فرصة أمام رئيس جهاز أكتوبر
قبل نحو خمس سنوات
عشنا أغرب واقعة يمكن تخيلها، فى مدينة السادس من أكتوبر، وهى تدمير نخيل مثمر على
مساحة 750 مترا مربعا تقريبا، بالمجاورة الثالثة بالحى الأول، وسط احتجاج السكان، رغم أنها
أقيمت بجهود بعضهم وعلى نفقته الخاصة.
كان المشهد مرعبا حينما سقطت واحدة من النخل المدمر على أحد رجال مسئولي الإزالة، ولم تكن أكوام القمامة ومخلفات البناء على الرصيف المقابل أعلى مساحة تتجاوز بضعة آلاف من الأمتار، تقل عنها بشاعة، إذا ما أبصرت العيون النقيضين، جمالا يدمر هنا وقذارة تتزايد هناك.
كان القرار الإداري لمسئولي جهاز المدينة وقتئذ يعتمد تصورا غير منطقي بشأن حجب النخيل رؤية مركز تجاري لا يزيد ارتفاعه على طابق علوي بعد الأرضي، وصورت الواقعة وقتئذ للجمهور على أنها "خناقة" بين مستثمرين لا صلة للجهاز بها، مع أن الأرض المزال نخيلها ذاتها جرت عملية تخطيطها لتكون مساحات خضراء محيطة بالمكان كله، أي إن إدارة الجهاز رأت فيها متنفسا للمواطنين وسمحت باستخراج التراخيص بناء على مراعاة طالبيها ذلك.
إحياء صحافة حقوق الإنسان
مرت السنون، ومعها بقي الحال على ما هو عليه فى المدينة، اللهم سوى مشاهدات انهيار فى الذوق واستحواذ باعة على أرصفة، وتراجع مساحات خضراء لصالح نماذج "البارك"، وتزايد مواقف سيارات عشوائية حول حدائق، وسيطرة مافيا التوكتوك وجنون الدراجات البخارية غير المرخصة غالبا.
ناهيك عن إهمال استثمار أراض ومساحات خالية يسأل المواطنون عنها يوميا ولا رد على استفساراتهم بشأنها، إلا أن أعباء كبيرة رفعتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عن كاهل رئيس جهاز المدينة، حين استحدثت جهازي مدينة حدائق أكتوبر ومدينة أكتوبر الجديدة، وبات لكل منهما إختصاصاته وصلاحياته وحدود مناطقه الجغرافية.
فى هدوء، تحولت مدينة أكتوبر إلى مكان غير مرغوب لبعض سكانه ممن فضلوا الهجرة إلى حدود المدينتين الجديدتين، أو سكن الكمبوندات المتزايدة هناك، حيث وجدوا فيهما فرصة لمستقبل حياة أفضل يتفادون فيها أخطاء تنظيم المدينة القديمة، لكن ظلت تصورات مسئولي الجهاز لواقع المدينة ثابتة دون تطوير أو إبداع، بوجهة نظرى.
حركة "سفلتة" لشوارع ومحاور يعاد تخطيط الأرصفة معها وتختفى على جانبيها تباعا المساحات الخضراء لصالح "بارك" يسهم فى مزيد من الازدحام والتلوث، ويخرج المستفيدون به من الملاك ألسنتهم للمواطنين والمسئولين معا، بعد أن خفضوا تكلفة إقامة مبانيهم بتفادي إنشاء جراجات أسفلها منذ البداية، وبمرور الوقت يبدأ تعظيم استفادتهم باستثمار فكرة مشتركة مع مسئولين عن إهدار المساحات الخضراء.
وأوجه الاستفادة تنصب على الأغلب فى أحقية بعضهم من أصحاب المراكز التجارية، ببناء أجزاء جديدة فوقها بنسب محددة تجيزها القوانين واللوائح حال التخلص من المساحات الخضراء وإنشاء "بارك"، وهكذا تسير سياسات التطوير والتجميل فى بعض المناطق ويجري تصويرها على أنها خطة تنمية.
لم يفهم أحدهم وهو يناقشني فى الأمر، كيف يتجاهل مسئولو الهيئة أو الجهاز توصية وزير الإسكان السابق قبل أن يتقلد منصب رئيس الوزراء، بضرورة دراسة حالة المساحات الخضراء بالحى الأول كمثال لأبرز وأرقي أحياء المدينة، أو كيف يتجاهل مسئولو الجهاز نفسه دراسة طلب مواطن تطوير مساحة خضراء للمنفعة العامة بالمشاركة، أو منحه إياها للانتفاع مقابل مبالغ مالية كبيرة تستفيد بها خزينة الدولة، مع الإبقاء على المشهد الجمالي، وربما كانت تلك تجربة يعممها الجهاز مستقبلا، أن تكون المشاركة الشعبية صلب خطة التطوير والتنمية المجتمعية التى تنجزها أجهزة الدولة وتدعم ميزانيتها فى الوقت ذاته.
