التقارير الدولية تكذب "التعبئة والإحصاء".. تضارب تصريحات أم تصريحات مضروبة حول أعداد الفقراء في مصر
لا شك أن التحدى الأكبر لأية حكومة مصرية، سواء كانت تحت إدارة الدكتور مصطفى مدبولى أو غيره، هو مقاومة الفقر والقضاء على أسبابه ليس من خلال تقديم معونات ومساعدات مالية محدودة، ولكن من خلال فتح طاقات الأمل، وتوفير فرص العمل التي توفر الحياة الكريمة والآمنة.
وحش الغلاء
الفقراء يفتقدون إلى الحياة الكريمة ولا يشعرون بالأمان، في ظل وتيرة متصاعدة ومتوحشة للغلاء، لذا اندهش المصريون، حتى مَن لم يدهسهم خط الفقر بعد، من التقرير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والذي أعلن أرقامًا إيجابية بخصوص نسب ومؤشرات الفقر، ورأت الحكومة أنها حققت من خلالها إنجازًا ملموسًا.
بعيدًا عن التشكيك في فيما أعلنه هذا التقرير، والتقليل من جدواه، وتكذيب ما أعلنه من مؤشرات إيجابية، وبغض النظر عما يعتقده البعض ويروجه من أن الحكومة سعت إلى تجميل وجهها وترسيخ أقدامها في ظل ما يتردد عن تغيير وزاري محتمل.. يبقى السؤال: هل بالفعل تراجعت نسب الفقر في مصر، وهل القضاء على الفقر يكون من خلال تقديم معونات اجتماعية، أم من خلال التوسع في إنشاء المشروعات الكبرى، وإعادة فتح المصانع المغلقة، وتوفير فرص العمل المناسبة.
هل تطبق الحكومة خططًا حقيقية للتنمية الاقتصادية، وما مدى نجاحها، وكيف يمكن الربط بين هذا التقرير التفاؤلى وبين التقارير الدولية التي تؤكد اتساع رقعة الفقر في مصر؟ فضلا عن تساؤلات أخرى ضاغطة وملحة؛ ليس بغرض الانضمام لطوابير المشككين والمغرضين ومن يهيلون التراب على أي إنجاز.
ولكن بهدف تصويب المسار ووضع الأمور في نصابها الصحيح، دون إفراط ولا تفريط، فلا أحد يتمنى استمرار شبح الفقر الذي تمناه الإمام على بن أبى طالب رجلًا حتى يطيح برأسه، ويريح البشرية من شره وقبحه.
لا ينكر أحد الجهود المخلصة لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى لرفع مستوى معيشة المصريين من خلال إنشاء المشروعات القومية العملاقة أو تقديم يد العون للمحتاجين، كما تسعى الحكومة من أول يوم لها للعمل على محاصرة الفقر وتجفيف منابعه، وهو ما يبدو جليًا فى تصريحات رئيس الحكومة نفسه ومسؤولين آخرين، التى نسرد جانبا منها فى التقرير التالى، مع ربطه ومقارنته بالمؤشرات الدولية التى ترصد الحالة الاقتصادية للمصريين.
البداية
البداية كانت لتصريحات الوزراء والمسئولين عن الفقر في مصر، ففي 4 أكتوبر 2016 قال وكيل أول وزارة التضامن الاجتماعي كمال شريف، إن وزارته تجري نحو 10 ملايين بحث اجتماعي سنويا، مرجحًا حصول نحو 3 ملايين شخص على "شهادات فقر" بعد إجراء تلك البحوث.
وفي 16 مايو 2018.. قال اللواء ممدوح شعبان، مدير عام إحدى الجمعيات الخيرية: إن "مصر الخير فيها للركب، وأقدر أقول مفيش في مصر فقير ولا حد محتاج"، وذلك في جلسة "اسأل الرئيس" التي عقدت بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن جلسات المؤتمر الوطني الخامس للشباب.
وتابع ممدوح شعبان: "طفت من أسوان لمرسى مطروح، التبرعات من المصريين زادت بنسبة 300%، كنا نتلقى 300 مليون جنيه منذ 3 سنوات، واليوم نقترب من مليار جنيه تبرعات، كنا نقيم مشروعات لـما يقرب من 12 ألف أسرة، أصبحنا نقيم مشروعات لـ83 ألف أسرة".
معدلات الفقر
وفي 29 يوليو 2019 قال رئيس جهاز التنظيم والتعبئة خيرت بركات، في مؤتمر صحفي: إن نسبة الواقعين تحت خط الفقر ارتفع إلى 32.5%، وذلك في بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2018/2017، وارتفاع معدلات الفقر على مستوى الجمهورية بنسبة 4.7% لتصل إلى 32.5% من إجمالي السكان، مقارنة بنحو 27.8% في بحث التقرير السابق في 2015.
ليأتي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال فعاليات المؤتمر الوطني السابع للشباب في 30 يوليو 2019، ويقول: "معدل الفقر لم يرتفع سوى 4%، وهذا يعد إنجازًا هائلًا.
