رئيس التحرير
عصام كامل

حملة "داعش" على الرسول !!

لم يأتِ سلمانُ رشدي بشيء من عنديَّاته، تقريبًا، وهو يُخرجُ للمتحفزين ضد الإسلامِ "آياته الشيطانية".. ولم يبتكرْ " كابو" رسام "شارلي إبدو"، الذي قُتِلَ في هجمةٍ مسلحةٍ استهدفت الصحيفةَ عام 2015، أفكارَ رسوماتِه الكاريكاتورية التي هاجمَ فيها رسولَ الإسلامِ، وكذلك الحال بالنسبة لمن تابعوه وتنكبوا طريقتَه في سبِّ وقذفِ الإسلامِ ونبيِّه، صلى الله عليه وآله وسلم.


سلمانُ والرسامون نقَّبوا في كتبِ التراثِ، والتفاسيرِ التي نتحفظ على أغلبها، وقرأوا بعض الأحاديث الضعيفة، والتي لا نزال متمسكين بالاحتفاظ بها في تلك الكتب، وقاموا بإسقاط ما استوعبته عقولُهم على سائر سيرة ومسيرة سيِّد الخلقِ، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله.
أبا الزهراء.. شوقًا إلى نظرة
هذا الملف المؤلمُ كتبنا عنه في السابق، ولم يجدّ جديدٌ بشأنه، لكننا لن يتملكنا اليأسُ، ولن يهزمنا القنوطُ. بيْد أن ما يسترعي الانتباه هذه الأيام، هو هبوب ريح عاصفة، وهجمةٌ شرسةٌ ضد جوانب الرحمة والحب والتسامح واللين في شخصية نبينا، نبي الإسلام، صلى الله عليه وآله وسلم، ومِنْ مَنْ؟!! من مسلمين، مثلنا، ينطقون بالشهادتين، بل يحقر أحدُنا صلاتَه إلى صلاتهم، وعبادتَه إلى عبادتهم، ويجيدون تلاوة القرآن الكريم، ويحفظون من الأحاديث النبوية الشريفة ما لا نحفظ، ولربما يظنهم الجاهلون يحبون الله ورسوله أكثر من غيرهم من المسلمين في أصقاعِ الأرض !!

هؤلاء هم من المتأثرين بفكر "داعش" و"القاعدة"، ويروجون لشخصية مختلفة للنبي تلائم أفكارهم الدموية، وتنسجم مع أهدافهم الجنونية، وتدعم هوايتهم المحبَّذةَ في العنف والذبح والقتل، واستعمال السيف والرصاص والقنابل والصواريخ في كل المواضع، ومع كل من لا ينال رضاءَهم !!

والطريقة الغريبة التي يلجأون إليها لتحقيق تلك الأغراض الشاذةِ هي التشكيكُ في الأحاديث الشريفة التي تحضُّ على التراحم، وتحثُّ على التسامحِ، وتحبذُ اللين في التعامل مع الآخرين أيًّا كانت انتماءاتُهم ودياناتُهم، وتعلي من شأن الحبِّ بين الناس، وتجعل كل ذلك من مكارمِ الأخلاق التي تؤهل المسلمَ لدخولِ الجنة!!

شيخ الأزهر.. رائد التجديد في العصر الحديث (1)
إخوان الشياطين أولئك، يخططون، ويسعون بكل شراسة، للترويج لصورة الرسول العنيف، محب القتل وسفك الدماء، مخاطبًا الأصدقاء والأعداء، المؤمنين والكفار، بلغة السيف، والعياذ بالله.. فينشرون حديثين بالذات، هما.. الأول: "بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم".. والآخر: "حديث: (أنا الضحوك القتال)، والذي ذكره "ابن تيمية" في عدة من كتبه كالسياسة الشرعية ودرء التعارض والصارم المسلول وهداية الحيارى ومنهاج السنة، وذكره ابن القيم في زاد المعاد، وذكره ابن كثير في التفسير !!

الحديث الأول يقول عنه الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء: "هو نوعٌ مِن الخبر وليس أمرًا أو تكليفًا". والحديث الثاني يتعارض مع القرآن الكريم، وهو المصدر الأول للتشريع، والذي وصف الرسول الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، بأنه على خلق عظيم، و"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ"، ومع الأحاديث الشريفة التي تصف النبي بأنه "الرحمة المهداة"، وأنه شفيع العباد يوم القيامة.
إذا صحَّ حديثُ السيفِ فهو يبرهن على صحة الاتهام بأن الإسلامَ انتشر بحدِّ السيْفِ.. أما الثاني فيبدو أنه من الإسرائيليات لأنه ليس له سندٌ، وليس بحديثٍ مرفوعٍ.

نستطيع أن نسترسل في دحضِ ادِّعاءات جماعاتِ القتلِ والضلالِ بشأن أحاديثِ العنفِ وسفكِ الدماءِ، لكننا نؤثرُ أنْ نتركَ هذه المهمةَ الجليلةَ ل"الأزهرِ الشريفِ" ودارِ الإفتاءِ، فهما أولى بذلك، وتلك مهمتهما الأساسية، ونأمل أن يتحركا بسرعة.
الجريدة الرسمية