إلى وزير الإسكان
هل يمكن لمسئول داخل مدينة جديدة أن يعلن على سكانها، بعيدا عن مجلس الأمناء، رؤية جهازه لمجتمع عمراني نشأ ليكون متكاملا تحمي إدارته الثروة العقارية وتصون مساحاته الخضراء، وتدعم أفكار المستثمرين الجادين والعمل الأهلي فى محيطه، وتشعر المواطن بقيمة رأيه؟.
أحد أهم أسباب هجرة مئات الآلاف من سكان أحياء القاهرة الكبرى إلى "أكتوبر" والمدن الجديدة، الهروب من فساد أجهزة المحليات الذي أثر بالسلب على تصنيف مصر فى مؤشرات عالمية وتقارير دولية سنوية فى هذا الشأن، ولو أن دعوة القيادة السياسية إلى التجاوب مع مشروعات إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والهجرة إليها لا مزايدة عليها، فلا أقل من أن يفهم مسؤول أن كل مواطن داخل حدود إدارته جاء بهدف إضافة رصيد من التعمير إلى ما تنجزه الدولة، وعليه يكون الحوار المتمدن الذي يقود إلى تحقيق المنفعة العامة لا المصالح الغامضة التى يحميها العناد تحت ستار اللوائح والقرارات.
دعوتي للمهندس شريف الشربيني رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر، وخبرته وعلمه يكفيان للإ=ئستجابة، أن يراجع مشاهد المساحات الخضراء المحيطة بمناطق سكنية ومراكز تجارية بالمدينة، وخاصة الحى الأول، قبل أن يتخذ خطوة يتمناها البعض ولا تخدم مواطنا بالضرورة، بشأن التوسع فى إنشاء نماذج "البارك" تحت مزاعم التطوير، وأن ينقذ سكان المدينة المتبقين فى بيوتها من حالة التدهور والفوضى التى آلت إليها مساحات خالية لم تشهد حركة استثمار أو يعلم مواطن شيئا عن مستقبلها.
ستكون حالة الحوار المجتمعي حول تحديد أوجه المنفعة العامة بما لا يخالف القانون، بحضور المواطنين والمستثمرين قبل ممثليهم بمجلس أمناء المدينة، ذات جدوى بالفعل، وستطرح الثقة مجددا فى قدرة أداء الجهاز على حماية المدينة، وتسهم فى تأكيد رؤية مسؤوليه للمستقبل، حتى لا تخسر "أكتوبر" من جاءوا إليها يطلبون الأمل ويرجون حياة أفضل، ولتكن البداية أن يمنح المسؤول الأول نفسه والمواطن الفرصة لتقييم أداء متخذي القرار وشفافيته، وسيكون معها المكسب أكبر بالتأكيد.
كان المشهد مرعبا حينما سقطت واحدة من النخل المدمر على أحد رجال مسئولي الإزالة، ولم تكن أكوام القمامة ومخلفات البناء على الرصيف المقابل أعلى مساحة تتجاوز بضعة آلاف من الأمتار، تقل عنها بشاعة، إذا ما أبصرت العيون النقيضين، جمالا يدمر هنا وقذارة تتزايد هناك.
كان القرار الإداري لمسئولي جهاز المدينة وقتئذ يعتمد تصورا غير منطقي بشأن حجب النخيل رؤية مركز تجاري لا يزيد ارتفاعه على طابق علوي بعد الأرضي، وصورت الواقعة وقتئذ للجمهور على أنها "خناقة" بين مستثمرين لا صلة للجهاز بها، مع أن الأرض المزال نخيلها ذاتها جرت عملية تخطيطها لتكون مساحات خضراء محيطة بالمكان كله، أي إن إدارة الجهاز رأت فيها متنفسا للمواطنين وسمحت باستخراج التراخيص بناء على مراعاة طالبيها ذلك.
إحياء صحافة حقوق الإنسان
مرت السنون، ومعها بقي الحال على ما هو عليه فى المدينة، اللهم سوى مشاهدات انهيار فى الذوق واستحواذ باعة على أرصفة، وتراجع مساحات خضراء لصالح نماذج "البارك"، وتزايد مواقف سيارات عشوائية حول حدائق، وسيطرة مافيا التوكتوك وجنون الدراجات البخارية غير المرخصة غالبا.
ناهيك عن إهمال استثمار أراض ومساحات خالية يسأل المواطنون عنها يوميا ولا رد على استفساراتهم بشأنها، إلا أن أعباء كبيرة رفعتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عن كاهل رئيس جهاز المدينة، حين استحدثت جهازي مدينة حدائق أكتوبر ومدينة أكتوبر الجديدة، وبات لكل منهما إختصاصاته وصلاحياته وحدود مناطقه الجغرافية.
