"ياما في الفن مظاليم".. نجوم نسيتهم الكاميرات ولم ينسهم الجمهور

"البعيد عن العين بعيد عن الفن".. هذا ما يصف حال العشرات من النجوم ممن قدموا تاريخا فنيا، لكن يبدو أن ذاكرة الفن نسيتهم.. هذا ما كشفت عنه قصة الفنان محمد عبد الحليم، الذي كان من صفوف النجوم المنسيين فنيًا لفترة من الفترات، لكنه تحول لترند ومثار حديث السوشيال ميديا بعد الخبر المتداول عنه كونه وصل لحالة من التهميش وابتعاد الاعمال الفنية عنه، إلا أنه صرح بعكس ذلك تمامًا، نافيًا أن يكون من الباحثين عن عمل، قائلًا: "لو فيه مخرج مش لاقي شغل أنا أشغَّله".

إلا أن قصته فتحت الباب لطوابير من نجوم حفروا أعمالهم وخلدوها في ذاكرة الفن المصري والعربي، سواء على المستوى السينمائي، أو الدرامي، أو المسرحي، أو الإذاعي.

لا خاب من راهن على الجمهور، فالجمهور هو الذاكرة التي لا تنسى الأعمال الفنية أو من قدموها، سواء كان هؤلاء من مصاف نجوم الشباك وأدوار البطولة أو ممن تألقوا في الأدوار الثانوية، وعلى سبيل المثال هناك عدد من الفنانين ممن تألقوا في أدوار "الكومبارس"، ولم يكن الجمهور يومًا يعلم أسماءهم إلا أنهم معروفون بشخصياتهم وإفيهاتهم وجملهم التي خلدت في أذهان الجمهور، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتشعبة.




يوسف عيد

ممن استحقوا وعن جدارة لقب "صنايعي إفيهات"، الفنان الراحل يوسف عيد، الذي رحل عن عمر ناهز 66 عامًا، بعدما قدم على مدار مشواره الفني العديد من الأدوار الكوميدية والتي أعطاها طابعًا غنائيًا، فكان أشهر ممن قدموا فن "الموال" في السياق الدرامي للعمل الفني، فكان بمثابة تميمة حظ لعدد من الأعمال التي اشترك فيها مع النجم والزعيم عادل إمام، رغم تخوف كثير من فناني الصف الأول من الوقوف أمام الزعيم؛ لأن الأخير بالطبع قادر بفنه وأدائه على "خطف الكاميرا منهم"، إلا أن الفنان الراحل يوسف عيد لم يكن من هؤلاء، فكان يظهر بمشهد وحيد أو مشاهد قليلة بعبارات وجمل تلقائية تظل علامة يتذكر بها الجمهور العمل الفني، كذلك دوره الشهير في مسرحية "شارع محمد علي" أمام ملك الترسو فريد شوقي، وشريهان، ووحيد سيف، والمنتصر بالله، وهشام سليم، فخرج في أحد المشاهد عن النص، وكان أكثر المشاهد التي تفاعل معها الجمهور طيلة العرض المسرحي، من خلال جملته الشهيرة داخل المسرحية ارتجالًا لفريد شوقي: "ما الجدع ده من ساعة لما مات محمود المليجي، وهو مش لاقي حد يضربه"، ومشهده في فيلم "جعلتني مجرما" مع النجم احمد حلمي وجملته: "أضربك فين مافيش في وشك مكان"، كذلك دور "كابتن حمدي كاتا" في مسلسل "الكبير أوي"، رغم الطابع الكوميدي للعمل وكل المشاركين فيه، إلا ان يوسف عيد تمكن من خطف الأنظار من خلال مشاهده البسيطة.





إبراهيم عبد الرازق
خلال فترة من فترات التألق السينمائي، لا يوجد عمل فني يحتاج لمعارك أو مشاهد "ضرب" داخل السياق الدرامي، إلا وكان للفنان إبراهيم عبد الرازق نصيب منها، ورغم أن الجمهور لم يكن يومًا يعرف اسمه، إلا أنه لا أحد يغفل دور الفتوة دكروري في فيلم سعد اليتيم، ورغم ملامحه القاسية وبنيانه الجسماني الضخم الذي حصره في أدوار الشر والفتوة، إلا أنه حينما يتطلب العمل الدرامي لحمة من العاطفة يتألق فيها ابراهيم عبد الرازق دون منازع، كما أداها في مسلسل "غوايش" أمام الفنانة صفاء أبو السعود، والذي ظهر فيها بشخصية "البرنس" لاعب الحديد الصلب، تلك الشخصية التي يخشاها الجميع إلا أنه حينما يتلاقى مع أعين محبوبته يتحول لحمل وديع منصاع لكل رغباتها حتى لو كانت تلك الرغبة أن تتزوج بآخر، كذلك دور العاشق لسعاد حسني لدرجة أنه يقتلها في نهاية فيلم "المتوحشة".





نادية شكري

"هاشتغل رقاصة يا بابا".. بتلك العبارة عرفها الجمهور وتفاعل معها في مسرحية "العيال كبرت"، أمام نجوم الكوميديا والفن، سعيد صالح، أحمد زكي، كريمة مختار، حسن مصطفى، ويونس شلبي، إلا ان الجمهور لم يعرف اسمها، ولكنه قرر أن يمنحها اسم شخصيتها التي حفرت في الأذهان، وهي "سوسو بنت رمضان السكري"، ورغم موهبتها وقدرتها فى بداياتها على الوقوف إلى جوار كبار النجوم وفرض شخصيتها الكوميدية وأدائها أمامهم، إلا أن الأضواء ابتعدت عنها، بعد سفرها لأستراليا لأكثر من 7 سنوات، وبعد عودتها لم تجد التوهج الفني الذي كانت تتوقعه بعد "العيال كبرت".




