رئيس التحرير
عصام كامل

سد النهضة وأزمة ليبيا والقضية الفلسطينية تتصدر رسائل السيسي الخارجية | فيديو

فيتو
شهد الأسبوع الرئاسي نشاطا خارجيا حافلا حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي جان كابونجو، مستشار رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي سلم الرئيس رسالة من الرئيس تشيسكيدي، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية، وسفيرة الكونغو الديمقراطية بالقاهرة.



وأوضح المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية أن الرسالة تضمنت الإعراب عن دعم الكونغو الديمقراطية لمحددات الموقف المصري تجاه التعامل مع قضية سد النهضة، وكذلك التطلع للتطوير العلاقات الثنائية مع مصر والاستفادة من خبرتها في مجال البنية التحتية والمشروعات التنموية الكبرى. 

وأعرب الرئيس من جانبه عن التقدير لموقف الكونغو الديمقراطية المساند لمصر فيما يتعلق بموضوعات مياه النيل، مؤكدًا أن يد مصر ممدودة للكونغو الديمقراطية ولكل دول القارة للتعاون والبناء والتنمية والسلام، من أجل شحذ الإمكانات الضخمة والموارد الغنية التي تزخر بها الكونغو وجميع الدول الأفريقية الصديقة بهدف تنميتها واستغلالها على النحو الاقتصادي الأمثل لصالح الأجيال الحالية والقادمة من شعوب الدول الأفريقية. 

كما أكد الرئيس اعتزاز مصر بعلاقات التعاون المتميزة مع الكونغو الديمقراطية في شتى المجالات، والحرص على دعم الكونغو الديمقراطية في المجالات التنموية والفنية المختلفة، مع العمل على زيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين بالتوازي مع العلاقات السياسية المتميزة بينهما، مطالبًا سيادته بنقل تحياته لأخيه الرئيس فيلكس تشيسكيدي.

ونقل كابونجو ايضًا، إشادة الرئيس الكونغولي بالمواقف المصرية المساندة للكونغو الديمقراطية في جميع المحافل الدولية والإقليمية، والمساعدات المختلفة التي تقدمها مصر، وآخرها قافلة المساعدات الطبية والدوائية التي تم إرسالها لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا بالكونجو

كما تلقى الرئيس السيسي اتصالًا هاتفيًا من أخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وتم خلال الاتصال استعراض بعضًا من موضوعات علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها، وآفاق مواصلة تطوير هذا التعاون بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.

كما تم تبادل وجهات النظر تجاه مستجدات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وذلك في إطار التشاور المنتظم المتبادل بين الرئيس وسمو الشيخ محمد بن زايد وترسيخًا للعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين التي تعد أحد الركائز المحورية لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة.


واستقبل الرئيس السيسي الفريق أول توت جلواك مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان للشئون الأمنية، وذلك بحضور عباس كامل رئيس المخابرات العامة، والسيد ضيو ماطوك وزير الاستثمار بجمهورية جنوب السودان".

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن "جلواك" نقل للرئيس رسالة من رئيس جمهورية جنوب السودان "سلفا كير"، متضمنةً الدعوة للمشاركة في مراسم التوقيع النهائي على اتفاق السلام بين الحكومة السودانية الانتقالية والحركات المسلحة السودانية، والتي ستعقد في مدينة جوبا مطلع شهر أكتوبر القادم.

وطلب الرئيس نقل تحياته إلى الرئيس سلفا كير، معربًا عن التقدير لدعوة مصر إلى هذا الحدث الهام، وذلك امتدادًا للجهود التي تبذلها مصر دعمًا لاستقرار السودان الشقيق وحرصًا على مقدراته، وما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من روابط تاريخية وعلاقات متميزة.

وعلى صعيد العلاقات الثنائية بين مصر وجنوب السودان، أكد الرئيس عزم مصر على تعزيز التعاون الثنائي وتقديم الدعم لجنوب السودان في كافة المجالات خاصةً التنموية، وذلك للاستفادة من الخبرات المصرية الرائدة في دفع عملية التنمية والبناء، وفي ضوء الإمكانات والثروات الكامنة التي تزخر بها جنوب السودان، وذلك بهدف تلبية تطلعات شعبها نحو مستقبل أفضل.

وشدد الرئيس على أن ترسيخ الأمن والاستقرار هو الركيزة الضامنة لتحقيق البناء والتنمية في جنوب السودان.

