هل يقضي نظام "التراكمية" على بعبع الثانوية العامة أم يزيد أوجاع التعليم المصري؟
بات تطبيق نظام الثانوية العامة التراكمية قاب قوسين أو أدنى بعد موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون يقضي بتعديل مواد قانون التعليم رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨١ وإضافة عدد من المواد القانونية من أجل تطبيق الثانوية التراكمية وتعني احتساب درجات شهادة الثانوية العامة على السنوات الدراسية الثلاثة لطلاب الثانوية العامة.
ويعتمد المشروع الجديد على التابلت كأساس في عملية التعلم والامتحان الإلكتروني، ويهدف المشروع إلى القضاء على فكرة الامتحان الموحد للثانوية العامة وتغيير عدد من ثوابت العملية الامتحانية في المرحلة الثانوية بهدف تطويرها ومواجهة المشكلات التي تعاني منها منظومة الثانوية العامة، ومنذ الإعلان عن مشروع القانون الجديد وهناك تساؤل يطل برأسه: فهل يقضي نظام الثانوية التراكمية على بعبع الثانوية العامة أم أنه سيزيد من آلام وأوجاع التعليم المصري؟ والإجابة عن هذا السؤال مكفولة للأيام القادمة.
وعلى مدار تاريخ التعليم المصري تعد مرحلة الثانوية العامة الأكثر تجريبًا بين مراحل التعليم الأخرى.
وكان كل نظام جديد يطبق في الثانوية العامة يهدف إلى تلافي أخطاء ومشكلات النظام السابق عليه؛ ولكن المتتبع لتاريخ الثانوية العامة في مصر يجد أنها تعرضت لسلسلة كبيرة من التغييرات بعضها حقق نجاحا وأغلبها كان تجارب لم تصمد طويلا وطالتها يد التغيير.
وتهدف الوزارة، كما أعلن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم الحالي، من النظام الجديد للثانوية العامة المتوقع تطبيقه في سبتمبر القادم على الصف الأول الثانوي للعام الدراسي القادم، إلى القضاء على المشكلات الضخمة التي يعاني منها المجتمع في امتحانات الثانوية، وعلى رأسها أزمة الدروس الخصوصية باعتبار أن تغيير نظام التقييم ووجود عدة امتحانات تقيس قدرات الطالب بجانب الأنشطة سيربط الطلاب بالمدرسة وسيغلق الباب أمام مافيا الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى أنه سيجعل الطلاب أكثر تحررًا من الضغط النفسي الذي يعانون منه عند خضوعهم لامتحان إتمام الشهادة الثانوية والذي يعد امتحان فرصة وحيدة في النظام الحالي، أما في النظام الجديد فهناك أكثر من فرصة للتعويض.
وبحسب وثائق وزارة التربية والتعليم فإن تاريخ المدارس الثانوية في مصر يمتد إلى ما قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1885؛ حيث كانت نشأة مدرسة قصر العيني سنة ١٨٢٥، وكان يُطلق عليها في ذلك التاريخ مسمى المدرسة التجهيزية، لأنها كانت "تجهز" الطالب لكي يلتحق بالمدارس العليا في ذلك التوقيت، والتجهيزية تعادل الثانوية حاليًا.
أما الثانوية العامة كشهادة عامة على مستوى الدولة فعمرها يمتد إلى نحو 132 سنة؛ حيث كان أول امتحان عام يُعقد للشهادة الثانوية في سنة ١٨٨٧، وقبل ذلك كانت كل مدرسة تعقد امتحان طلابها داخلها بنفسها، فلم يكن امتحانًا عامًّا.
وكان عدد المدارس الثانوية قليلًا جدًّا، فتشير المصادر التاريخية إلى أنه في عام ١٨٩٣ لم يكن في مصر سوى ثلاث مدارس ثانوية أميرية وهي: التوفيقية، والخديوية بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية، وفي سنة ١٩٠٦ أنشئت المدرسة السعيدية الثانوية، كما أنشئت العباسية الثانوية بالإسكندرية.
