رئيس التحرير
عصام كامل

قدسية اليوم الوطني لمصر

مع كثرة الأيام الوطنية والإجازات الرسمية بدت الحيرة حول اليوم الوطني لمصر  وخاصة مع تغيره بتغير الأحداث، فكانت مصر تحتفل بذكري الاستقلال ثم عيد الجهاد ثم ثورة يوليو وبعدها الجلاء ثم عيد النصر ثم نصر أكتوبر وبعدها ذكري تحرير سيناء حتي وصلنا لذكري ٢٥ يناير وبعدها ٣٠ يونيو..


ثم أصبحت كل المناسبات والأعياد سواء الدينية أو السياسية أو الاجتماعية يوم الخميس من كل أسبوع للضم يومي الجمعة والسبت، وهكذا تم ترحيل إجازة ٦ أكتوبر هذا العام إلى ٨ أكتوبر، مما أدي لإبعاد الحدث عن بؤرة الذاكرة التاريخية الذي يتلوه النسيان ثم الإزالة أو الإذابة وأخيراً التزوير لحساب آخرين، لأن عدم الاحتفاء بها في موعدها يقلل من أهميتها ويشوش علي "الذاكرة الوطنية".

لغز الأجور والأسعار
بينما كانت الآلة الإعلامية الإسرائيلية تقوم بتلقين أبنائها وكثير من شباب العالم مغالطات كبيرة عن حرب أكتوبر، وصلت لأن يزعم نتنياهو النصر بصفاقة ليست غريبة عنه وهو يعلم أن شعبه يعلم كيف تم سحق الجيش الإسرائيلي في الحرب، لكنه يوجه خطابه إلى السذج من المصريين للتشكيك في النصر كنوع من العمليات النفسية، وهذا معتاد منه وربما كان يوجه كلامه إلى السيسي مباشرة ردا على ما قاله الرئيس العام الماضي (فعلناها ونستطيع فعلها كل مرة).

وعلى مدار 70 عاما.. اختلفت قوائم الأعياد والمناسبات المصرية التي تمنح كإجازة رسمية لجميع العاملين ليضاف في عهد كل رئيس مصري أعياد قومية جديدة داخل الأجندة السنوية باحتفالات وطقوس مختلفة، بناء على تغييرات الأحداث السياسية في كل حقبة زمنية. وبعد أن أعلن استقلال مصر عن المملكة المتحدة بموجب معاهدة 1936 أًصبح يوم 26 من شهر أغسطس هو عيد وطني، وقبل ثورة الـ23 من يوليو ظل يوم "الجهاد الوطني" الموافق 13 نوفمبر اليوم الذي توجه فيه جميع الطبقات والفئات من المجتمع المصري لجمع توكيلات لسعد زغلول من أجل تفويضه في مؤتمر باريس لعرض القضية المصرية، هو عيد قومي..

وطوال حقبة عبد الناصر كان الاحتفال بيوم ٢٣ يوليو هو اليوم الوطني وتم غض الطرف عن تاريخ الجهاد والاستقلال ثم كان الاحتفال برحيل آخر جندي بريطاني عن مصر في 18 يونيو عام 1956 بعد إبرام اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا، ورغم أهمية هذا التاريخ الذي يُعتبر في مُعظم بلدان العالم، اليوم الوطني أو "يوم الاستقلال" إلا أنه لم يَحْظَ بهذا الاهتمام في مصر حيث جاء بَعْده بستةِ أشهر "عيد النصر" في 23 ديسمبر عام 1956 حين انتهى العدوان الثلاثي على مصر بالانسحاب، وقد ظلت هذه الذكرى يومًا قوميًا يتم الاحتفال به سنويًا حتى تم نسيانها أيضًا مع الأعياد الأخرى تحت وطأة الأهمية الكبرى لذكرى 23 يوليو..

ونسينا الفلاح وعيده
بينما كان الـ6 من أكتوبر هو العيد الوطني الأهم منذ عام 1974، وفي ظل حكم مبارك أضيفت للأجندة عيد قومي جديد عقب تحرير سيناء واستعادة مدينة طابا، وأصبح يوم الـ25 من إبريل هو عيد وطني لجميع المصريين بعد عام 1982. وفي عهد الرئيس الأسبق عدلي منصور، أضيف عيد ثورة الـ30 من يونيو إلى قائمة العطلات الرسمية، هو ذكرى سقوط حكم الإخوان عام 2013، لتستمر الاحتفالات بثورتي 25 يناير و30 يونيو في ظل حكم الرئيس السيسي..

كثرة هذه الأيام الوطنية يُضعف من تأثير وقوة كل منها حيث أننا إذا نظرنا لدولٍ أخري نجد أن كل دولة تتخذ يومًا وطنيًا واحدًا يتم الاحتفال به كل عام، ولهذا يجب أن نُعيد التفكير في اتخاذ يومٍ وطني رسمي لمصر يمكن ذكره في الدستور مع أقرب تعديل يطرأ عليه، ويتم الاحتفال الرسمي به كل عام مع إلغاء العطلات الرسمية لباقي الأيام أُسوة بما حدث بعد 23 يوليو، وإعتبار هذه الأيام ضمن تراثنا الزاخر بالأمجاد وأيام العِزة دون التوقف كثيرًا عندها بالاحتفال والعطلات الرسمية..

وبما أن ذكرى انتصار السادس من أكتوبر لا يختلف مصري وطني على مدى تأثيرها علينا في العصر الحديث فلماذا لايصبح هو اليوم الوطني، ولنوحد كل هذه الأيام المجيدة في 6 أكتوبر، ويصبح هو العيد الوطني لمصر.
الجريدة الرسمية