ونقل "جلواك" تحيات الرئيس سلفا كير إلى الرئيس، معربًا عن تقدير بلاده الكبير لمصر وشعبها وقيادتها، ومثمنًا التطور المتواصل في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين.

كما استعرض مبعوث رئيس جمهورية جنوب السودان آخر تطورات الأوضاع السياسة في بلاده، مشيدًا في هذا الصدد بدور مصر والجهود التي تبذلها دعمًا لاستقرار المنطقة وجنوب السودان، والتي تأتي في إطار دور مصر المحوري على المستوى الإقليمي وكذلك ما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من روابط تاريخية.

وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد كذلك تبادل وجهات النظر بشأن تطورات عدد من القضايا الإقليمية وفي مقدمتها مياه النيل وآخر تطورات ملف سد النهضة.

كما بعث الرئيس السيسي يبعث برقية تهنئة إلى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بمناسبة اليوم الوطني للمملكة.

وجاء نص البرقية كالتالي:
أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة.

إنه ليسعدني بمناسبة احتفال المملكة بذكرى اليوم الوطني، أن أتقدم إليكم وإلى الشعب السعودي الشقيق بأصدق التهاني القلبية والتمنيات الأخوية.

وأغتنم هذه المناسبة الطيبة كي أشيد بالعلاقات التاريخية الوطيدة وأواصر الأخوة والمحبة التي تربط بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، مؤكدًا على تطلعنا المستمر إلى تقويتها وترسيخها في جميع المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين ولأمتينا العربية والإسلامية.

أخي خادم الحرمين الشريفين، أتمنى لكم التمتع بموفور الصحة والسعادة وللشعب السعودي الشقيق المزيد من التنمية والرخاء في ظل قيادتكم الحكيمة.

مع أسمى اعتباري وتقديري الأخوي..

عبد الفتاح السيسي

رئيس جمهورية مصر العربية.

كما بعث الرئيس برقية تهنئة إلى أخيه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية.

وجاء نص البرقية كالتالي: 
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود
ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء 

وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة

بمناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني للمملكة، يطيب لي أن أبعث إلى سموكم بخالص التهاني القلبية والأمنيات الأخوية. 

وأغتنم هذه المناسبة كي أعرب عن تطلعي بأن تشهد علاقات الأخوة والتعاون المثمر بين بلدينا الشقيقين مزيدًا من النمو والازدهار في السنوات المقبلة بما يحقق المصالح المشتركة لشعبينا الشقيقين ولأمتينا العربية والإسلامية. 

أخي صاحب السمو، أتمنى لكم التمتع بموفور الصحة والسعادة، وللشعب السعودي الشقيق المزيد من التنمية والرقي.

مع أطيب تمنياتي

عبد الفتاح السيسي 
رئيس جمهورية مصر العربية

كما ألقى الرئيس السيسي كلمة أمام الدورة ٧٥ للجمعية العامة للأمم المتحدة:

وجاء نص الكلمة كالتالي: 
يطيب لي في البداية أن أتوجه بالشكر إلى السيد "تيجاني محمد باندي" على جهوده المتميزة كرئيس للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابقة متمنيًا لكم التوفيق في إدارة أعمال الدورة الحالية بحكمة وموضوعية.

يكتسب عقد الشق رفيع المستوى لدورة الجمعية العامة هذا العام أهمية خاصة إذ يتواكب مع الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة ويتزامن مع تعرض العالم أجمع لجائحة فيروس "كورونا" المستجد التي خلفت حتى الآن خسائر بشرية مؤلمة وآثارًا اقتصادية واجتماعية عميقة.

إن مصر بحكم تاريخها وموقعها وانتمائها الأفريقي والعربي والإسلامي والمتوسطي وباعتبارها عضوًا مؤسسًا للأمم المتحدة لديها رؤيتها إزاء النهج الذي يتعين اتباعه لتحسين أداء وتطوير فاعلية النظام الدولي متعدد الأطراف مع التركيز بشكل أخص على الأمم المتحدة.