ولم يزد عدد الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية سنة ١٨٩٣ على ٤٢ طالبًا.. وحتى سنة ١٩٠٣ - أي ما يقرب من عشرين عامًا على بدء الاحتلال البريطاني - لم يزد عدد الحاصلين على الشهادة الثانوية على ١٢٥ طالبًا.
وفي الفترة من عام ١٨٩١ حتى عام ١٩٠٥، أي طوال ١٥ عامًا، تغيرت مدة التعليم الثانوي أربع مرات! فقد كانت حتى سنة ١٨٩١ أربع سنوات، ثم زيدت سنة ١٨٩١ لتصل إلى خمس، ثم أنزلت إلى ثلاث سنوات عام ١٨٩٧ لزيادة عدد الخريجين؛ حيث كانت الحاجة ماسة إليهم للتوظيف الحكومي، ثم رفعت إلى أربع سنوات عام١٩٠٥!
وقسمت الدراسة الثانوية إلى مرحلتين مدة كل منهما سنتان، ويحصل الطالب الذي يجتاز المرحلة الأولى على شهادة الكفاءة، ثم يتخصص في القسم الأدبي أو القسم العلمي، وتستمر دراسته في أحدهما مدة عامين، يحصل بعدها على شهادة "البكالوريا"، وفي سنة ١٩٠٧ ألغيت شهادة الكفاءة، ثم أعيدت تحت اسم "القسم الأول من الشهادة الثانوية".
واستقرت هذه المرحلة عام ١٩٢٨ على أن تكون مدتها خمس سنوات، وتنقسم إلى قسمين: الأول عام لجميع التلاميذ ومدته ثلاث سنوات، والثاني تتفرع فيه الثانوية إلى فرعين "علمي وأدبي"، ومدته سنتان، وعند قيام ثورة 1952 كان الذي يحكم التعليم الثانوي هو القانون رقم ١١٠ لعام ١٩٣٥ الذي نظم للتعليم الثانوي تنظيمًا جديدًا، أصبحت الدراسة فيه تنقسم إلى قسمين: القسم العام أو مرحلة الثقافة العامة ومدتها أربع سنوات للبنين وخمس للبنات؛ حيث كانت هناك مواد إضافية خاصة بالبنات.
وكانت الدراسة بها واحدة لجميع التلاميذ، ثم القسم الخاص أو المرحلة التوجيهية، وتتنوع به الدراسة إلى ثلاث شعب «آداب - رياضة - علوم»، وهذه المرحلة التوجيهية مدتها سنة واحدة للجميع، وأول قانون للتعليم الثانوي في عهد ثورة يوليو هو القانون رقم ٢١١ لسنة ١٩٥٣، وكان وزير المعارف وقتها أستاذ التربية الشهير إسماعيل القباني، وفي هذا القانون تم تحديد مدة الدراسة الثانوية بثلاثة أعوام؛ حيث اقتطع من التعليم الثانوي عامان، ومن الابتدائي عامان وضمت لاستحداث مرحلة جديدة سميت بالتعليم الإعدادي كانت مدتها أربع سنوات، ثم أصبحت بعد ذلك ثلاث سنوات.
ونص القانون على تقسيم المرحلة الثانوية إلى فترتين، أولاهما: عامة تضم الصف الأول فقط؛ حيث يدرس الطلاب كل المقررات مشتركة، وثانيهما لمدة عامين، تنقسم إلى أدبي وعلمي، وكانت وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليًا) تعقد في نهاية السنة الثالثة من التعليم الثانوي امتحانًا عامًا يمنح الناجحون فيه "شهادة الثانوية العامة".
وكان امتحان الثانوية العامة يعقد تحريريًّا في جميع مواد السنة الثالثة حسب نوع الشعبة التي تخصص فيها الطالب، بالإضافة إلى اختبار شفهي لطلاب الشعبة الأدبية في اللغتين العربية والأجنبية الأولى، إلا أن الأخير ألغي بالقانون رقم ٥٦٢ لسنة ١٩٥٥.
