رئيس التحرير
عصام كامل

صوت العقل.. في أزمة الرسومات المسيئة للرسول

الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الرسوم المسيئة له في عصرنا الحالي ليست وليدة زماننا، ولكن الرسول منذ بداية دعوته وهو يتعرض للإساءة سواء اللفظية منها أو الفعلية، كل ذلك من أجل صده عن دعوته، فما كان موقفه صلى الله عليه وسلم من تلك الإساءة، فهل كان يقابل الإساءة بالإساءة؟ وهو رسول الرحمة والإنسانية..


طبعا وبكل ثقة لم يكن يقابل السيئة بالسيئة، لأنه كما وصفه المولى عز وجل (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) فرسول الإسلام هو رسول الرَّحمة للعالَمين، وهو رسول العدل والسَّماحة في كلِّ مجالات الحياة، من أجل ذلك لم يكن عجيبًا أن تجدَ هذا الرسول حتى في مسائل القتال والجهاد يوصي جنوده بالقواعد الأخلاقية، ومبادئَ أدبيَّة لا يملك أيُّ مُنصِف إلَّا أن يعبِّر عن شدة احترامه وإجلاله لهذا الرسول..

الجماعات الإرهابية.. فكر أراد أن يموت (٣)
ومن هذه القواعد الأخلاقيَّة العظيمة قاعدة (عدم قتال مَن لم يُقاتِل) وهي تابعةٌ في الأساس لقاعدةٍ عُظمى وهي قاعدة تحريم الاعتداء على الآخرين، بغير حقٍّ أو التَّعدِّي على الأبرياء بغير ذنب اقترفوه.

ففي الشريعةُ الإسلاميَّة أنَّ قتال الذين لا يشتركون في القِتال ولا يَقدرون عليه هو نوعٌ من الاعتداء الذي نهى الإسلام عنه وذَمَّه وحرَّمه وعدَّه من الجرائم الحربيَّة، وكان من وصايا الرسول في الحرب والقتال أنه كان يوصي بعدم قتل كبار السن ولا المرأة ولا الأطفال، حتى نهاهم عن قطع الأشجار هذا هو الرسول الذي يزعم من جهلوا حقيقته وزعموا انهم يثأرون له، كيف كان رحيما حتى بالأعداء في وقت القتال..

فكيف بهم في زماننا هذا يقتلون امرأة ذبحا ورجلا خادما للكنيسة في بلادهم وفي دور عبادتهم، أو يقتلون الإنسان على هويته وهو آمن في بلده! هؤلاء ليسوا من أتباع الرسول الذي نهى عن الظلم والتعدي على الآخرين، أو على الأقل لا يفهمون الفهم الصحيح لرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الذين خرجوا اليوم ذبحا في البشر بزعم الغضب للإساءة للرسول هم في ذلك كاذبون مغيبون وجهلة بحقيقة الإسلام ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

فصوت العقل الذي يوافق الشرع في هذه المسألة، والذي كان بصدق صادر من الدولة المصرية، متمثلا في رأس نظامها وهو الرئيس السيسي، من خلال كلمته التي ألقاها في احتفالية الدولة المصرية بمولد الرسول الكريم، ومتمثلا أيضا في رأس هيئتها الدينية وهو شيخ الأزهر، من خلال كلمته التي ألقاها أيضا في هذه الاحتفالية، فصوت العقل في كل أزمة هو الذي يحلل الأمور من جميع جوانبها، ليبني رأيه على صورة مكتملة الأركان.

الجماعات الإرهابية.. فكر أراد أن يموت (٢)
صوت العقل الذي يبحث عن الحقيقة قبل أن يتخذ موقفًا، حتى لا يندم عليه مستقبلًا، صوت العقل الحكيم الذي يستطيع أن يفرق بين ما هو سياسي يخدم فصيلا بعينه، أو دولة بعينها، وبين ما هو ديني، يسيئ إلى الدين، ويُحط من العقيدة، وينال من الأنبياء، عليهم السلام، وعلى الجانب الآخر رآينا إعلام دولة وتنظيم متمثلا في قناة الجزيرة وأخواتها الشرق ومكملين، يتاجرون بهذه القضية، ويحاولون بشتى السبل تأجيج الفتن ويحضون على الكراهية من أجل مكاسب خاصة بهم، لذا رأينا قناة الجزيرة عندما خصها ماكرون بحديث خاص عن الأزمة امتنعت عن نشر جزء كبير من الأخبار التحريضية!

ورئيس دولة تركيا الذي أراد أن يستغل هذه الأزمة، من أجل أن يكسب له شعبية زائفة في بلده، بعد أن خسرها بسبب فشله، أو البحث عن سلطان وتنفيذ أجندات خارجية وأطماع توسعية له في الدول العربية والإسلامية تحت شعارات دينية، ولأن الزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، لذا رأينا العالم كله يقف إجلالا لمصر وتقديرا لرئيسها واحتراما للإسلام الوسطي الذي يعتنقه أهلها، كما رأينا بعد الجريمة الإرهابية التي حدثت في عاصمة النمسا وقتل فيها سبعة أشخاص، تطلب دول أوروبا من مصر خبرتها في كيفية القضاء على الإرهاب الذي لا دين له، فالإرهاب يأجج الفتن ويزرع الكراهية ويحرض على العنف، وينافي مقاصد الشريعة الإسلامية، التي تحث على إعمار الأرض ونشر السلام والحب والوئام بين شعوبها.

الجريدة الرسمية