وأود أن أغتنم هذه المناسبة لكي أستعرض بعض الإجراءات التي تتحرى بشكل عملي تحقيق أهدافنا المشتركة في ركائز عمل الأمم المتحدة الثلاث:

المحور الأول: وفيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين بات من الضروري أن نتبنى جميعًا نهجًا يضمن تنفيذ ما يصدر من قرارات في الأطر متعددة الأطراف مع إيلاء الأولوية لتطبيق القواعد والمبادئ المستقرة والثابتة في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وهو ما يستلزم توافر الإرادة السياسية اللازمة لدى الدول لاحترام وتنفيذ القرارات وتفعيل مهام الأمـم المتحـدة على صـعيدين رئيســيين أحدهما: المتابعة الحثيثة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لمساعدة الدول لتنفيذ التزاماتها وبناء قدراتها مع مراعاة مبدأ الملكية الوطنية، والآخر: العمل على محاسبة الدول التي تتعمد خرق القانون الدولي والقرارات الأممية وبصفة خاصة قرارات مجلس الأمن.

في هذا السياق، لم يعد من المقبول أن تظل قرارات مجلس الأمن الملزمة في مجال مكافحة الإرهاب والتي توفر الإطار القانوني اللازم للتصدي لهذا الوباء الفتاك دون تنفيذ فعال والتزام كامل من جانب بعض الدول وتظن أنها لن تقع تحت طائلة المحاسبة لأسباب سياسية.

ومن المؤسف أن يستمر المجتمع الدولي في غض الطرف عن دعم حفنة من الدول للإرهابيين سواء بالمال والسلاح أو بتوفير الملاذ الآمن والمنابر الإعلامية والسياسية بل وتسهيل انتقال المقاتلين الإرهابيين إلى مناطق الصراعات خاصة إلى ليبيا وسوريا من قبلها.

ويمتد حرص مصر على إرساء السلم والأمن الدوليين ليشمل تجنيب الشعوب ويلات النزاعات المسلحة من خلال إطلاق عمليات سياسية شاملة تستند إلى المرجعيات التي تضمنتها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

فعلى صعيد الأزمة في ليبيا تتمسك مصر بمسار التسوية السياسية بقيادة الأمم المتحدة على أساس الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات ومخرجات مؤتمر برلين و"إعلان القاهرة" الذي أطلقه رئيس مجلس النواب وقائد الجيش الوطني الليبيان والذي يعد مبادرة سياسية مشتركة وشاملة لإنهاء الصراع في ليبيا ويتضمن خطوات محددة وجدولًا زمنيًا واضحًا لاستعادة النظام وإقامة حكومة توافقية ترقى لتطلعات الشعب الليبي.

إن تداعيات الأزمة لا تقتصر على الداخل الليبي لكنها تؤثر على أمن دول الجوار والاستقرار الدولي وإن مصر عازمة على دعم الأشقاء الليبيين لتخليص بلدهم من التنظيمات الإرهابية والمليشيات ووقف التدخل السافر من بعض الأطراف الإقليمية التي عمدت إلى جلب المقاتلين الأجانب إلى ليبيا تحقيقًا لأطماع معروفة وأوهام استعمارية ولى عهدها.

لذلك فقد أعلنا ونكرر هنا أن مواصلة القتال وتجاوز الخط الأحمر ممثلًا في خط "سرت – الجفرة" ستتصدى مصر لـه دفاعًا عن أمنها القومي وسلامة شـعبها كما نجدد الدعوة لكل الأطراف للعودة إلى المسار السياسي بغية تحقيق السلام والأمن والاستقرار الذي يستحقه شعب ليبيا الشقيق.

وإذا كنا ننشد حقًا تنفيذ القرارات الدولية وتحقيق السلام والأمن الدائمين في منطقة الشرق الأوسط فليس أحق بالاهتمام من قضية فلسطين التي ما زال شعبها يتطلع لأبسط الحقوق الإنسانية وهو العيش في دولته المستقلة جنبًا إلى جنب مع باقي دول المنطقة.

لقد استنزف الوصول إلى هذا الحق أجيالًا واستنفد العديد من القرارات إلى حد بات يثقل الضمير الإنساني.

ولا سبيل للتخلص من هذا العبء وفتح آفاق السلام والتعاون والعيش المشترك إلا بتحقيق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية لكي يعم السلام والأمن كل شعوب المنطقة.

إن على المجتمع الدولي تفعيل التزامه بتحقيق السلام الذي طال انتظاره والتصدي للإجراءات التي تقتطع الأرض من تحت أقدام الفلسطينيين وتقوض أسس التسوية وحل الدولتين التي تبنتها القرارات الدولية وقامت عليها عملية السلام والتي بادرت إليها مصر سعيًا إلى تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم.

