رئيس التحرير
عصام كامل

إصلاح الأخلاق ليس قراراً فوقياً!

الأخلاق جالبة للخير وطاردة للشر، وهي ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات.. وهي كما قال أمير الشعراء: صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.. فقوِّم النفس بالأخلاق تستقم.. وهو ما يطرح سؤالاً : هل إصلاح ما نحن فيه من تدهور أخلاقي مسئولية الحكومة أم مهمة المجتمع كله أسرة ومدرسة وجامعة ومؤسسة دينية وثقافية وحزبية ونيابية؟


رأيي أن إصلاح الأخلاق والتنوير أكبر من أن يكون قراراً فوقياً يمكن للحكومة- أي حكومة- أن تتخذه بمفردها دون تمهيد، فالتربية مسئولية مجتمعية بالأساس تقودها نخبة واعية تؤمن بجدوى الإصلاح الذي هو مهمة ثقيلة تحتاج لتضافر جهود جميع أطياف المجتمع ومكوناته كلها، وإرادة واعية ورغبة حقيقية في العودة للجذور الصافية واستلهام النماذج الوطنية والتاريخية المشرقة التي حملت عبء النهضة ورسخت جذورها في المجتمع في تجربة تاريخية فريدة قادها محمد على الكبير في مطلع العصر الحديث حين ابتعث رائد الفكر رفاعة الطهطاوي على رأس نخبة مصرية متميزة إلى فرنسا، ثم عادت حاملة مشاعل العلم والتقدم وزاوجت في سلوك حضاري رشيد بين نهضة الغرب وأخلاق الشرق فكانت النتيجة فترة من أخصب فترات تاريخنا تقدماً وتحديثاً.

نجح رفاعة الطهطاوي ومن معه من رواد النهضة الأوائل في إحداث نقلة نوعية في التعليم والترجمة والأخلاق.. ثم جاء الإمام محمد عبده تلميذ جمال الدين الأفغاني ليشتبك باستنارة فذة مع قضايا عصره محدثاً بصورة متدرجة تطوراً هائلاً في التعليم الأزهري والتربية وإصلاح النفوس وأدخل إليه العلوم العقلية، مخلّصاً إياه من شوائب الجمود وكثير من القيود فانطلق الأزهر بفضله على طريق العلم والرشاد الفكري حتى صار اليوم منارة للعالم الإسلامي كله.
الجريدة الرسمية