وتابع: "الدراسات كانت تقول إن معدل الفقر من الممكن أن يتجاوز 10%، لكن لولا برامج الحماية الاجتماعية، كل الزيادة التي حصلت كانت 4% وده إنجاز هائل إن الدولة تستطيع السيطرة على الإصلاح الاقتصادي وتحقيق النمو".
وفي 30 يوليو 2019 قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط: "إن كل برامج الإصلاح الاقتصادي الجادة يترتب عليها في كافة دول العالم ارتفاع معدلات التضخم وزيادة كبيرة في معدلات الفقر، لكن في مصر زادت نسبة الفقر في عام 2017/2018 مقارنة بعام 2015 بنسبة طفيفة، وهي 5% بالنسبة لحجم الإصلاح الجريء".
تضارب
أما تقرير البنك الدولي الذي صدر في شهر مايو 2019، فجاء فيه أن "نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجًا، والإصلاحات الاقتصادية أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات".
وذكر التقرير أن "عدم المساواة آخذًا في الازدياد، واقترب معدل الفقر من 30% عام 2015 ارتفاعًا من 24.3% عام 2010"، مؤكدًا على وجود تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح بين 7% في محافظة بورسعيد و66% في بعض محافظات الصعيد".
وفي 11 أكتوبر 2020 قال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي: "أؤكد مع مشكلات وتحديات هذه المرحلة كانت نسبة الفقر في الريف تتجاوز 75%، وكان 0.5% من سكان الريف يمتلكون 40% من الأراضي الزراعية، فكانت الفجوات في المجتمع المصري تسبب مشكلات كبرى، وتحديًا كبيرًا في موضوع تقاسم الثروات وتوزيع الثروة وعوائد التنمية في الدولة"، جاء ذلك خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الـ 32 بمناسبة الذكرى 47 لنصر أكتوبر.
في 28 سبتمبر 2020 قال الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، إن نسبة الفقر مرتفعة جدًا تصل إلى أكثر من 35%"، مضيفًا: "لدينا قاعدة بيانات للأسر الأكثر احتياجًا، حيث إنه تم تحديد 27 ألف أسرة حتى الآن، هناك العديد من الأسر التي بدأت تسأل عن المساعدة وكيفية تقنين أوضاعها في مخالفات البناء".
كما صرحت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، خلال لقاء مع برنامج بالورقة والقلم على قناة Ten، في 13 أكتوبر 2020، أن 5 ملايين أسرة على حافة خط الفقر، أي أكثر من 27 مليون مواطن والمعاشات 7.4 مليون تستفيد من برامج الوزارة للحماية الاجتماعية.
نقلًا عن العدد الورقي...
وحش الغلاء
الفقراء يفتقدون إلى الحياة الكريمة ولا يشعرون بالأمان، في ظل وتيرة متصاعدة ومتوحشة للغلاء، لذا اندهش المصريون، حتى مَن لم يدهسهم خط الفقر بعد، من التقرير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والذي أعلن أرقامًا إيجابية بخصوص نسب ومؤشرات الفقر، ورأت الحكومة أنها حققت من خلالها إنجازًا ملموسًا.
بعيدًا عن التشكيك في فيما أعلنه هذا التقرير، والتقليل من جدواه، وتكذيب ما أعلنه من مؤشرات إيجابية، وبغض النظر عما يعتقده البعض ويروجه من أن الحكومة سعت إلى تجميل وجهها وترسيخ أقدامها في ظل ما يتردد عن تغيير وزاري محتمل.. يبقى السؤال: هل بالفعل تراجعت نسب الفقر في مصر، وهل القضاء على الفقر يكون من خلال تقديم معونات اجتماعية، أم من خلال التوسع في إنشاء المشروعات الكبرى، وإعادة فتح المصانع المغلقة، وتوفير فرص العمل المناسبة.
هل تطبق الحكومة خططًا حقيقية للتنمية الاقتصادية، وما مدى نجاحها، وكيف يمكن الربط بين هذا التقرير التفاؤلى وبين التقارير الدولية التي تؤكد اتساع رقعة الفقر في مصر؟ فضلا عن تساؤلات أخرى ضاغطة وملحة؛ ليس بغرض الانضمام لطوابير المشككين والمغرضين ومن يهيلون التراب على أي إنجاز.
ولكن بهدف تصويب المسار ووضع الأمور في نصابها الصحيح، دون إفراط ولا تفريط، فلا أحد يتمنى استمرار شبح الفقر الذي تمناه الإمام على بن أبى طالب رجلًا حتى يطيح برأسه، ويريح البشرية من شره وقبحه.
