رئيس التحرير
عصام كامل

قاطع التركي.. ادعم المصري

هاجم وزير الإعلام أسامة هيكل، النظام التركي الذي يوفّر الملاذ للجماعات الإرهابية ويدعم قنوات تسيء لمصر وقيادتها وتحرض ضدها، وقال لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إنه "نظام حكم إخواني ولن يتخلى عن منهجه، وان مصر لم تهتم لرغبته في الحوار إذ يأوي الإرهابيين ويمول عملياتهم من دولة أخرى ضد مصر، فلا يجوز أن تكون عنيفا على الأرض وتستخدم لغة السلام والرغبة في الحوار للاستهلاك الإعلامي".


يلوم وزير الإعلام ازدواجية تركيا واختلاف القول عن الفعل، ونسى أننا أيضا نعاني من ازدواجية، فنظام أردوغان يعادي مصر منذ سنوات، وتسبب لنا في خسائر جمة ويأوي غالبية قيادات الإخوان الإرهابية ومنابرهم التحريضية تبث من بلده، كما يدرب الإرهابيين ويمول عملياتهم ضد مصر، ومع هذا مازالت السلع والبضائع التركية تغرق الأسواق المصرية..

بلطجة أردوغان أشعلت القوقاز
بمعنى أن القوة الشرائية في السوق المصري تنعش اقتصاده وتوفر له مالا يشتري به سلاحا ويدفع منه مكافآت مجزية للمرتزقة والإرهابيين الذين يقتلون العرب في الدول التي يتدخل فيها لاحتلالها ونهب خيراتها!

كان علينا اتخاذ موقف عقابي تجاه تركيا، على الأقل بمقاطعة منتجاتها شعبيا إن لم يكن رسميا، كما فعل الشعب السعودي الذي أثبت أنه رائد المبادرات حين نجح في تفعيل حملة شعبية لمقاطعة منتجات تركيا، عبر وسم "حملة مقاطعة المنتجات التركية"، مع تصميم شعار خاص بها، سرعان ما حل "تريند تويتر" في السعودية وبعد ساعات تصدر دول الخليج ومع التفاعل غير المسبوق تصدر عربيا ثم عالميا.

الحملة الشعبية السعودية لمعاقبة وردع تركيا، أتت استجابة لدعوة رئيس مجلس إدارة الغرف السعودية، عجلان العجلان، إلى "مقاطعة كل ماهو تركي، سواء على مستوى الاستيراد أو الاستثمار أو السياحة".

وغرد عجلان: "أقولها بكل تأكيد ووضوح: لا استثمار، لا استيراد، لا سياحة، نحن كمواطنين ورجال أعمال لن يكون لنا أي تعامل مع كل ماهو تركي".

وأيد المقاطعة الأمير عبدالرحمن بن مساعد آل سعود، رداً على تصريح لأردوغان قال فيه: "الجيش التركي يحافظ على استقرار دول الخليج من خلال وجوده في قطر".

وعلق الأمير السعودي على تصريح أردوغان: "لذلك أدعو الجميع لمقاطعة شعبية كاملة للمنتجات التركية كي نحافظ على استقرار اقتصاد تركيا ونقوّيه".

تصدر العجلان وبن مساعد المشهد بدعوة المقاطعة، لكن مؤكد أن هناك دعما رسميا وإن كان غير معلن، وتلقف الشعب الدعوة وأعلن مقاطعة شعبية للمنتجات التركية، رفضا للسياسة العدائية التركية تجاه المملكة ودعم أردوغان الإرهاب وتدخله السافر في شؤون دول المنطقة.

وجه الشعب السعودي رسالة إلى العالم قبل تركيا، أن سلاح الشعوب أقوى وقادر على عقاب وردع من أمعن في الإساءة والإرهاب والتطاول، وبالإمكان الانتصار عليه بسلمية عن طريق التأثير سلباً على اقتصاده.

دعا المغردون السعوديون عبر "الهاشتاغ" الذي تصدر "تويتر" عربيا ثم عالميا إلى شراء المنتجات الوطنية والعربية بدلا من التركية، مؤكدين أن "مقاطعة تركيا ومحاربتها اقتصاديا واجب وطني، والبدائل موجودة ولا تقل جودة، من سعودية العز، من بحرين الشهامة، من إمارات النخوة، من مصر العروبة، كل شيء له بديل، إلا أوطاننا، كل شيء له بديل، إلا كرامتنا وعزتنا وعروبتنا".

أردوغان "خليفة" الإبتزاز والبلطجة
على الفور انضم للحملة "تضامنا مع الشعب" أمراء من آل سعود، ورجال أعمال، واستجابت الأسواق والشركات السعودية وبدأت في نشر بيانات المقاطعة وصور وفيديوهات تخلصها من المنتجات التركية، وإيقاف التعامل مع كل ما هو أردوغاني، وتحولها إلى دول عربية أخرى، وحتى الشركات المتوسطة والصغيرة ومحال بيع تجزئة وكثير من المطاعم والمقاهي في جميع مدن المملكة أعلنت مقاطعة المنتجات التركية، لتثبت أنها ليست أقل وطنية.

