رئيس التحرير
عصام كامل

هل حرية الإبداع تمثل جوهر النفس البشرية؟ (2)

عودٌ على ما بدأناه حول حرية الإبداع، ومفهوم الحضارة التي لا تنهض إلا إستنادًا على تلك الحرية، نوضح مفهوم تلك الحرية من منظور القضاء، وهو ولا شك يبحث عن تلك الحرية في الحدود التي رسمها الدستور والقانون.


فأن حرية الفن والإبداع صار تشجيعها مطلوبًا عملاً بالدستور الذى يكفل لكل مواطن مبدع بحرية الإبداع الأدبى والفنى والثقافى مع ضمان وسائل تشجيعها، مؤكدًا بذلك أن لكل فرد مجالاً حرًا لتطوير ملكاته وقدراته، فلايجوز تنحيتها أو فرض قيود جائرة تحد منها، ذلك أن حرية الإبداع تمثل جوهر النفس البشرية وأعمق معطياتها، وصقل عناصر الخلق فيها، وإذكاؤها كافل لحيويتها، فلاتكون هامدة دون حراك، وإن كان من الضروري التفرقة بين حرية الرأي وحرية الاعتقاد. 

هل يفعلها رئيس هيئة النيابة الإدارية؟ (2)

والبين من القانون 35 لسنة 1978 في شأن نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، تغييها صون حرية الإبداع من خلال أدواتها بما يؤدى إلى النهوض بفنون المسرح والسينما والموسيقى والمحافظة على التراث الإنسانى والقومى في هذه الفنون وتطويرها بما يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

ولذلك فإن الفن بما يحمله من إبداع لا ينفصل عن حرية التعبير، يتدفق عطاءً عن طريق قنواتها، يجب أن يتمخض عن قيم وآراء ومعان يؤمن الفنانون والمبدعون بها ويدعون إليها، ليكون مجتمعهم أكثر وعيًا بالحقائق والقيم التى تحتضنها.

وإذا كان القضاء يؤمن بأن قهر الإبداع هو عدوان مباشر عليه، فإنه وبذات القدر يؤمن بأن حريـة التعبير عن الآراء ونشرها بكل الوسائل المنصـوص عليهـا قانونا يجب أن يظل الإبداع الفنى والثقافى خلالها في إطار قيم المجتمع وتقاليده وألا يمس عقائد الناس ومقدساتهم الدينية التى تحوط لها الدستور وكفل حمايتها.

ومن ناحية اخرى فإن المشرع أضفى حماية واجبة للأديان السماوية، فجعل ازداء الأديان جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات فجَرم كل من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد اثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، وعلى هذا النحو فإن ازدراء الأديان يكون عند العدوان على قدسية الاعتقاد الدينى والإساءة للأديان السماوية أو النيل من سيرة الأنبياء والصحابة واَل البيت.

أين حق الشهيد ياسر عصر؟

وأنه ولئن كانت حرية الاعتقاد مكفولة بموجب الدستور إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل عقائد الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه, فإذا ما تبين أنه إنما كان يبتغى من تعرضه للعقائد والأديان المساس بحرمة الدين والسخرية منه فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد فحينئذ يكون مرتكبا لجريمة استغلال الدين فى الترويج لأفكار متطرفة، قوامها المادي الترويج أو التحبيذ بأية وسيلة لأفكار متطرفة تحت ستار مموه أو مضلل من الدين تحقيقا لواقعة غير مشروعة هي إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية.

ولا يمكن الاحتماء بحرية الرأى والتعبير ذلك أن حرية الرأى ليست طليقة ولها حدود بعدم المساس بالنظام العام أو الاَداب العامة أو المصالح العليا للوطن ولا ريب أن على القمة من تلك الحدود احترام الأديان والطوائف المنتمية إليها فلا يتعداها.
 
وأنتهى الحكم القضائي البات إلى أن الفن رسالة ترتقى بالمجتمع وتنهض به وترتقى  بوجدان الناس يتناول قضاياهم ومشكلاتهم فيؤثر فى وجدانهم بالإيجاب, وعلى عاتق كل فنان مبدع مسئولية كبيرة تجاه وطنه من خلال نوعية ما يقدمه من ابداعات فيكون فنه أداة تأخذ بيد المتلقى إلى أفاق سامية بعيدا عن الابتذال والإسفاف وازدراء المعتقدات والأديان والسخرية من الرموز الدينية والمقدسات.

النائب العام يُجدد للنيابة العامة شبابها

ولذا يجب على الفنانين الموهوبين المبدعين ألا يتخلوا عن مواقعهم تاركين الساحة الفنية لمن حولوا الفن إلى وسيلة لتخريب العقول والطعن فى المعتقدات ومخاطبة الشهوات والغرائز لتدمير قيم وأخلاقيات المجتمع.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية