رئيس التحرير
عصام كامل

البطل أبو البطل.. أسطورة حقيقية!

قبل عامين كنت ضيفا على برنامج صباح الخير يا مصر ضمن احتفالات حرب أكتوبر.. شعرت بالخجل عندما عرفت أن ضيفا آخر شريكا في الحلقة هو اللواء حمدي لبيب نائب مدير الشئون المعنوية السابق.. خلق الدنيا كلها فيه وابتسامة مطبوعة على وجهه لا تفارقه..


نخجل من الحديث عن حرب أكتوبر بجوار أحد أبطالها.. وواحد ممن جمعوا تاريخها.. وأحد من أداروا منظومة مهنية ومنضبطة تتحدث نيابة عن المؤسسة الأكثر انضباطا في مصر.. فكيف لنا أن نتحدث إلى جواره.. مهمة شاقة تفاجئنا بها قبل الهواء بلحظات عن حدث لم نعشه إلا مع الاعلام والافلام والاقلام والصحف!
وهنحتفل ب10 رمضان يا إسرائيل!
كان الإعداد ذكيا.. فاختار للواء العظيم الأسئلة التي تتحدث عن القتال وبطولاته وعن المعارك وذكرياتها. واختار أن نتكلم عن الدروس والعبر وعلاقة الحرب بالسياسة.. وانطلقنا!

بطولات عظيمة قدمها أبناء جيشنا العظيم.. رواها اللواء العظيم بفخر لا مثيل له.. حكي وقائع بتواريخها واسماءها.. وكيف لبطل من هؤلاء اضطر أن يضع جسده ليسد فتحة ينطلق منها رصاص لا يتوقف! كان ذلك حلا وحيدا رآه الشهيد وقد كان.. سد الفتحة الملعونة بجسده.. وعبر زملاؤه.. كانوا صائمين وسبقهم هو للشهادة ولم يكن صائما.. كان مسيحيا!

انتهى اللقاء.. وغادرنا معا.. واخترنا أن نهبط عبر الدرج.. سلالم المبنى التاريخي لمدرسة الإعلام العربي.. إلا أننا لمحنا دموعا في عين البطل الكبير. تصورت أنها الذكريات التي استرجعها وشريط الصور الذي حفظته الذاكرة والعيون.. إلا أن التصورات لا تكفي.. وسألته.. لماذا ذلك يا فندم؟ قال بصوت يتمالك نفسه: "تذكرت ابني"..
الاختيار في "رأس العش" و"شدوان"!
قلت: حفظه الله.. ماله؟ قال: استشهد قبل أسبوعين في عملية ضد الإرهاب! صعقني.. قتلني.. بكبريائه.. وقوته.. وراح يحكي.. حتى ارتاح من رائحة الجنة التي استشعرها حوله وذكرته بنعيم استقبل روحه التي سبقته إلى السماء..

أخذنا الكلام.. حتى هدأ وارتاح.. وقبل أن يهدأ.. وبعدها.. سألنا أنفسنا: أي نوع من الرجال هؤلاء.. ذكر عشرات الابطال والشهداء ولم يفكر لحظة على الهواء أن يذكر ولده.. كبده. قلبه وروحه التي سبقته.. معلقة بينه وبينه.. لم يتاجر به. ككثيرين من تجار أي شيء.. ولم يستغل مكانته لإبعاد ابنه عن مواطن الخطر.. ليكون بحق البطل أبو البطل. والبطل ابو الشهيد!!
الجريدة الرسمية