الأصداء الإيجابية السريعة للحملة السعودية، ومشاركة أكبر المراكز والأسواق التجارية، انتقلت سريعاً إلى دول أخرى، منها الإمارات، العراق وليبيا، ونقلت اليونان شعار الحملة إلى اليونانية وعملت على ترويجه وكذلك قبرص، ردا على سياسة أردوغان العدائية واستفزازه الدائم في شرق المتوسط.

وفي تونس، جدد ناشطون الدعوة، لمقاطعة البضائع والمنتجات التركية، التي أغرقت الأسواق وألحقت ضرراً كبيراً بالصناعة المحلية، نتيجة دعم "الإخواني" راشد الغنوشي غير المحدود لكل ما هو تركي، ورأى نشطاء تونس أن مقاطعة كل المنتجات التركية، "ستوقف إغراق البلد بالبضائع العثمانية وتضع حدا لسيطرة أردوغان على السوق التونسية".

أما المملكة المغربية، فكانت أكثر عملية ورسمية، إذ رفعت الضرائب المفروضة على البضائع التركية بنسبة 90 في المئة لمدة 5 سنوات من أجل حماية الاقتصاد المغربي وفرض هيبة المنتجات المحلية في الأسواق.

ولم تكن أرمينيا بعيدة عما يحدث، فهي أيضا نقلت شعار حملة المقاطعة، وأعلنت الحكومة أنها تدرس حظر استيراد المنتجات التركية، نتيجة دعم أردوغان العلني لأذربيجان.

الرواج غير العادي لحملة المقاطعة السعودية، وإنزال البضائع من رفوف الأسواق والمعارض وانضمام دول عدة للمقاطعة، دعت الخبير التركي كاتب أوغلو، إلى التصريح بأن "السعودية هي الخاسر من المقاطعة لو استمرت، لأن المنتج التركي عالي الجودة وسعره معقول، وترتيب البدائل بنفس المواصفات ليس سهلا، ولكن البدائل بالنسبة لتركيا موجودة في دول عدة، وخسارة 6 أو 7 مليارات من السعودية لن تؤثر كثيرا في صادرات تركيا البالغة 176 مليار دولار سنويا".

"ممالك النار" والهذيان التركي القطري
التصريح التركي دفع أنصار أردوغان، في قطر والكويت والذباب الإخواني الإلكتروني، إلى التفاعل عبر وسم "حملة شعبية لدعم تركيا"، لكنه لم يترك أثرا أمام طوفان وسم المقاطعة، ما يؤكد أن لا أحد يصدق أكاذيب ومؤامرات أردوغان، إلا الإخوان وقطر والمستفيدون من استمراره في رئاسة تركيا، ويحلمون معه باستعادة أمجاد الدولة العثمانية الغابرة، كي يصبح خليفة المسلمين، ويسوق لهذا بشعارات دينية كاذبة مثلما فعل أسلافه منذ عثمان أرطغرل وتصوره الدراما والروايات ومن تلاه من الحكام على أنهم عثمانيون فاتحون لنصرة ونشر الإسلام، وهم غزاة محتلون، يهدفون لتوسعة الدولة العثمانية ونهب ثروات الدول العربية.

"مقاطعة المنتجات التركية"، تحول من مجرد هاشتاغ في "تويتر" إلى واقع وخلت المتاجر السعودية من السلع التركية، ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن هيئة الإحصاء السعودية، أن واردات المملكة من المنتجات التركية هبطت في 2019 إلى 9.47 مليار دولار، مقارنة بنحو 12.74 مليار دولار في 2015، وتراجعت الواردات خلال أول 8 أشهر من 2020، بشكل كبير إلى 1.91 مليار دولار، ما يؤكد بوار المنتج التركي في السعودية خصوصا بعد المقاطعة الشعبية.

حملة المقاطعة السعودية أتت ثمارها سريعا وانتقلت إلى الخارج، وبدأ تجار ورجال أعمال أتراك يحذرون من تداعيات توسعها على الاقتصاد، خصوصا في ظل انخفاض سعر الليرة التركية أمام الدولار بشكل غير مسبوق، ومقاطعة البضائع رسالة شعبية بأنه لا يمكن الصمت على استفزازات أردوغان، داعين إلى تغيير لمواجهة ما يحدث".

المقاطعة أسلوب حضاري وسلاح سلمي، تلجأ له الشعوب سيكولوجيا، حتى لو لم تطلب منها الدولة ذلك، وعلينا في مصر أن نلحق بركب مقاطعة المنتجات والسلع التركية، أولا رفضا لسياسة وتجاوزات الإخواني أردوغان، وثانيا وهذا هو الأهم دعما وتشجيعا للمنتج المصري، حتى يتفوق على نظيره التركي، ونستغنى به على أي منتج آخر. 

الجريدة الرسمية