محمود مسعود 

صاحب أشهر أداء للموظف الشريف، أو المواطن المنكسر القانع بما قسمه له القدر، وقد أدى تلك الأدوار ببراعة، فدخل المجال الفني بعد تخرجه في مسرح الطليعة، ثم انتقل إلى السينما، وشارك في بطولة عدد كبير من الأفلام والأعمال الدرامية، وكان آخر أعماله مسلسل "لآخر نفس" مع الفنانة ياسمين عبدالعزيز في رمضان 2020، ورغم التألق الفني لكل الأداور التي لعبها الفنان الراحل محمود مسعود إلا أنه عارض رغبة ابنته في الدخول لعالم الفن، بسبب ما وصفه بـ "الشللية"، والتي تعتمد على الوساطة، وهو ما أكد عليه مسعود في أكثر من تصريح بأنها أحد أسباب ابتعاده عن الكاميرات والأضواء.




عبد الغني النجدي

صاحب أشهر شارب في تاريخ السينما، وصاحب الجملة الشهيرة "أنا نصاب ضلالي"، تلك الجملة التي كانت من بنات أفكاره وادائه لشخصية الصعيدي صاحب اللكنة الكوميدية، وأشهر من قلب "الجيم" "دال" في جمله، الفنان الكوميديان الراحل عبد الغني النجدي، معروف شكلًا وبأدواره الكوميدية التي لا تخلو من اللزمات المضحكة، إلا أن كثيرًا، خاصة من أبناء الجيل الحالي، لا يستطيعون ربط الاسم بالصورة، أشهر كومبارس في أفلام "الأبيض وأسود"، لازم كبار عمالقة الكوميديا والدراما المصرية والعربية، ومن أشهر أدواره تلك التي زامل فيها الفنان الراحل إسماعيل ياسين في أدوار المجند الصعيدي البسيط في "إسماعيل يس في الجيش"، وكذلك الساعي في "الفانوس السحري"، ورغم تعدد مواهبه الفنية إلا أنه لم يحظ بالتقدير الكافي، فكان النجدي كاتب سيناريو وحوار مجموعة من الأفلام مثل "إجازة بالعافية"، بالإضافة إلى أنه احترف تأليف النكت وبيعها لكبار نجوم الكوميديا، والمونولوجات أمثال؛ إسماعيل يس، وشكوكو، وكان يضع "تسعيرة" للنكتة الواحدة مقابل جنيه واحد، ورغم أنه كان عملاقا فنيا ترك علامة بارزة في التمثيل السينمائي وأيضًا المسرحي، إلا أنه كان يعيش في الظل، ولم يتمتع بنفس التقدير الذي حظي به غيره من نجوم الكوميديا ممن زاملوه في مشواره الفني، وشارك في 236 عملا سينمائيا ودراميا.





محمود السباع
"أنا سباخ المعالج الروحاني" جملة قالها الفنان القدير الراحل محمود السباع خلال المشهد الشهير الذي جمعه مع الفنان الراحل أحمد زكي في فيلم «البيضة والحجر»، رغم قصر الدور والمساحة التي أداها محمود السباع خلال الفيلم، إلا أن ما قدمه كان شخصية محورية على أساسها دارت القصة الكاملة للعمل، فقد تميز محمود السباع بالمواهب المتعددة إلى جانب أدائه الأدوار المسندة إليه ببراعة وإتقان، فقد تجلت مواهبه أيضًا في الإخراج وكتابة السيناريو والحوار، وكان قدم أكثر من 40 فيلمًا سينمائيًا، وتدرجت وظائفه فقد عمل مخرجًا إذاعيًا عام 1954، وبعدها مراقبًا للمسلسلات بالتليفزيون عام 1962، ثم مديرًا للمسرح الكوميدي عام 1967.

ابراهيم سعفان


االفنان الكوميديان الراحل ابراهيم سعفان، صاحب أشهر إفيهات وأدوار في تاريخ السينما والمسرح، فجملته الشهيرة: "أنا ابن الحاج عبد الحميد الملط عمدة كفر ملط" لاتزال محفوظة وتضحك الجمهور كلما عُرض الفيلم الكوميدي "تجيبها كدة هي كدة" للفنان سمير غانم وفاروق الفيشاوي، فالفنان الراحل ابراهيم سعفان قال عنه الناقد والكاتب عبدالغني داوود إن أدوار إبراهيم سعفان السينمائية لم تستوعب أو تستدع كل طاقته الفنية وتتجلى هذه القدرات الفنية لديه على خشبة المسرح أكثر، وهو كنز فنى تعلم على يده أجيال من الكوميديين، كما أنه خريج مدرسة الريحاني، خاصة أنه بدأ مسيرته الفنية على مسرح الريحاني ورغم تفرد أدائه الكوميدي فإنه لم يحظ باهتمام نقدي كبير.

عمران بحر

رغم استمرار مسيرته الفنية لأكثر من نصف قرن، إلا أنه لم يتجاوز حد الأدوار الثانوية في العديد من الأعمال الفنية التي شارك فيها، عُرف وتميز بأدائه المتميز لشخصيات "البواب، الفراش، العسكري، تاجر الفاكهة، الفلاح" وغيرها من الأدوار المساعدة، كذلك كان له وجه معروف ومميز بسبب زيه الخاص به الذي حرص عليه في معظم أعماله الفنية.