رئيس التحرير
عصام كامل

الشعب يريد استجواب الوزراء.. البرلمان تنازل عن أدواته البرلمانية في المساءلة.. والعليمي: المصارحة هي الحل

النائب كمال أحمد
النائب كمال أحمد
"نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا".. مَثلٌ جاهليٌّ يُضرب لكثير الصخب بلا فائدة، ويصف الشخص الذي تنحصر قوته كلها في لسانه، فيتحدث من دون أن يُنجز شيئًا، وهو ما يواكب "سمة وزارية"، يتسم بها عدد من الوزراء الذين يُطلقون التصريحات الوردية فور أداء اليمين الدستورية، أو كلما صادفوا الكاميرات التليفزيونية.


ويبدو أن بعضهم تنتابه حالة من النشوة فور استوزاره، فيعيش حالة من الرومانسية والانفصال عن الواقع، ويطلق لخياله العنان، ويتحدث عن تحقيق وعود وأحلام سرعان ما تكشف الأيام أنهم كانوا مندفعين أو متسرعين، وربما تظل هذه الأحلام مجرد حبر على ورق، حتى يغادروا مناصبهم، ويطويهم ويطويها النسيان.

والأمانة تقتضى التأكيد على أن الواقع الصعب هو الذي يحول دون أن تبصر هذه الأحلام والوعود النور، كما أن بعض السياسات والقرارات تحول دون تنفيذ البعض الآخر. ولا شك أن كثيرًا من التصريحات الناعمة ارتبطت بحكومة الدكتور مصطف مدبولى، بدءًا من تحسين مستوى معيشة المواطنين، وتقليص البطالة، ورفع سعر الجنيه، والقضاء على الغلاء والعشوائيات والتلوث وغيرها من التصريحات الهلامية التي بقيت مجرد أوهام، أو صرحًا من خيال فهوى..

"فيتو".. ترصد في هذا الملف جانبًا من هذه الوعود والأحلام الزائفة التي انخدعت بهم قطاعات كبيرة من المواطنين، وترقبت تحقيقها، تطلعًا إلى حياة أكثر دعة وهدوءًا، فإذا بهذه الأحلام تغدو كوابيس ثقيلة تؤرق حياتهم وتعكر صفو حياتهم..

تصريحات في الهوا
انتقد عدد من النواب الوعود والتصريحات الوزارية الوردية التي تدعو للتفاؤل، والتي يطلقها الوزراء بمجرد توليهم حقائبهم الوزارية، دون تنفيذ على أرض الواقع.

وأكد النواب أن أغلب الوزراء يعلنون عقب توليهم مسئولية وزاراتهم، قدرتهم على حل المشكلات التي تواجه المواطنين في اختصاص وزاراتهم، ولكن للأسف لاتتعدي بعض الوعود صدى الكلمات التي ينطقها الوزير على أرض الواقع، مثل تحقيق العدالة الناجزة في المحاكم والقضاء على الفساد في مختلف قطاعات الوزارات، وطالب النواب بضرورة محاسبة الوزراء على تلك التصريحات غير المسئولة والتي لاتنفذ على أرض الواقع.

من جانبه قال النائب عبد الحميد كمال، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب: إن التصريحات غير المسئولة لبعض الوزراء وإطلاق الوعود والردود السياسية الزائفة والناعمة أو التصريحات الوردية هي حقيقة على مر تاريخ الحكومات والوزراء من أجل الحصول على رضا المواطنين.

رغم أن هذه الوعود لا تنفذ في أغلبها على أرض الواقع مثل تحقيق العدالة الناجزة أو القضاء على الفساد، وأضاف كمال، عدم المصارحة وكشف الحقائق هي أحد أبرز السمات السلبية لبعض الوزراء الذين لا يعتمدون على المصارحة مع المواطن.

المحاسبة

متابعا: وهنا من حق البرلمان محاسبة الوزير لأن هذا الدور أحد أدواته الرقابية من خلال استخدام هذه الأدوات التي تتضمن الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات، وفى حالة الاستجواب يمكن سحب الثقة من الوزير صاحب الوعود الفنكوش ولائحة المجلس حددت الإجراءات الخاصة بسحب الثقة لكن تبقى المشكلة في الأغلبية التي تحبط الأمر في حالة رفضها.

