رئيس التحرير
عصام كامل

حياة صاخبة وموت هادئ.. شمس بدران آخر رجال النكسة

شمس بدران
شمس بدران
السبت الماضي، داخل إحدى مستشفيات مدينة بليموث البريطانية، لفظ شمس بدران، وزير الحربية الأسبق أنفاسه الأخيرة عن عمر يناهز الـ 91 عاما.

قضى بدران أكثر من أربعة عقود من الزمن في المنفى الاختياري، بالتحديد "إنجلترا" تاركا خلفه إرثا من الألغاز والتساؤلات حول مثيرة رجل مثل اسمه بديلًا لاسم ملاك الموت.


ترك "بدران" خلفه وصية لأبنائه وأحفاده، توصيهم بضرورة أن يتم دفنه داخل الأراضي المصرية، فهناك قضى سنوات الحب والحرب.

"أوصيكم بأن يتم دفن جثماني في مقابر العائلة، وأن يتم الصلاة علي في مسجد السيدة نفيسة".. هكذا نقل عنه وصيته، أحد حضور صلاة الجنازة على وزير الحربية الأسبق شمس بدران.

حياة بدران كانت مليئة بالأحداث الكبيرة، تارة انتصار وتارة هزيمة، بدأ حياته العسكرية عندما تخرج من الكلية الحربية عام 1948 بعد قضاء ستة أشهر فقط في التدريب والدراسة، ليشارك في حرب فلسطين ويكون إحدى القوات التي حوصرت في بلدة الفالوجا.

خلال تلك الفترة وطدت علاقته بتنظيم الضباط الأحرار وبات واحدا منهم وأحد مصادر الثقة في دائرة التنظيم، وتولى مهمة تجنيد أفراد "اللواء السادس"، وكان أحد المشاركين فى ثورة 23 يولیو 1952.

حياة صاخبة صاحبت الرجل العسكري، لم يظن أحد أن الهدوء والرحيل دون وداع سيكونان رفيقيه في رحلة صعود روحه إلى السماء.

أمام مسجد السيدة نفيسة، وقفت سيارة دفن الموتى بلونها الأبيض ولوحاتها التي تشير إلى انتمائه لإحدى الجهات، ومن حوله نحو عشر رجال وسيدات يتبادلون أطراف الحديث بصوت خفيض وباللغة الإنجليزية. 

خرج الجثمان من المسجد في هدوء لم يذرف أحد دموعا، لم يرتفع صوت بأحدهم برسالة وداع، فكان خير ختام لمسيرة صاحب لقب "قاهر الإخوان".

خلال سنوات حياته الأولى، حظى "بدران" بثقة جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وخلال فترة وجيزة تمكن من شغل منصب مدير مكتب عبد الحكيم عامر، ومن ثم تم اختياره وزيراً للحربية عام 1966.

خلال تلك الفترة كان أحد الرجال الثقات في دائرة حكم "عبدالناصر"، إلا أنه سرعان ما اختلف الأمر وانقلب رأسا على عقب، استحق بدران ومجموعته أن توجه إليهم أصابع الاتهام على كونهم المسئولين الأساسيين عن هزيمة الجيش المصري من العدو الأبدي والتاريخي إسرائيل عام 1967.

ردد البعض أن خطاب التنحي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان يتضمن فقرة خاصة بتولية بدران رئاسة الجمهورية بدلا عنه، إلا أن الأمر لم يسر بهذا اليسر.

انقلب عبدالناصر على بدران وحمله مسئولية الهزيمة وألقى به في غيابات السجن، قضى بدران 6 سنوات خلف الأسوار بصحبة مجموعة من قيادات الجيش باتهامات وصلت إلى قلب نظام الحكم.

مع تولي الرئيس الراحل أنور السادات أمر بالإفراج عنهم، ليخرج بدران من السجن إلى إنجلترا ويقضي هناك أكثر من أربعة عقود من الزمن.
الجريدة الرسمية