كما بات الحـل السياسي الشامل للأزمـة السورية أمرًا ملحًا لإطفاء أتون الحرب المشتعلة وتنفيذ كافة عناصر التسوية السياسية وفقـًا لقرار مجلس الأمن رقم (٢٢٥٤) دون اجتزاء أو مماطلة وبما يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسلامة مؤسساتـها وطموحات شعبها والقضاء التام على الإرهاب.

وبالمنطق نفسه، فلقد آن الأوان لوقفة حاسمة تنهي الأزمة في اليمن من خلال تنفيذ مرجعيات تسوية الصراع طبقًا لقرار مجلس الأمن رقم (٢٢١٦) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وبما يحترم الشرعية ويكفل وحدة اليمن واستقلاله ووقف استغلال أراضيه لاستهداف دول الجوار أو لعرقلة حرية الملاحة في مضيق باب المندب.

وفيما يتعلق بموضوع سد النهضة أود أن أنقل إليكم تصاعد قلق الأمة المصرية البالغ حيال هذا المشروع الذي تشيده دولة جارة وصديقة على نهر وهب الحياة لملايين البشر عبر آلاف السنين.

لقد أمضينا ما يقرب من عقد كامل في مفاوضات مضنية مع أشقائنا في السودان وإثيوبيا سعيًا منا للتوصل إلى اتفاق ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد ويحقق التوازن المطلوب بين متطلبات التنمية للشعب الإثيوبي الصديق وبين صون مصالح مصر المائية وضمان حقها في الحياة.

وقد خضنا على مدى العام الجاري جولات متعاقبة من المفاوضات المكثفة حيث بذلت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية جهودًا مقدرة لتقريب مواقف الدول الثلاث من خلال المحادثات التي رعتها بمعاونة البنك الدولي على مدى عدة أشهر كما انخرطنا بكل صدق في النقاشات التي جرت بمبادرة من أخي رئيس وزراء السودان ومن بعدها في الجولات التفاوضية التي دعت إليها جمهورية جنوب أفريقيا بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي إلا أن تلك الجهود لم تسفر "للأسف" عن النتائج المرجوة منها.

إن نهر النيل ليس حكرًا لطرف ومياهه بالنسبة لمصر ضرورة للبقاء دون انتقاص من حقوق الأشقاء.

ولقد أكدت تلبية مجلس الأمن دعوة مصر لعقد جلسة للتشاور حول الموضوع في التاسع والعشرين من يونيو الماضي خطورة وأهمية هذه القضية واتصالها المباشر بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين الأمر الذي يضع على عاتق المجتمع الدولي مسئولية دفع كافة الأطراف للتوصل إلى الاتفاق المنشود الذي يحقق مصالحنا المشتركة إلا أنه لا ينبغي أن يمتد أمد التفاوض إلى ما لا نهاية في محاولة لفرض الأمر الواقع لأن شعوبنا تتوق إلى الاستقرار والتنمية وإلى حقبة جديدة واعدة من التعاون.

أما بالنسبة للمحور الثاني من محاور عمل الأمم المتحدة وهو تحقيق التنمية المستدامة فتؤمن مصر إيمانًا راسخًا بأن دفع جهود التنمية يعد شرطًا أساسيًا لتعزيز السلم والأمن الدوليين ولإقامة نظام عالمي مستقر وهو أفضل السبل لمنع التطرف والحد من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية.

ولقد دعمت مصر اعتماد أجندة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ واضطلعت بدور محوري لدعم جهود السكرتير العام لإصلاح المنظومة التنموية إيمانًا منها بأهمية تعزيز قدرة المنظمة على تحقيق تلك الأهداف الطموحة.

ولعل الأزمة الطاحنة التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا" المستجد تستوجب توفير الدعـــم للــــدول الناميــــة خاصـــة الأفريقية من خلال تقديم حزم تحفيزية لاقتصاداتها وتخفيف أعباء الديون المتراكمة عليها والاستفادة من الأدوات المتاحة لدى مؤسسات التمويل الدولية بما يساهم في خلق بيئة مواتية تساعد تلك الدول على احتواء آثار الجائحة والتعامل مع المشكلات القائمة كالإرهاب، والهجرة غير المنتظمة، ومعالجة أسباب النزاعات.

وفيما يتعلق بالمحور الثالث لعمل الأمم المتحدة تحظى الأجندة الدولية لحقوق الإنسان بأهمية متزايدة لما لها من تأثير مباشر على تعزيز بناء الإنسان وتحسين مستوى الخدمات المقدمة له والحفاظ على حقوقه ضمانًا لتمتعه بحياة كريمة وللتعامل مع التحديات التي تواجهه على كافة المستويات وهو ما يعضد في الوقت نفسه استقرار المنظومة الدولية.

فلقد شرعنا في تعزيز مسيرتنا في مجال حقوق الإنسان على كل الأصعدة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، إيمانًا منا بضرورة التكامل بينها في ظل ما تضمنه الدستور المصري وتعديلاته من مواد تضمن الحقوق والحريات وحقوق الأجيال القادمة وتنشئ مجلس الشيوخ ودوره في دعم النظام الديمقراطي وتكفل للمرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية حيث يخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع عدد المقاعد بمجلس النواب فضلًا عن تنظيم عمل مؤسسات الدولة وأجهزتها والفصل بين السلطات وتكريس مبدأ تداول السلطة.

كما تعددت أوجه العمل على تعزيز المواطنة وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص دون تمييز لأي سبب إلى جانب جهود تمكين المرأة المصرية ومكافحة مظاهر العنف ضدها بكافة أشكاله والدعوة لتجديد الخطاب الديني وتأكيد حرية العقيدة واضطلاع الدولة ببناء دور العبادة دون تفرقة فضلًا عن تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة والاستثمار في الشباب لاسيما من خلال إدماجهم في عملية صنع القرار وإقامة حوارات مباشرة معهم من خلال منتديات الشباب الدورية وتنفيذ مبادرات تدريب وتأهيل الشباب للمشاركة الفعالة في العمل العام.

أما على الصعيد الاقتصادي واتساقًا مع المنظور الشامل لرؤية "مصر ٢٠٣٠" فالحق أنه لولا الدعم الذي أولاه شعب مصر إلى مؤسسات الدولة لما كان ممكنًا اجتياز المراحل الصعبة والمضنية لبرنامج الإصلاح الهيكلي والذي كان لنجاحه إسهام كبير في تحصين الاقتصاد وتحجيم خسائره جراء جائحة فيروس "كورونا" كما أننا من بين عدد قليل من الدول التي استطاعت تحقيق معدلات إيجابية للنمو رغم الجائحة بالإضافة إلى السيطرة على معدلات التضخم وتراجع البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ عشـرين عامـًا فضلًا عن إقامة المشروعات القومية الكبرى في مجالات البنية الأساسية وتوفير المسكن اللائق والطاقة إلى جانب صياغة برامج اجتماعية تستهدف من هم أقل دخلًا لتوفير الحماية اللازمة لهم وتخفيف آثار الإصلاحات عليهم وكذا التركيز على أولوية الرعاية الصحية باعتبارها حقًا رئيسيًا من خلال تبنى العديد من المبادرات والبدء في تنفيذ مراحل برنامج التغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين المصريين وهي كلها الجهود التي تعد إسهامًا مباشرًا لصون حق المواطن في عيش كريم.

ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أننا، وفي خضم كل ما سبق ودون متاجرة أو ابتزاز لم نقصر أبدًا في أداء واجبنا الإنساني إزاء نحو ستة ملايين مهاجر ولاجئ ممن اضطروا لمغادرة بلادهم بسبب الحروب والأزمات السياسية والظروف الاقتصادية الصعبة وتستضيفهم مصر حاليًا على أرضها وبين شعبها حيث يتمتعون بكافة الخدمات التي تقدمها الدولة للمصريين دون ما أي عون أو دعم يعتد به من شركائنا الدوليين رغم الأهمية التي يعلقونها على حقوق هؤلاء المهاجرين.

من الضروري أن نعمل على معالجة مسألة التمثيل الجغرافي العادل في مجلس الأمن ليكون أكثر تعبيرًا عن واقع عالمنا اليوم وعن موازين القوى الراهنة والتي تختلف كثيرًا عما كانت عليه إبان وقت صياغة المنظومة الدولية.

وتؤكد مصر على أهمية توسيع المجلس في فئتيه الدائمة وغير الدائمة بما يعزز من مصداقيته ويحقق التمثيل العادل لأفريقيا لتصحيح الظلم التاريخي الواقع عليها والاستجابة لمطالبها المشروعة المنصوص عليها في توافق "أوزلوينى" وإعلان "سرت".

إن مواجهة التحديات الجسيمة الناجمة عن تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد فضلًا عن المشكلات الإقليمية والدولية القائمة تحتم علينا ضرورة إعلاء مبدأ التعاون والتضامن الدولي لمواجهة تلك التحديات أكثر من أي وقت مضى وتجنب التناحر والاستقطاب.

وإذا كان "الأمل يولد من الألم" فلعلنا نجد في الأزمة الراهنة ما يدفعنا لبث روح جديدة في جهودنا الحثيثة لتفعيل العمل الدولي متعدد الأطراف ودور الأمم المتحدة كقاطرة له.

إن مصر، كعضو مؤسس لهذه المنظمة وبما لها من إسهام في صناعة الحضارة الإنسانية منذ فجر التاريخ لن تدخر جهدًا في سبيل تحقيق رؤية التجديد والإصلاح بناء على اقتناع راسخ ويقين ثابت أن "الأرض تسع الجميع" طالما كان نبذ الصراعات، وصنع وبناء السلام، والتعاون الدولي هي الأسس الحاكمة للعلاقات بين الدول والشعوب من أجل تحقيق التنمية والأمن والاستقرار والرفاهية للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء.

وتسلم الرئيس أوراق إعتماد 15  سفيرا جديدا حيث رحب الرئيس بالسفراء الجدد، مؤكدًا حرص مصر على تعزيز علاقات التعاون مع دولهم في جميع المجالات من أجل البناء والتنمية، وذلك في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ولما فيه الخير والتقدم لشعب مصر ولشعوب تلك الدول وللإنسانية جمعاء.


واستقبل الرئيس السيسي كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وذلك بحضور السيد عباس كامل رئيس المخابرات العامة.

وعقد اللقاء في سياق الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الأمن والاستقرار للدولة الليبية الشقيقة ودعم شعبها في الحفاظ على سلامة ومقدرات بلاده في مواجهة التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة، وتقويض التدخلات الخارجية.

ورحب الرئيس في بداية اللقاء بالقادة الليبيين، مؤكدًا على موقف مصر الثابت من دعم مسار الحل السياسي للأزمة الليبية بعيدًا عن التدخلات الخارجية، والترحيب بأية خطوات إيجابية تؤدي إلى التهدئة والسلام والبناء والتنمية.  

واطلع الرئيس خلال اللقاء من المسئولين الليبيين على كافة التطورات الأخيرة في ليبيا والتفاعلات الدولية ذات الصلة، وجهود كافة الأطراف لتنفيذ وقف إطلاق النار وتثبيت الوضع الميداني من جهة، كما اطلع على الجهود الليبية لدفع عملية السلام برعاية الأمم المتحدة من جهة أخرى.

وأضاف المُتحدث الرسمي بأن الرئيس رحب بنتائج كافة الاجتماعات الدولية والإقليمية التي عُقدت خلال الفترة الماضية والتي أكدت على إرساء السلام وتفعيل مسارات الحل السياسي الشامل.

كما أثنى الرئيس على الجهود والتحركات التي قام بها المستشار "عقيلة صالح" لدعم المسار السياسي وتوحيد المؤسسات التنفيذية والتشريعية في ليبيا، كما ثمن سيادته موقف المؤسسة العسكرية بقيادة المشير "خليفة حفتر" في مكافحة الإرهاب والتزامه بوقف إطلاق النار، داعيًا كافة الأطراف للانخراط الإيجابي في مسارات حل الأزمة الليبية المنبثقة من قمة برلين برعاية الأمم المتحدة (السياسي، الاقتصادي، العسكري والأمني) و"إعلان القاهرة" وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستتيح للشعب الليبي الاستقرار والازدهار والتنمية.

وأعرب الرئيس عن ترحيب سيادته بالتعاطي الإيجابي الملموس لكافة الأطراف سواء في شرق أو غرب ليبيا مع آليات حل الأزمة، داعيًا كافة الأطراف الليبية لتوحيد مواقفهم للخروج من الأزمة الراهنة وإعلاء مصلحة الوطن فوق كافة الاعتبارات.

وأوضح المُتحدث الرسمي بأن المسئولين الليبيين أعربا عن تشرفهما بلقاء السيد الرئيس وذلك من منطلق تقديرهما الكبير للدور المصري المحوري والبالغ الأهمية بقيادة السيد الرئيس في تثبيت دعائم السلم وتحقيق الاستقرار في ليبيا وصون مقدرات الشعب الليبي والعمل على تفعيل إرادته، فضلًا عن دعم مصر لجهود المؤسسات الليبية في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة وإعادة إطلاق العملية السياسية بمشاركة القوى الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الليبي.
الجريدة الرسمية