فى هدوء، تحولت مدينة أكتوبر إلى مكان غير مرغوب لبعض سكانه ممن فضلوا الهجرة إلى حدود المدينتين الجديدتين، أو سكن الكمبوندات المتزايدة هناك، حيث وجدوا فيهما فرصة لمستقبل حياة أفضل يتفادون فيها أخطاء تنظيم المدينة القديمة، لكن ظلت تصورات مسئولي الجهاز لواقع المدينة ثابتة دون تطوير أو إبداع، بوجهة نظرى.
حركة "سفلتة" لشوارع ومحاور يعاد تخطيط الأرصفة معها وتختفى على جانبيها تباعا المساحات الخضراء لصالح "بارك" يسهم فى مزيد من الازدحام والتلوث، ويخرج المستفيدون به من الملاك ألسنتهم للمواطنين والمسئولين معا، بعد أن خفضوا تكلفة إقامة مبانيهم بتفادي إنشاء جراجات أسفلها منذ البداية، وبمرور الوقت يبدأ تعظيم استفادتهم باستثمار فكرة مشتركة مع مسئولين عن إهدار المساحات الخضراء.
وأوجه الاستفادة تنصب على الأغلب فى أحقية بعضهم من أصحاب المراكز التجارية، ببناء أجزاء جديدة فوقها بنسب محددة تجيزها القوانين واللوائح حال التخلص من المساحات الخضراء وإنشاء "بارك"، وهكذا تسير سياسات التطوير والتجميل فى بعض المناطق ويجري تصويرها على أنها خطة تنمية.
لم يفهم أحدهم وهو يناقشني فى الأمر، كيف يتجاهل مسئولو الهيئة أو الجهاز توصية وزير الإسكان السابق قبل أن يتقلد منصب رئيس الوزراء، بضرورة دراسة حالة المساحات الخضراء بالحى الأول كمثال لأبرز وأرقي أحياء المدينة، أو كيف يتجاهل مسئولو الجهاز نفسه دراسة طلب مواطن تطوير مساحة خضراء للمنفعة العامة بالمشاركة، أو منحه إياها للانتفاع مقابل مبالغ مالية كبيرة تستفيد بها خزينة الدولة، مع الإبقاء على المشهد الجمالي، وربما كانت تلك تجربة يعممها الجهاز مستقبلا، أن تكون المشاركة الشعبية صلب خطة التطوير والتنمية المجتمعية التى تنجزها أجهزة الدولة وتدعم ميزانيتها فى الوقت ذاته.
إلى وزير الإسكان
هل يمكن لمسئول داخل مدينة جديدة أن يعلن على سكانها، بعيدا عن مجلس الأمناء، رؤية جهازه لمجتمع عمراني نشأ ليكون متكاملا تحمي إدارته الثروة العقارية وتصون مساحاته الخضراء، وتدعم أفكار المستثمرين الجادين والعمل الأهلي فى محيطه، وتشعر المواطن بقيمة رأيه؟.
أحد أهم أسباب هجرة مئات الآلاف من سكان أحياء القاهرة الكبرى إلى "أكتوبر" والمدن الجديدة، الهروب من فساد أجهزة المحليات الذي أثر بالسلب على تصنيف مصر فى مؤشرات عالمية وتقارير دولية سنوية فى هذا الشأن، ولو أن دعوة القيادة السياسية إلى التجاوب مع مشروعات إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والهجرة إليها لا مزايدة عليها، فلا أقل من أن يفهم مسؤول أن كل مواطن داخل حدود إدارته جاء بهدف إضافة رصيد من التعمير إلى ما تنجزه الدولة، وعليه يكون الحوار المتمدن الذي يقود إلى تحقيق المنفعة العامة لا المصالح الغامضة التى يحميها العناد تحت ستار اللوائح والقرارات.
دعوتي للمهندس شريف الشربيني رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر، وخبرته وعلمه يكفيان للإ=ئستجابة، أن يراجع مشاهد المساحات الخضراء المحيطة بمناطق سكنية ومراكز تجارية بالمدينة، وخاصة الحى الأول، قبل أن يتخذ خطوة يتمناها البعض ولا تخدم مواطنا بالضرورة، بشأن التوسع فى إنشاء نماذج "البارك" تحت مزاعم التطوير، وأن ينقذ سكان المدينة المتبقين فى بيوتها من حالة التدهور والفوضى التى آلت إليها مساحات خالية لم تشهد حركة استثمار أو يعلم مواطن شيئا عن مستقبلها.
ستكون حالة الحوار المجتمعي حول تحديد أوجه المنفعة العامة بما لا يخالف القانون، بحضور المواطنين والمستثمرين قبل ممثليهم بمجلس أمناء المدينة، ذات جدوى بالفعل، وستطرح الثقة مجددا فى قدرة أداء الجهاز على حماية المدينة، وتسهم فى تأكيد رؤية مسؤوليه للمستقبل، حتى لا تخسر "أكتوبر" من جاءوا إليها يطلبون الأمل ويرجون حياة أفضل، ولتكن البداية أن يمنح المسؤول الأول نفسه والمواطن الفرصة لتقييم أداء متخذي القرار وشفافيته، وسيكون معها المكسب أكبر بالتأكيد.