ثم تقرر، اعتبارًا من العام الدراسي ٧٦/١٩٧٧، تشعيب الدراسة بالصف الثالث العلمي إلى شعبتين إحداهما شعبة للعلوم وشعبة أخرى للرياضيات، وكان وزير التربية في ذلك الوقت هو الدكتور مصطفى كمال حلمي.
وفي قانون التعليم رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨١ طال التشعيب إلى علمي وأدبي الصف الثاني من التعليم الثانوي، لكنه ألغي وفقًا للقانون رقم ٢٣٣ لسنة ١٩٨٨، في عهد الدكتور أحمد فتحي سرور، وأصبحت الدراسة عامة في الصفين الأول والثاني واقتصر التشعيب على الصف الثالث وحده اعتبارًا من العام ٨٨/١٩٨٩.
مع الأخذ في الاعتبار أنه بدءًا من عام ٩١/١٩٩٢ عُقد الامتحان بنظام المواد الاختيارية في الثانوية العامة داخل الشعب المختلفة، وفي نطاق المواد التي تعبر عن ميول الطالب، والأخذ بنظام المستوى الرفيع في مادتين على الأقل من المواد المؤهلة لدخول الجامعات.
ثم صدر القانون رقم ٢ لسنة ١٩٩٤ لتصبح الدراسة عامة في الصف الأول الثانوي لجميع الطلاب وتخصيصها في الصفين الثاني والثالث، وأصبحت مواد الدراسة تتكون من مواد إجبارية وأخرى اختيارية يحددها الوزير، وكان الوزير في ذلك الوقت هو الدكتور حسين كامل بهاء الدين.
كذلك تقرر في القانون نفسه أن يتم الامتحان للحصول على شهادة الثانوية العامة على مرحلتين: الأولى في نهاية السنة الثانوية الثانية، والثانية في نهاية الصف الثالث، فضلًا عن تقرير عقد امتحان دور ثان، ويسمح بدخوله للطالب الراسب.
وكذلك الناجح الذي يريد تحسين مجموع درجاته، لكن عندما تولى الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الوزارة وقف مجلس الوزراء ضد التحسين وقرر إلغاءه، وكان ذلك على غير إرادة الوزير.
وفي عام 2008 بدأت وزارة التربية والتعليم تبني مشروع جديد للثانوية العامة، وهو المشروع الذي عرف بـ"الجذع المشترك"، وكان يهدف إلى دمج التعليم الفني مع التعليم العام، بحيث يدرس طلاب الثانوية العامة وطلاب الدبلومات الفنية مواد واحدة في العام الأولى، ثم يبدأ التخصص بعد العام الأول، وهو المشروع الذي تبناه رجال الحزب الوطني المنحل خلال مؤتمر التعليم الذي تم تحت رعاية الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إلا أن المشروع لم يكتمل وتوقف حتى عام 2011، وفي عام 2012 ومع حكومة جماعة الإخوان المصنفة إرهابية، والتي كان يرأسها الدكتور هشام قنديل أعيد طرح المشروع من جديد في عهد وزير التربية والتعليم الدكتور إبراهيم غنيم.
وتشكلت لجنة عليا من قيادات وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي لدراسة المشروع وتطويره تمهيدا لتنفيذه، خاصة بعد أن أصدر مجلس الشعب المنحل في العام نفسه مشروع قانون الثانوية العامة الجديد، وكان يهدف المشروع الجديد إلى أن تكون الثانوية العامة شهادة منتهية، ويحق للطالب التقدم إلى الجامعة خلال 5 سنوات من تخرجه، مع العلم أن نظام دخول الجامعة في المشروع ذاته كان يقوم على التنسيق واختبارات القبول بالجامعات، مع تحويل الكليات إلى قطاعات تتمثل في القطاع الطبي والهندسي والحقوق والكليات النظرية والفني، ويكون لكل قطاع شريحة محددة من المجاميع ومن يحصل على مجموع ضمن أي شريحة من تلك الشرائح فيحق له دخول الكلية التي يريدها ضمن القطاع المتخصص فيه، وذلك بعد اجتياز اختبارات القبول.
وأنفقت الدولة على ذلك المشروع ملايين الجنيهات، إلا أنه توقف وبات حبيس الأدراج، وانتهى التفكير في تنفيذه مع فصل وزارة التعليم الفني عن التربية والتعليم عام 2015؛ حيث كان المشروع يقوم في الأساس على فكرة الجذع المشترك.
ويعتمد المشروع الجديد على التابلت كأساس في عملية التعلم والامتحان الإلكتروني، ويهدف المشروع إلى القضاء على فكرة الامتحان الموحد للثانوية العامة وتغيير عدد من ثوابت العملية الامتحانية في المرحلة الثانوية بهدف تطويرها ومواجهة المشكلات التي تعاني منها منظومة الثانوية العامة، ومنذ الإعلان عن مشروع القانون الجديد وهناك تساؤل يطل برأسه: فهل يقضي نظام الثانوية التراكمية على بعبع الثانوية العامة أم أنه سيزيد من آلام وأوجاع التعليم المصري؟ والإجابة عن هذا السؤال مكفولة للأيام القادمة.
وعلى مدار تاريخ التعليم المصري تعد مرحلة الثانوية العامة الأكثر تجريبًا بين مراحل التعليم الأخرى.
وكان كل نظام جديد يطبق في الثانوية العامة يهدف إلى تلافي أخطاء ومشكلات النظام السابق عليه؛ ولكن المتتبع لتاريخ الثانوية العامة في مصر يجد أنها تعرضت لسلسلة كبيرة من التغييرات بعضها حقق نجاحا وأغلبها كان تجارب لم تصمد طويلا وطالتها يد التغيير.
وتهدف الوزارة، كما أعلن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم الحالي، من النظام الجديد للثانوية العامة المتوقع تطبيقه في سبتمبر القادم على الصف الأول الثانوي للعام الدراسي القادم، إلى القضاء على المشكلات الضخمة التي يعاني منها المجتمع في امتحانات الثانوية، وعلى رأسها أزمة الدروس الخصوصية باعتبار أن تغيير نظام التقييم ووجود عدة امتحانات تقيس قدرات الطالب بجانب الأنشطة سيربط الطلاب بالمدرسة وسيغلق الباب أمام مافيا الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى أنه سيجعل الطلاب أكثر تحررًا من الضغط النفسي الذي يعانون منه عند خضوعهم لامتحان إتمام الشهادة الثانوية والذي يعد امتحان فرصة وحيدة في النظام الحالي، أما في النظام الجديد فهناك أكثر من فرصة للتعويض.
وبحسب وثائق وزارة التربية والتعليم فإن تاريخ المدارس الثانوية في مصر يمتد إلى ما قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1885؛ حيث كانت نشأة مدرسة قصر العيني سنة ١٨٢٥، وكان يُطلق عليها في ذلك التاريخ مسمى المدرسة التجهيزية، لأنها كانت "تجهز" الطالب لكي يلتحق بالمدارس العليا في ذلك التوقيت، والتجهيزية تعادل الثانوية حاليًا.
أما الثانوية العامة كشهادة عامة على مستوى الدولة فعمرها يمتد إلى نحو 132 سنة؛ حيث كان أول امتحان عام يُعقد للشهادة الثانوية في سنة ١٨٨٧، وقبل ذلك كانت كل مدرسة تعقد امتحان طلابها داخلها بنفسها، فلم يكن امتحانًا عامًّا.
وكان عدد المدارس الثانوية قليلًا جدًّا، فتشير المصادر التاريخية إلى أنه في عام ١٨٩٣ لم يكن في مصر سوى ثلاث مدارس ثانوية أميرية وهي: التوفيقية، والخديوية بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية، وفي سنة ١٩٠٦ أنشئت المدرسة السعيدية الثانوية، كما أنشئت العباسية الثانوية بالإسكندرية.
ولم يزد عدد الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية سنة ١٨٩٣ على ٤٢ طالبًا.. وحتى سنة ١٩٠٣ - أي ما يقرب من عشرين عامًا على بدء الاحتلال البريطاني - لم يزد عدد الحاصلين على الشهادة الثانوية على ١٢٥ طالبًا.