لا ينكر أحد الجهود المخلصة لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى لرفع مستوى معيشة المصريين من خلال إنشاء المشروعات القومية العملاقة أو تقديم يد العون للمحتاجين، كما تسعى الحكومة من أول يوم لها للعمل على محاصرة الفقر وتجفيف منابعه، وهو ما يبدو جليًا فى تصريحات رئيس الحكومة نفسه ومسؤولين آخرين، التى نسرد جانبا منها فى التقرير التالى، مع ربطه ومقارنته بالمؤشرات الدولية التى ترصد الحالة الاقتصادية للمصريين.
البداية
البداية كانت لتصريحات الوزراء والمسئولين عن الفقر في مصر، ففي 4 أكتوبر 2016 قال وكيل أول وزارة التضامن الاجتماعي كمال شريف، إن وزارته تجري نحو 10 ملايين بحث اجتماعي سنويا، مرجحًا حصول نحو 3 ملايين شخص على "شهادات فقر" بعد إجراء تلك البحوث.
وفي 16 مايو 2018.. قال اللواء ممدوح شعبان، مدير عام إحدى الجمعيات الخيرية: إن "مصر الخير فيها للركب، وأقدر أقول مفيش في مصر فقير ولا حد محتاج"، وذلك في جلسة "اسأل الرئيس" التي عقدت بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن جلسات المؤتمر الوطني الخامس للشباب.
وتابع ممدوح شعبان: "طفت من أسوان لمرسى مطروح، التبرعات من المصريين زادت بنسبة 300%، كنا نتلقى 300 مليون جنيه منذ 3 سنوات، واليوم نقترب من مليار جنيه تبرعات، كنا نقيم مشروعات لـما يقرب من 12 ألف أسرة، أصبحنا نقيم مشروعات لـ83 ألف أسرة".
معدلات الفقر
وفي 29 يوليو 2019 قال رئيس جهاز التنظيم والتعبئة خيرت بركات، في مؤتمر صحفي: إن نسبة الواقعين تحت خط الفقر ارتفع إلى 32.5%، وذلك في بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2018/2017، وارتفاع معدلات الفقر على مستوى الجمهورية بنسبة 4.7% لتصل إلى 32.5% من إجمالي السكان، مقارنة بنحو 27.8% في بحث التقرير السابق في 2015.
ليأتي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال فعاليات المؤتمر الوطني السابع للشباب في 30 يوليو 2019، ويقول: "معدل الفقر لم يرتفع سوى 4%، وهذا يعد إنجازًا هائلًا.
وتابع: "الدراسات كانت تقول إن معدل الفقر من الممكن أن يتجاوز 10%، لكن لولا برامج الحماية الاجتماعية، كل الزيادة التي حصلت كانت 4% وده إنجاز هائل إن الدولة تستطيع السيطرة على الإصلاح الاقتصادي وتحقيق النمو".
وفي 30 يوليو 2019 قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط: "إن كل برامج الإصلاح الاقتصادي الجادة يترتب عليها في كافة دول العالم ارتفاع معدلات التضخم وزيادة كبيرة في معدلات الفقر، لكن في مصر زادت نسبة الفقر في عام 2017/2018 مقارنة بعام 2015 بنسبة طفيفة، وهي 5% بالنسبة لحجم الإصلاح الجريء".
تضارب
أما تقرير البنك الدولي الذي صدر في شهر مايو 2019، فجاء فيه أن "نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجًا، والإصلاحات الاقتصادية أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات".
وذكر التقرير أن "عدم المساواة آخذًا في الازدياد، واقترب معدل الفقر من 30% عام 2015 ارتفاعًا من 24.3% عام 2010"، مؤكدًا على وجود تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح بين 7% في محافظة بورسعيد و66% في بعض محافظات الصعيد".
وفي 11 أكتوبر 2020 قال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي: "أؤكد مع مشكلات وتحديات هذه المرحلة كانت نسبة الفقر في الريف تتجاوز 75%، وكان 0.5% من سكان الريف يمتلكون 40% من الأراضي الزراعية، فكانت الفجوات في المجتمع المصري تسبب مشكلات كبرى، وتحديًا كبيرًا في موضوع تقاسم الثروات وتوزيع الثروة وعوائد التنمية في الدولة"، جاء ذلك خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الـ 32 بمناسبة الذكرى 47 لنصر أكتوبر.
في 28 سبتمبر 2020 قال الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، إن نسبة الفقر مرتفعة جدًا تصل إلى أكثر من 35%"، مضيفًا: "لدينا قاعدة بيانات للأسر الأكثر احتياجًا، حيث إنه تم تحديد 27 ألف أسرة حتى الآن، هناك العديد من الأسر التي بدأت تسأل عن المساعدة وكيفية تقنين أوضاعها في مخالفات البناء".
كما صرحت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، خلال لقاء مع برنامج بالورقة والقلم على قناة Ten، في 13 أكتوبر 2020، أن 5 ملايين أسرة على حافة خط الفقر، أي أكثر من 27 مليون مواطن والمعاشات 7.4 مليون تستفيد من برامج الوزارة للحماية الاجتماعية.
نقلًا عن العدد الورقي...