رئيس التحرير
عصام كامل

المواطن المصري جمهوري أم لا!

مصر دولة جمهورية بحسب الاسم المعلن للبلاد منذ إلغاء الملكية في مصر بعد حركة 23 يوليو 1952 وبموجب إعلانها الدستوري الأول. لم تختمر عندنا قيم الجمهورية منذ تأسيسها والدليل التنازع على أولوياتها وقيمها منذ لحظاتها الأولى. تحولنا إلى جمهورية برلمانية بقرار من مجلس قيادة الثورة ليرأسها محمد نجيب، وبعد الصراع معه وإقصائه عن الصورة ومعه التوجه الذي أراده للبلاد حذفت "البرلمانية" وتبقت الجمهورية في بُعدها العربي. ومع تقلبات الأحداث السياسية واحتدام الخلاف مع سوريا عادت إلى خصوصيتها المصرية ولكن دون قيم واضحة تميزها عن غيرها.



تشغلني عدة أسئلة منذ سنوات طويلة عن الجمهورية التي يفهمها كل منا، والحديث هنا عن منظومة القيم وليس النظام السياسي فهذا شأن آخر، هناك جمهوريات على شاكلة الصين وبينها وبين الديمقراطية ما صنع الحداد! هل يتذكر أي منا أي قيم جمهورية تعلمها من المدارس والجامعات ومؤسسات الوعي المختلفة حتى نصبح جمهوريين حقا!

خطاب الكراهية والصوابية السياسية

قبل سنوات سألت عددا من أصدقائي: من هو الشخص الجمهوري من وجهة نظركم، ماذا يعني، وما القيم المفترض أن يتحلى بها؟ كانت النتيجة كارثية وفكاهية بالمعنى الحرفي للكلمة، ولا صديق واحد أخبرني عن مضمون واضح للمعنى.. الجمهوري بحسب فولتير الفيلسوف الفرنسي العظيم، دائمًا ما يكون أكثر ارتباطًا ببلده، ينتهي إلى جمهوريته ويتعلق بها ويرتبط بقيمها ومبادئها.

الشخص الجمهوري يمجد العقل، يعلي من قيمة التسامح، يملك قوة الإرادة، يؤمن بأهمية المكافأة على التميز، ينحاز للفلسفة، يهتم بالصالح العام، يقدس المواطنة، يوّسع مساحة الفرص وخيارات الحل المختلفة، يطور استقلاليته في إطار التضامن الذي تسمح به الحياة الجماعية.

تمنع الأخلاق الجمهورية من احتقار الآخرين بسبب عرقهم ولون بشرتهم ودينهم وخياراتهم الخاصة ونمط الحياة الذي يقررون اعتماده. في الجمهورية لايجرؤ العنصريون مثلا على إظهار كراهيتهم للآخرين، وإن حدث ذلك يبقى فعلا شاذًا ويتصدى له القانون والمجتمع والقيم.

والسؤال هنا: ما الذي نتمتع به كمجتمع من صفات الجمهورية بعد ما يزيد على 70 عامًا على إعلانها في بلادنا!

الجريدة الرسمية