وفي الفترة من عام ١٨٩١ حتى عام ١٩٠٥، أي طوال ١٥ عامًا، تغيرت مدة التعليم الثانوي أربع مرات! فقد كانت حتى سنة ١٨٩١ أربع سنوات، ثم زيدت سنة ١٨٩١ لتصل إلى خمس، ثم أنزلت إلى ثلاث سنوات عام ١٨٩٧ لزيادة عدد الخريجين؛ حيث كانت الحاجة ماسة إليهم للتوظيف الحكومي، ثم رفعت إلى أربع سنوات عام١٩٠٥!
وقسمت الدراسة الثانوية إلى مرحلتين مدة كل منهما سنتان، ويحصل الطالب الذي يجتاز المرحلة الأولى على شهادة الكفاءة، ثم يتخصص في القسم الأدبي أو القسم العلمي، وتستمر دراسته في أحدهما مدة عامين، يحصل بعدها على شهادة "البكالوريا"، وفي سنة ١٩٠٧ ألغيت شهادة الكفاءة، ثم أعيدت تحت اسم "القسم الأول من الشهادة الثانوية".
واستقرت هذه المرحلة عام ١٩٢٨ على أن تكون مدتها خمس سنوات، وتنقسم إلى قسمين: الأول عام لجميع التلاميذ ومدته ثلاث سنوات، والثاني تتفرع فيه الثانوية إلى فرعين "علمي وأدبي"، ومدته سنتان، وعند قيام ثورة 1952 كان الذي يحكم التعليم الثانوي هو القانون رقم ١١٠ لعام ١٩٣٥ الذي نظم للتعليم الثانوي تنظيمًا جديدًا، أصبحت الدراسة فيه تنقسم إلى قسمين: القسم العام أو مرحلة الثقافة العامة ومدتها أربع سنوات للبنين وخمس للبنات؛ حيث كانت هناك مواد إضافية خاصة بالبنات.
وكانت الدراسة بها واحدة لجميع التلاميذ، ثم القسم الخاص أو المرحلة التوجيهية، وتتنوع به الدراسة إلى ثلاث شعب «آداب - رياضة - علوم»، وهذه المرحلة التوجيهية مدتها سنة واحدة للجميع، وأول قانون للتعليم الثانوي في عهد ثورة يوليو هو القانون رقم ٢١١ لسنة ١٩٥٣، وكان وزير المعارف وقتها أستاذ التربية الشهير إسماعيل القباني، وفي هذا القانون تم تحديد مدة الدراسة الثانوية بثلاثة أعوام؛ حيث اقتطع من التعليم الثانوي عامان، ومن الابتدائي عامان وضمت لاستحداث مرحلة جديدة سميت بالتعليم الإعدادي كانت مدتها أربع سنوات، ثم أصبحت بعد ذلك ثلاث سنوات.
ونص القانون على تقسيم المرحلة الثانوية إلى فترتين، أولاهما: عامة تضم الصف الأول فقط؛ حيث يدرس الطلاب كل المقررات مشتركة، وثانيهما لمدة عامين، تنقسم إلى أدبي وعلمي، وكانت وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليًا) تعقد في نهاية السنة الثالثة من التعليم الثانوي امتحانًا عامًا يمنح الناجحون فيه "شهادة الثانوية العامة".
وكان امتحان الثانوية العامة يعقد تحريريًّا في جميع مواد السنة الثالثة حسب نوع الشعبة التي تخصص فيها الطالب، بالإضافة إلى اختبار شفهي لطلاب الشعبة الأدبية في اللغتين العربية والأجنبية الأولى، إلا أن الأخير ألغي بالقانون رقم ٥٦٢ لسنة ١٩٥٥.
ثم تقرر، اعتبارًا من العام الدراسي ٧٦/١٩٧٧، تشعيب الدراسة بالصف الثالث العلمي إلى شعبتين إحداهما شعبة للعلوم وشعبة أخرى للرياضيات، وكان وزير التربية في ذلك الوقت هو الدكتور مصطفى كمال حلمي.