وقال النائب كمال أحمد عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إن الدستور منح مجلس النواب الحق في محاسبة الوزراء في حالة إطلاق الوعود التي لا تنفذ من خلال المناقشة وتقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات لمعرفة مدى تقصير الوزير في تنفيذ وعوده وهل هو مقصر أم لا في تنفيذ الخطط التي قدمت للمجلس من خلال بيان الحكومة.

وعود الفنكوش

وأضاف الدستور منح مجلس النواب حق سحب الثقة من الوزير المقصر صاحب الوعود الفنكوش، لكن هذا الأمر يحتاج إلى وجود توازن داخل مجلس النواب بين القوى السياسيه الممثلة، مثلما يحدث في العديد من الدول العريقة في الديمقراطية، وهو الأمر غير المعمول به في دول العالم الثالث حيث تطغى الأغلبية داخل المجلس على القرار وتفرض إرادتها وتحول دون سحب الثقة من الوزير وتنتقل إلى جدول الأعمال.

أما النائب عبد المنعم العليمى عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب فيرى أن كل وزير مسئول عن وزارته، وبالتالى لابد أن تكون هناك رقابة على عمله وأدائه من الجهات الرقابية المعروفة في الدولة وبالتالى إطلاق الوزير لوعود لا تنفذ تفقد المواطن ثقته في هذا الوزير.

الشفافية

وهو ما ينعكس بالسلب على ثقته في الحكومة، ومن هنا فإن المصارحة والشفافية مع المواطن أفضل الطرق لتحقيق الثقة والتعاون بينهم، وأضاف العليمى من حق مجلس النواب محاسبىة الوزير على هذه النوعية من التصريحات والتي تعد مسكنات ولا تنفذ من خلال الأدوات الرقابية المتعارف عليها طبقا للدستور والقانون.

والدستور أعطى النواب الحق في سحب الثقة من الوزير من خلال موافقة الأغلبية من أعضاء المجلس لكن للأسف هذا الحق لم يفعل حتى الآن على أرض الواقع من خلال نواب الأكثرية التي غالبا ما ترفض سحب الثقة.

وقال النائب هيثم الحريرى عضو مجلس النواب إن وعود الوزراء التي لا تنفذ أمر ليس جديدا خاصة وأن بيان الحكومة يحدد خط سير الوزراء على مدار السنة، ويعد ملزما للوزراء وبالتالى أي وعود تصدر من وزير ولا تنفذ تعد تقصيرا في أداء دوره، وتترك أثرا سلبيا لدى المواطن عنه.

وأكد الحريرى أن مساءلة الوزراء أصحاب وعود الفنكوش التي لا تنفذ حق أصيل للنواب، وتابع عضو مجلس النواب: البرلمان وفقا للدستور والقانون  أعطى النواب سلطة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية من خلال طلبات الإحاطة والاستجوابات، لكن محاسبة الوزير تحتاج إلى رغبة من المجلس حقيقية في المحاسبة، لأنه كان في الماضى لا تتم محاسبة الوزراء لوجود الأغلبية من الحزب الوطنى الذي كان يشكل الحكومة فضلا عن أنه حزب الرئيس.

مؤشرات تفاؤلية

وبدوره قال النائب عمرو الجوهرى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب: إن الوزراء دائما يعطون مؤشرات تفاؤلية للمواطن وهذا أمر غير جيد رغم أنه ليس جديدا لأنه في النهاية يفقد المواطن المصداقية في كلام هذا الوزير، وهذا الأمر له انعكاساته السلبية الخطيرة على طبيعة العلاقة بين الوزير والمواطن، والأفضل هو المصارحة والمكاشفة للمواطن بالحقائق كاملة.

وأضاف النائب عمرو الجوهري: إن الدستور منح النواب عددا من الأدوات الرقابية الخاصة بمحاسبة الوزراء أصحاب الوعود التي لا تنفذ عملا بمبدأ "لا أحد فوق المساءلة" وهذا من الناحية النظرية بدليل أنه لم نسمع عن سحب الثقة من وزير وطلبات الإحاطة والاستجوابات تقف عند حد المناقشات ثم يتم الانتقال إلى جدول الأعمال، وبالتالى الواقع يقول إن النواب لا يستطيعون محاسبة الحكومة على فشلها في إدارة أو حل أزمة ما.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية