينتظر طابور بداية كل شهر للحصول عليه، ويسعد بذلك، ولن يستطيع أن يطبق المثل الذى كان المرحوم جدى يقوله: "اللى معاه حنة....." ولن أكمل خجلا يا جدى، فليس لدى من الحنة ما تكفى لأتزوج مصرية، شطح أهلها فى المهور، وعزة نفسى ترفض أن أجلس أمام ذات الأب، فصلاة شكر لك ودقائق تأمل فى خلقك، وراحة البحر، تزيل عن كتفى كلام أهل العروسة.

ولعل استجابة الإله الواحد، كانت أسرع مما تصورت، فنظرت إلى الضفة الأخرى من النيل، فتخيلتها هناك، وقد كان، سمعت صوت نسيم الشتاء يتخلل خصلات شعرها، فأسرعت لأستقل شراع صغير للعبور إليها، وإذا بها فتاة لم تكمل العشرين من عمرها، كانت تنظر إلى النيل وكأنها تحدثه، تمنيت لو معى كاميرا فى هذه اللحظة، لالتقط لها صورة مع الكون، وقفت صامتا، وكأن على رأسى الطير، أتأمل نظرات عيونها الحائرة بين الشاطى والعمق، حاولت استنتاج ما تفكر به، فنظرت حولها عبر نظارتى، فلم أر غيرها، ازدات حيرتى، وزاد معها حماسى فى التحدث إليها.

دققت نظرى الضعيف تجاهها، فشعرت بسهمى كبرياء ينطلقان من رموش عيناها إلى المجهول، قلت لذاتى، هى تلك التى تبحث عنها يا ولدى، تشتت عقلى حينها فلم أعرف من أين أبدأ معها الكلام، فليس لدى من خبرة كافية فى الغزل العفيف حتى، سارت قدمى نحوها وصار لا يفصلنا غير النسيم، تمنيت أن أنظر إلى عينيها مجددا، وفجأةا ! رن هاتفها المحمول، وصارت تتحدث بلكنة أهل الشام، تتبعتها حتى مكان سكنها، وطرقت الباب، وسمح لى والدها الشامى بالتحدث معه، ولم يقاطعنى حتى انتهيت من حديثى عن إعجابى بنجلته، ورغبتى فى الزواج منها، فلم يطلب للزواج سوى شقة من غرفتين، فتزوجتها وقد كان.
اعذرينى يا ابنة عمى.. إنها شامية.

الجريدة الرسمية