وفي قانون التعليم رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨١ طال التشعيب إلى علمي وأدبي الصف الثاني من التعليم الثانوي، لكنه ألغي وفقًا للقانون رقم ٢٣٣ لسنة ١٩٨٨، في عهد الدكتور أحمد فتحي سرور، وأصبحت الدراسة عامة في الصفين الأول والثاني واقتصر التشعيب على الصف الثالث وحده اعتبارًا من العام ٨٨/١٩٨٩.
مع الأخذ في الاعتبار أنه بدءًا من عام ٩١/١٩٩٢ عُقد الامتحان بنظام المواد الاختيارية في الثانوية العامة داخل الشعب المختلفة، وفي نطاق المواد التي تعبر عن ميول الطالب، والأخذ بنظام المستوى الرفيع في مادتين على الأقل من المواد المؤهلة لدخول الجامعات.
ثم صدر القانون رقم ٢ لسنة ١٩٩٤ لتصبح الدراسة عامة في الصف الأول الثانوي لجميع الطلاب وتخصيصها في الصفين الثاني والثالث، وأصبحت مواد الدراسة تتكون من مواد إجبارية وأخرى اختيارية يحددها الوزير، وكان الوزير في ذلك الوقت هو الدكتور حسين كامل بهاء الدين.
كذلك تقرر في القانون نفسه أن يتم الامتحان للحصول على شهادة الثانوية العامة على مرحلتين: الأولى في نهاية السنة الثانوية الثانية، والثانية في نهاية الصف الثالث، فضلًا عن تقرير عقد امتحان دور ثان، ويسمح بدخوله للطالب الراسب.
وكذلك الناجح الذي يريد تحسين مجموع درجاته، لكن عندما تولى الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الوزارة وقف مجلس الوزراء ضد التحسين وقرر إلغاءه، وكان ذلك على غير إرادة الوزير.
وفي عام 2008 بدأت وزارة التربية والتعليم تبني مشروع جديد للثانوية العامة، وهو المشروع الذي عرف بـ"الجذع المشترك"، وكان يهدف إلى دمج التعليم الفني مع التعليم العام، بحيث يدرس طلاب الثانوية العامة وطلاب الدبلومات الفنية مواد واحدة في العام الأولى، ثم يبدأ التخصص بعد العام الأول، وهو المشروع الذي تبناه رجال الحزب الوطني المنحل خلال مؤتمر التعليم الذي تم تحت رعاية الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إلا أن المشروع لم يكتمل وتوقف حتى عام 2011، وفي عام 2012 ومع حكومة جماعة الإخوان المصنفة إرهابية، والتي كان يرأسها الدكتور هشام قنديل أعيد طرح المشروع من جديد في عهد وزير التربية والتعليم الدكتور إبراهيم غنيم.
وتشكلت لجنة عليا من قيادات وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي لدراسة المشروع وتطويره تمهيدا لتنفيذه، خاصة بعد أن أصدر مجلس الشعب المنحل في العام نفسه مشروع قانون الثانوية العامة الجديد، وكان يهدف المشروع الجديد إلى أن تكون الثانوية العامة شهادة منتهية، ويحق للطالب التقدم إلى الجامعة خلال 5 سنوات من تخرجه، مع العلم أن نظام دخول الجامعة في المشروع ذاته كان يقوم على التنسيق واختبارات القبول بالجامعات، مع تحويل الكليات إلى قطاعات تتمثل في القطاع الطبي والهندسي والحقوق والكليات النظرية والفني، ويكون لكل قطاع شريحة محددة من المجاميع ومن يحصل على مجموع ضمن أي شريحة من تلك الشرائح فيحق له دخول الكلية التي يريدها ضمن القطاع المتخصص فيه، وذلك بعد اجتياز اختبارات القبول.
وأنفقت الدولة على ذلك المشروع ملايين الجنيهات، إلا أنه توقف وبات حبيس الأدراج، وانتهى التفكير في تنفيذه مع فصل وزارة التعليم الفني عن التربية والتعليم عام 2015؛ حيث كان المشروع يقوم في الأساس على فكرة الجذع المشترك.